التيار الوطني الحر يؤمن النصاب لجلسة تشريع الضرورة والقوات والكتائب ومعارضون يقاطعون
لم ينسحب التقاطع المرحلي بين قوى المعارضة والتيار الوطني الحر على المرشح جهاد أزعور على مقاطعة الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري وسط سجال حول دستورية الدور التشريعي للمجلس في ظل الشغور الرئاسي. وبعد تساؤلات حول مصير الجلسة جاء قرار التيار الوطني الحر بالمشاركة فيها ليكمل نصابها تحت عنوان عدم حرمان الموظفين في القطاع العام وأساتذة الجامعة اللبنانية من رواتبهم وفصل ملف رواتب الموظفين عن الخلافات السياسية، وبالتالي أمّن نواب “تكتل لبنان القوي” نصاب جلسة تشريع الضرورة، في حين قاطعها نواب “تكتل الجمهورية القوية” والكتائب و”تجدد” وعدد من المستقلين والتغييريين على اعتبار أن المجلس النيابي هيئة ناخبة فقط ولأن اقرار زيادات من دون موازنة غير دستوري.
ولم تدم الجلسة التشريعية أكثر من نصف ساعة تم في خلالها إقرار اقتراحي قانونين: الاول يرمي إلى فتح اعتمادات في موازنة عام 2023 قبل تصديقها بقيمة 37 ألف مليار و409 ملايين ليرة لبنانية تخصص لاعطاء تعويض مؤقت لجميع العاملين في القطاع العام وللمتقاعدين الذين يستفيدون من معاش تقاعدي، اضافة إلى زيادة تعويض للنقل المؤمن لجميع الموظفين في القطاع العام. والاقتراح الثاني يتعلق بفتح اعتماد بقيمة 265 مليار ليرة لتغطية نفقات اعطاء حوافز مالية بدل نقل لاساتذة الجامعة اللبنانية لتمكينها من استكمال العام الجامعي 2022 -2023. وحضر الجلسة حوالى 70 نائباً من كتلة “التنمية والتحرير”، “الوفاء للمقاومة”، “اللقاء الديموقراطي”، “اللقاء التشاوري المستقل” والذي يضم ايضاً كتلة “الاعتدال الوطني”، “التوافق الوطني”، “لبنان القوي” و”التكتل الوطني”.
بري
وفي كلمة في مستهل الجلسة قال الرئيس بري “هناك من يرى في الدستور ألا تجتمع الحكومة والمجلس النيابي، وألا يعمل المجلس ولا يشرّع، واذا اردنا ان نرد على هؤلاء فلا نعمل”.
واعتبر النائب الياس بوصعب “ان الصورة تعبّر عن الشرخ، فهناك نواب لم يحضروا الجلسة”، وقال للرئيس بري “دولة الرئيس انت تراعي الظروف، اما الحكومة فحدّث ولا حرج”.
من ناحيته، أوضح رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي “ان الاعتمادات مؤمنة لهذين الاقتراحين، وهناك ايرادات مؤمنة في الموازنة”، معتبراً “أن مجلس الوزراء يقوم بدوره ليسير عمل الدولة ولا يمرّر شيئاً غير ضروري”.
وبعد إقرار الاقتراحين، طُرح اقتراح قانون لفتح اعتماد اضافي لوزارة الصحة بقيمة 4 آلاف مليار ليرة، إلا أن النائب الان عون قال “الاقتراح المتعلق بوزارة الصحة لا يجوز اقراره من دون دراسته. ونحن كتكتل أخذنا موقفاً بأن تكون مشاركتنا محصورة بهذين البندين”، فأحال بري الاقتراح إلى اللجنة المختصة، ورفع الجلسة.
وبرّر نواب التيار الوطني الحر مشاركتهم في الجلسة من خلال النائب ابراهيم كنعان الذي يترأس لجنة المال والموازنة بقوله “السقف الوحيد الذي أتى بنا إلى الجلسة والموافقة على الاعتماد هو حقوق 400 الف عائلة من عسكر وموظفين ومعلمين وضعتهم الازمة تحت الارض والدولة معلّقة على هؤلاء”، سائلاً “هل يجوز لنا بخلافاتنا الدستورية والسياسية ان ندفّع الثمن للناس؟ هذه الملفات يجب ان تسحب من التجاذب السياسي”. وأضاف “كان يفترض بموازنة 2023 أن تصلنا في أيلول/سبتمبر 2022 وأن يناقشها المجلس النيابي ويبتها دستورياً قبل نهاية 2022”.
