خاص شدة قلم: في زمن القحط.. بذخ لبناني “لناس وناس”!

عشية العيد أعاده الله على اللبنانيين عموماً بالخير والسعادة وراحة البال.. وبعد طول غياب لظروف مُعيّنة.. أكاد أُصدم بشكل يومي بمّا تراه العين وتسمعه الأذن.. من خبريات وحكايات البذخ والترف في زمن القحط.. وقلة ذات اليد وموت اللبنانيين “سكتة قلبية” أمام “كونتوارات المصارف.. أو بانتظار دور في طابور ذل لأي شيء كان.. سواء المحروقات التي تغيب حكاياتها وتعود للبروز كلما شاء أصحاب المشيئة الشيطانية.. إلى الدواء ورحلات الموت المجانية من صيدلية إلى أخرى.. وبالآخر غني أو فقير ما في دوا إلا بالواسطة.. وعلى هذا نقيس الماء، والكهرباء، والطعام…

ولكن الأكثر “عُهراً” من حاكم ظالم وحاشية طاغية.. أو زعماء حروب وأحزاب يتمسّحون بالدين أو بالمدنية.. هم شعب يسرق أخيه تحت ذريعة “شو وقفت عليي”.. إذ اندثرت ورقة الألف ليرة من التعامل.. فما عاد هناك أي شيء يمكن شراءه بها إلا ما ندر.. ومثلها اندثرت العديد من الأدوية.. لتعود وبقدرة قادر إلى الظهور وقد تضخّمت أسعارها مئات المرّات.. ووجع الناس “آخر الهموم”.. بل تراه “يشكو وينق”.. وهو لص “على قدّه”.. يتماهى بحاكمه الظالم ليظلم مواطنه..

وبعيداً عن الأساسيات التي لن أغوص في الحديث عنها.. كونها أصبحت “عملة نادرة” لا تتوفّر إلا “بطلوع الروح”.. إذا ما طلعت الروح قبل توفرها.. فإنّ الحديث عن الكماليات شأن آخر.. إذ تفاجأت فعلاً بأماكن السهر العامرة “عن بكرة أبيها”.. حيث بلغ الزحام درجة تذكرنا بأيام البحبوحة عندما كان الزبائن ينتظرون مغادرة من سبقوهم للحصول على طاولة.. ومنها إلى أماكن لعب الأطفال ذات الأسعار الباهظة.. فإنّها ممتلئة بشكل مُخيف من الكبار والصغار.. أما الأسعار هناك وهناك وهنالك فحدّث ولا حرج.. تتجاوز راتب الشهر لموظف لا يزال يرزح تحت وطأة حدٍّ أدنى أدنى من مستوى موس الحلاقة على الأرص الملساء..

وبين الفقر والعوز والثراء والفحش.. يطل علينا التفشي “الكوروني” ممن يتجمّعون “فوق بعضهم”.. سواء في طوابير الذل أو تجمعات “الهيصة”.. وبين دخان النراجيل وروائح الأنفاس المقزّزة من أفواه لا تغطيها الكمّامات.. ويستعيد الوباء مجده ويُحلّف إصابات ووفيات.. وتواصل نقابات التمريض والأطباء والمستشفيات رفع الصوت: “ارحمونا الله لا يرحمكم”.. ولكن حدّث ولا حرج.. شعب “بهيم”، نازحون ولاجئون (…) .. وسلطات عامرة بالأغبياء..

وأعود.. أعود إلى منضدتي لأكتب مشهدياتي.. “لا شيء معي إلا كلمات” على رأي العظيم نزار قباني.. فتراني أتحدث كالمتسوّل الواقف أمام واجهة محل الطعام.. “شم ولا تدوق” كحال الطغمة الكبرى من شعب أقصى همّه أصبح تأمين اللقمة والدواء.. تاركاً للمتربصين بغده حريّة التصرّف بأوضاع بلد أصبح على هامش الزمان..

 

اللهو في لبنان... أكلاف باهظة وتزداد

مصطفى شريف – مدير التحرير

مقالات ذات صلة