محطة أبوية وعاطفية: من وليد الى تيمور.. ليبقى الرجال وتبقى المختارة!!
لم يكن مفاجئا فوز النائب تيمور جنبلاط بالتزكية برئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي خلفا لوالده النائب السابق وليد جنبلاط الذي كرّس نجله في المؤتمر العام الـ49 الذي عقد أمس في عين زحلتا، زعيما لدارة المختارة بتخليه عن آخر مسؤولياته في رئاسة الحزب وذلك بعد النيابة التي آلت الى تيمور في العام 2018.
إستكمل وليد جنبلاط ما بدأه في 19 آذار 2017 عندما سلم نجله كوفيه دارة المختارة في الذكرى الأربعين لاستشهاد المعلم كمال جنبلاط، وحرص على تقديمه بعد إلقائه كلمة الثوابت، بـ”الرفيق تيمور حضرة الرئيس الكلمة لك”، وذلك في إشارة واضحة الى إنطلاق عهد جديد في الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة الجيل الثالث الذي سيكون له رؤيته وحضوره وممارسته السياسية فضلا عن روح الشباب التي يبدو أن جنبلاط الابن يسعى الى تكريسها في الحزب من دون الاستغناء عن الكبار للاستئناس بآرائهم عند الشدائد، ومن دون الخروج من تحت عباءة جنبلاط الأب الذي أكد نجله بأنه “سيبقى القدوة والمثال والمرجع والملهم والرمز”.
مع تيمور كما مع وليد، فإن ثوابت الحزب التقدمي الاشتراكي ستبقى على ما هي عليه، خصوصا أن جنبلاط الأب رسم في كلمته خارطة طريق سياسية لجهة إستمرار التحالف مع من أسقطنا معه إتفاق 17 أيار، والنضال من أجل عروبة لبنان، والقضية الفلسطينية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإعتماد الحوار كسبيل وحيد للوصول الى التسوية وتكريس المصالحة، ورفض التقسيم أو الفيدرالية، وقد تبنى جنبلاط الابن هذه الثوابت، مجددا العهد لفكرة كمال جنبلاط الانسانية الحرة الجامعة والمتنوعة.
بدا من خلال التشكيلة الجديدة لقيادة الحزب، بأن تيمور جنبلاط عمل بوضوح لكي يأتي بفريق عمل قادر على الانسجام معه، لكنه حافظ على التقليد المتبع بأن يكون نائبا الرئيس من غير الدروز، ففازت حبوبة عون (مارونية) وزاهر رعد (شيعي)، في حين آثر وليد صفير (ماروني من دير القمر وعضو مجلس القيادة السابق ويتولى العلاقات المسيحية في الحزب) أن يسحب ترشيحه قبل إنطلاق الانتخابات، لتذهب الأمور نحو التزكية، فيما أبقى جنبلاط على ظافر ناصر أمينا للسر كإعتراف بنجاحه خلال الفترة الماضية.
واللافت أن تيمور كسر عرف أن يقوم رئيس الحزب بتعيين أربعة أعضاء في مجلس القيادة بعد الانتخابات، حيث لم يُصدر أي قرار بتعيين أي شخص وإكتفى بنتائج الانتخابات التي حملت ثمانية أعضاء الى مجلس القيادة نصفهم من الذكور هم: محمد بصبوص، نشأت الحسنية، كامل الغصيني، ومحمد سعد إدريس، ونصفهم الآخر من الاناث هنّ: لمى حريز، ريما صليبا، مروى أبو فراج، ورينا الحسنية، وذلك، تماشيا مع توجهات تيمور في تعزيز دور المرأة في الحزب وإعطائها المزيد من المهام، إضافة الى الأعضاء الحكميين وهم النواب المنتسبين الى الحزب: أكرم شهيب، بلال عبدالله، وائل أبو فاعور، هادي أبو الحسن، وفيصل الصايغ.
تبدأ المختارة اليوم عهدا جديدا، سيكون له إنعكاساته على الواقع السياسي اللبناني، وعلى الاستحقاقات الداهمة، خصوصا لجهة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية الذي تقول المعلومات أن وليد وتيمور جنبلاط يقتنعان بأنه عاد الى المربع الأول، وبالتالي فإن التصويت لجهاد أزعور كان لمرة واحدة، ويحتاج الى قرار جديد في حال أصر الفريق المسيحي على الاستمرار بترشيحه.
من المؤكد أن تيمور جنبلاط سيحافظ على العلاقات المتوازنة التي كرسها والده، بما يحفظ أمن الجبل الذي يعتبر خطا أحمر، ويحافظ على السلم الأهلي والعيش المشترك في البلاد، مع إلتزام التحالف مع الرئيس نبه بري.
ويبدو أن وليد جنبلاط لم يشأ تحميل نجله أعباء إضافية في ملف العلاقة مع سوريا حيث إكتفى في كلمته بالغمز من قناة قيادتها، ما قد يفتح الباب مستقبلا أمام تيمور لتبادل الرسائل الايجابية مع دمشق على ضوء الانفتاح العربي تجاه سوريا.
شكل المؤتمر الـ49 للحزب التقدمي الاشتراكي محطة أبوية وعاطفية من كمال لوليد ومن وليد لتيمور، حيث النضال والمبادئ والتضحيات ليبقى الرجال وتبقى المختارة.
غسان ريفي- سفير الشمال