جعجع
في المقابل، رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في بيان “ان النواب الذين ادعوا أن مشاركتهم في الجلسة هي لتجنيب موظفي القطاع العام انقطاعاً برواتبهم، لا يقولون الحقيقة، إنما يتذرعون بحجة لتبرير انعقاد هذه الجلسة، إذ إن الاعتمادات الإضافية التي أقرّتها هذه الأخيرة، كان يمكن وبسهولة للحكومة إقرارها، كما أقرّت العديد من الاعتمادات في السنة المنصرمة”. واضاف جعجع “أما إذا قال قائل، إن الحكومة لا تستطيع صرف اعتمادات إضافية لأن احتياط موازنة 2023 قد نفد، فالإشكالية نفسها، تُطرح في ما شرع المجلس النيابي إليه، باعتبار أنه فتح اعتماداً في موازنة غير موجودة هي موازنة 2023 وبالتالي، كان بإمكان مجلس الوزراء أن يفتح هذه الاعتمادات التي أقرّها المجلس اليوم وقوننتها حين تتوافر الظروف لذلك، أي حين يُرسل هذا المجلس موازنة 2023 إلى البرلمان”. وختم “الخلاصة هي أن جلسة اليوم هي من صُنع معرقلي انتخاب رئيس جديد للبلاد. أما الحل الفعلي لمشاكلنا، فيكمن في البدء بملء سدة الرئاسة وليس بالافتئات على الدستور والقوانين لتمرير قرارات بشكل غير مدروس، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من تأزيم الوضع في لبنان”.
وسبق الجلسة بيان صباحي لقوى المعارضة استغربوا فيه “دعوة الرئيس بري إلى جلسة تشريعية وكأن شيئاً لم يكن بعد تعطيل الجلسة الثانية عشرة لانتخابات رئاسة الجمهورية من قبل فريق الممانعة”. واشار نواب المعارضة إلى “أن موقفنا المتمثل بعدم حضور جلسات تشريعية نابع من منطلق مبدئي ودستوري، كما وهو اليوم حماية لحقوق اللبنانيين عامة وموظفي القطاع العام خاصة، فالمجلس النيابي، الذي يصادر رئيسه ارادته سعياً إلى التطبيع مع الفراغ، لا يمكنه التشريع في ظل شغور موقع رئاسة الجمهورية بحسب الدستور، وهو يعد هيئة ناخبة حصراً حتى انتخاب الرئيس”. وبعد اعتبارهم الجلسة “غير دستورية” رأوا أن “المطروح اليوم يعيدنا إلى نفس المنطق الذي بدأ منذ اقرار سلسلة الرتب والرواتب غير المدروسة التي سرّعت بالانهيار، مروراً بالزيادات الاخيرة العشوائية غير الممولة على رواتب واجور القطاع العام والتي أدت إلى تضخم كانت نتيجته تدني القيمة الشرائية لهذه الرواتب إلى اقل من النصف”.
لودريان
على المقلب الرئاسي، وقبل يومين على وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، يراهن الفريق الداعم ترشيح سليمان فرنجية على قيام السعودية بفتح الأبواب الموصدة لدى كتل وشخصيات نيابية، من اجل تثبيت التسوية التي تحمل فرنجية إلى بعبدا مقابل الاتيان برئيس حكومة إلى السرايا الحكومية. واللافت في هذا الاطار، قيام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بزيارة خاطفة إلى قطر لإجراء محادثات حول آخر المستجدات الرئاسية في ضوء أنباء تفيد أن مسؤولين قطريين يشجّعون على خيار مرشح ثالث بدل فرنجية وأزعور مع أفضلية لقائد الجيش العماد جوزف عون.
بالموازاة، لفت البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى “أن مرضنا هو نتيجة خلافاتنا وصراعاتنا وتشتتنا”، لكنه نوّه “ببوادر الوحدة التي ظهرت بين اللبنانيين وهلّل بها الرأي العام، حيث كانوا يطالبون المسيحيين ان يوحدوا كلمتهم حول مرشحهم الرئاسي، وهذا ما حصل وكان الامر فخر لنا”. وتمنى الراعي في احتفال تكريمي اقامه المهندس هنري صفير في دار التلة “ان يوحّد المسيحيون كلمتهم حتى تتسع هذه الوحدة لكل مكونات الوطن”. وقال “لا اخاف على لبنان، لكن اخاف ان يسمح بعض اللبنانيين خاصة اصحاب النفوذ لأنفسهم الاستمرار في العبث بقيمة لبنان ونظامه الديموقراطي ودستوره وشعبه وكرامته ودوره ورسالته”، مشدداً على ان “لا احد منا يريد ان لا يستعيد لبنان دوره ورسالته خاصة وانه لا يخص احداً بل يخص كل الشعب اللبناني والتاريخ والحضارة العالمية والمجموعة الدولية، لا احد ولا أي فريق أكان قوياً او ضعيفاً يمكن ان يعتبر يوماً ان لبنان يخصه حصراً، كلنا مؤتمنون على لبنان”.
القدس العربي