رسالة حزب الله إلى باسيل: انتخابات نيابية مبكرة و”لوحدك”!
تنقسم القوى السياسية في لبنان بين معسكرين كبيرين، لا يبدو أن جمعهما سيكون مهمة سهلة. فبعد الخلافات العميقة حول “مستقبل لبنان”، والصراعات التي بدأت عام 2005 ولم تنته، طلّت طروحات جريئة برأسها. فالبعض يهدّد بالطلاق، وغيره يُنادي بالتقسيم أو الفيدرالية، وقبله مناداة بتغيير النظام. واليوم طرح جديد قد يكون اخفّ وطأة من كل ما سبق، وهو طرح الانتخابات النيابية المبكرة.
خرج نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب من عين التينة ليقول: “تمنيت على برّي أن نبدأ بالتفكير بانتخابات نيابية مبكرة، إذا عجِز المجلس الحالي عن انتخاب الرئيس. وبرّي لم يعترض على هذا الكلام، وقال لنرى ما سوف يحصل في الفترة المقبلة” (راجع “المدن”). فما هي دلالات هذا الكلام؟
رسالة الى باسيل؟
لم يعلّق رئيس المجلس النيابي نبيه برّي على كلام بو صعب. فبحسب مصادر مطلعة على موقف الثنائي الشيعي، فإن حل الانتخابات النيابية المبكرة قد يكون مطروحاً بالمرحلة المقبلة، طالما أن العقم بالمجلس الحالي الذي ظهر عند انتخاب الرئيس ونائبه، مستمر ويتفاقم، والدعوات التي أطلقها برّي إلى الحوار قبل تبنّي مرشح لم يُستجب لها. وأصبح واضحاً أن المجلس الحالي بتوازناته الحالية غير قادر على إنتاج الحلول. فحتى ولو تمكن من انتخاب رئيس بأكثرية الـ65 صوتاً، فكيف سيحكم؟
ترى المصادر، عبر “المدن”، أن الثنائي الشيعي الذي خسر اثنين من مرشحيه في الجنوب، لا يمانع الانتخابات النيابية المبكرة. لكن ماذا عن القوى السياسية التي ضخّمت كتلها بالتحالف مع الثنائي؟
حسب المصادر، فإن كلام بو صعب يشكل رسالة مباشرة لرئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، ومن خلفه القوى المسيحية. فباسيل استفاد من تحالفه مع الثنائي، والقوات اللبنانية استفادت من تحالفها مع قسم من الطائفة السنية. وفي أي انتخابات مقبلة، بظل العلاقات الحالية، سيكون المشهد البرلماني مغايراً.
ترى المصادر أيضاً، أن طرح الانتخابات المبكرة هو من الحلول الدستورية للأزمة. فرغم الضغوط الضخمة التي مورست على النواب قبل جلسة 14 حزيران، لم يتمكن أي طرف من الوصول إلى عتبة الـ65 نائباً. والصراع داخل المجلس بدأ يأخذ منحى طائفياً، بين المسلمين والمسيحيين. مشيرة إلى أن هذا ما يجعل الانتخابات المبكرة أحد الحلول الممكنة.
طرح الثنائي بوجه طروحات الفدرلة
يطرح سامي الجميل الطلاق، ويتحدث سمير جعجع عن التقسيم، وغيرهما يُشيرون إلى الفدرلة، فما هو طرح الثنائي الشيعي غير رفض كل الطروحات السابقة، وما هو طرحه للبنانيين؟
الثنائي الشيعي مقتنع أن اتفاق الطائف بشكله الحالي المنقوص لم يعد قادراً على الاستمرار، ولا بد من استكمال تطبيقه. وهنا عنوان طرح الثنائي الشيعي الذي يقدمه للبنانيين: “الدولة المدنية وإلغاء الطائفية السياسية”.
ترى المصادر أن هذا الطرح يفرض نفسه حلاً، بسبب فقدان مقومات عيش باقي الطروحات. وتقول: عندما اتخذ القرار بضم الأقضية الأربعة لمتصرفية جبل لبنان قبل إعلان ولادة لبنان الكبير كان السبب عدم قدرة المتصرفية على “الصمود”. فكانت لا تصلح لقيام دولة، ولا قدرة لها على انتاج غذائها، فضُمّت الأقضية الأربعة إليها وولد لبنان الكبير. فهل يُعيدون التقسيم اليوم؟ وعلى أي أساس؟ وهل نقول للأطراف التي لم تحصل على حصتها من الإنماء من أجل تنمية المدن “عفى الله عما مضى”، فنحن نريد التقسيم اليوم؟
وتضيف المصادر: أما طرح الفدرلة فهو يعني أن هناك 3 مهام أساسية ستبقى بعهدة الحكومة المركزية، وهي المالية، الخارجية والدفاع. فهل خلافنا اليوم على غير ذلك، لكي نعتمد نظام الفدرلة؟ تسأل المصادر التي تُضيف: “المسلمون متمسكون بالشراكة والمناصفة ضمن دولة مدنية، بقانون انتخاب لا طائفي يعتمد الدوائر الموسعة وتشكيل مجلس الشيوخ، فهذا قدرنا كلبنانيين: العيش معاً”.
لا خلاص لطائفة دون أخرى
لا يرى الثنائي أن الأرضية جاهزة اليوم لتقديم طرحه، لكنه مقتنع بأن لا خلاص لطائفة في لبنان دون أخرى، خصوصاً أن ما يُعانيه لبنان اليوم يطال كل الطوائف، وليس من مصلحة أي طائفة أن تعيش في عالم موازٍ غير واقعي، أو تحاول استعادة أيام مرّ عليها الزمن. وهنا تستعيد المصادر قصة حصلت منذ 5 سنوات تقريباً مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ففي إحدى رحلات عهد الرئيس عون إلى نيويورك لم يكن ضمن الوفد الرئاسي أي مسلم، وهو ما جعل فرنجية، الذي يروي القصة، يستفسر عن السبب، فكان الجواب يشبه المثل القائل “ياما ستي إلها عند جدّي”. وهو ما دفع فرنجية للقول بأن “هؤلاء غير واقعيين، يحاولون الاستفادة اليوم من الصراع الشيعي-السني في المنطقة، وبدل أن يقدموا للمسلمين أنموذجاً صالحاً بالسلطة، يتصرفون على هذا النحو، وغداً عند أي تقاطع إسلامي-إسلامي في المنطقة، سيكونون أول من يدفع الثمن”.
تروي المصادر القصة لتقول بأن التفاهم الإيراني-السعودي اليوم، والذي تخطى التنسيق الأمني، وانتقل إلى مرحلة سياسية أوسع، لن يكون امراً عابراً في المنطقة. خاتمة بالقول: “طرح الانتخابات المبكرة إذاً، رسالة لمن يهمه الأمر”.
المدن