مواجهة بين فرنسا والسعودية من جهة وبين أميركا وقطر من جهة ثانية… في الملف الرئاسي!
الرئاسة اللبنانية في ميزان التعاون الفرنسي ـ السعودي والتقاطع الأميركي ـ القطري!… غسان ريفي
يصل المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت يوم الأربعاء المقبل على وقع تمنيات التيارات السياسية بأن تحمل جعبته ما يصب في تحقيق مصالحها، لذلك، فإن ثمة قراءات مختلفة للدور الفرنسي المستجد مع لودوريان بما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي حيث تسعى كل جهة الى ترويج ما يخدم توجهاتها، لا سيما قوى المعارضة التي توحي بأن تعيين لودريان بدلا من باتريك دوريل يعني تخلي فرنسا عن رغبتها بوصول سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية.
لا شك في أن الجلسة النيابية الـ12 أظهرت أن موازين القوى ما تزال متكافئة خصوصا بعد المفاجآت التي قلصت الـ 67 صوتا لأزعور الى 59، ورفعت الـ44 صوتا لفرنجية الى 51، ما يؤكد أن أصوات أزعور التي جرى لملمتها بالضغط والتهديد معرضة للتناقص بعدما أدت بعض الكتل النيابية “قسطها للعلى” في السير الى جانب الاجماع المسيحي، فيما أصوات فرنجية المبنية على قاعدة ثابتة قابلة للارتفاع يوما بعد يوم.
أمام هذا الواقع، فإن فرنسا وكذلك السعودية لا تتعاطيان مع الشؤون اللبنانية من منطلق شخصي أو مصلحي، بل تحترمان الواقعية السياسية التي تُقدم مرشحا جديا أثبتت الجلسة الـ12 بالتجربة أنه عصيّ على الكسر، وأن الفريق الداعم له متمسك به الى أقصى الحدود.
ويبدو أن فرنسا والسعودية قد أخلت ساحة الجلسة الأخيرة (12) الى أميركا وقطر اللتين تشير المعلومات الى أنهما بذلتا مجهودا كبيرا بالمباشر وعبر وسطاء، في سبيل تجميع أصوات النواب لمصلحة جهاد أزعور عبر الاتصالات الليلية والضغط الهائل الذي تحدث عنه بعض النواب، من أجل إيجاد توازنات جديدة لمصلحة أزعور تساهم في تثبيت ترشيحه وتؤدي الى إضعاف فرنجية، لكن الأصوات النيابية سارت بعكس ما إشتهت الرغبات الأميركية والقطرية، ولعل مغادرة النائب جبران باسيل الى قطر يوم أمس للقاء المسؤولين هناك، يشكل مزيدا من الاستدراج الاقليمي الدولي الى الملف الرئاسي الذي يخشى كثيرون من أن يؤدي الى مواجهة بين فرنسا والسعودية من جهة، وبين أميركا وقطر من جهة ثانية.
وهنا، لم يعد مستغربا أن يتخلى جبران باسيل عن تفاهم مار مخايل مع حزب الله، وأن يعرّض كتلته النيابية للتصدع، وتياره للانقسام وأن يهدد بمعاقبة نوابه الذين لم يلتزموا بالتصويت لأزعور الى حدود طردهم من التيار، في حال كانت هناك وعودا أميركية برفع العقوبات عنه، أو إغراءات كثيرة أخرى.
ويبدو واضحا أنه بعد فشل المسعى الأميركي ـ القطري في الجلسة الـ12 التي يؤكد مسارها أن فرنسا والسعودية وقفتا فيها على الحياد وترجم ذلك بخيارات أخرى لـ 18 نائبا بينهم عدد لا يستهان به من النواب السنة الذين غالبا ما يتأثرون بالموقف السعودي، يأتي الموفد الفرنسي الى لبنان بعد اللقاء الذي عقد بين الرئيس ماكرون والأمير محمد بن سلمان في السعودية، لاستئناف المشاورات مع التيارات السياسية بهدف تسريع إنهاء الشغور الذي تحدث عنه بيان ماكرون بن سلمان.
تشير مصادر سياسية مطلعة الى أن فرنسا لم تبدل من موقفها تجاه الملف الرئاسي اللبناني، وهي تابعت بإهتمام بالغ التفاصيل الدقيقة للجلسة النيابية الـ12 التي قد ينطلق منها لودريان في مهمته اللبنانية بالتأكيد على أن لا مفر من الحوار بين الكتل النيابية للوصول الى قواسم مشتركة، وأن على الجميع أن يقرأ جيدا المتغيرات في المنطقة والتي من المفترض أن يواكبها لبنان برئيس يستطيع محاكاة التفاهمات والمصالحات الاقليمية، وقادر على حل الملفات العالقة مع سوريا، فمن غير المنطقي أن تعود سوريا الى جامعة الدول العربية وأن يأتي في لبنان رئيس على عداء معها.
وفي هذا الاطار، يتهكم مرجع سابق على بعض الكتل النيابية التي “تفطر وتتغدى وتتعشى سيادة وحرية وإستقلال ثم تخضع للاملاءات الأميركية ـ القطرية بإنتخاب جهاد أزعور وتعلن ذلك صراحة، ولا تنام الليل بإنتظار قدوم لودريان لمعرفة التوجهات الفرنسية ـ السعودية”.
غسان ريفي- سفير الشمال