في المشهد الرئاسي اللبناني: لماذا اختار جنبلاط الاتفاق مع التحالف المسيحي ؟
ينظر الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الى ان التحالف المسيحي شبه الكامل لم يحصل منذ فترة طويلة في مسار المعركة الرئاسية، وبالتالي اضحت انتخابات الرئاسة محطة للاتفاق مع القاعدة المسيحية، وحصنا منيعا امام توسيع نفوذ المقاومة في الجبل وفقا لحساباته.
وخلاصة القول، ان جنبلاط يعتبر انه في حال تمكن «الثنائي الشيعي» وخاصة حزب الله، من كسر المسيحيين وليّ ذراعهم سياسيا، فدور الدروز سيلي المسيحيين، وسيستطيع حزب الله وضع اليد على الدروز، بما ان الطائفة الدرزية اقل عددا من الطائفة المسيحية، وهذا ما لا يرضاه جنبلاط، ويسعى جاهداً الى منع حصوله.
وفي شق اخر لتحالف جنبلاط مع الكتل المسيحية حول جهاد ازعور، ان علاقته مع سوريا ونظامها ورئيسها بشار الاسد ليست جيدة اليوم، وحين اختار عام 2016 دعم رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، لم تكن سوريا قد انتهت من حربها الداخلية، ولم تكن قد عادت الى الجامعة العربية. كما ان الدول العربية كانت تقاطع دمشق سياسيا وديبلوماسيا، خلافا لما هو سائد اليوم، حيث انها قررت فتح سفاراتها في سوريا مجدداً. اضافة الى هذه العوامل، كان جنبلاط يرفض التصويت للعماد ميشال عون، لانه يعتبره خصما تاريخياً نتيجة حرب الجبل التي أدى عون دوراً كبيراً فيها.
اما اليوم، فقد تغير الوضع في سوريا واستعادت الاخيرة عافيتها، وتمكنت من اخماد الحرب وصمد النظام السوري بقيادة بشار الاسد، الا ان وليد جنبلاط لا يريد تغيير موقفه من سوريا ومن رئيسها، وبالتالي ابتعد هذه المرة عن دعم سليمان فرنجية مرشحا رئاسياً، بما ان الاخير تربطه علاقة وطيدة مع الرئيس بشار الاسد. والحال ان هذا الامر يتعارض مع موقف جنبلاط السياسي والاستراتيجي، وعليه اصبح التحالف مع المسيحيين هو الخيار الافضل للحزب «التقدمي الاشتراكي» وللطائفة الدرزية.
ومن منطلق التطورات التي حصلت وتحصل في المنطقة ، ابرزها التقارب السعودي – الايراني، لم ير الوزير السابق وليد جنبلاط حتى اللحظة تغييرا دوليا حول ترشيح «الثنائي الشيعي» لفرنجية، ولكنه لمس خطوات من الولايات المتحدة الاميركية والسعودية، انهما لا تريدان كسر المسيحيين، وبالتالي موقف هاتين الدولتين يتمحور حول ترشيح شخصية لرئاسة الجمهورية تكون خارج سيطرة حزب الله، ولا يمكن للرئيس السوري ان يملي على هذه الشخصية شروطه.
باختصار، بعد التقاطع الذي حصل بين «الوطني الحر» وبين المعارضة على الوزير السابق جهاد ازعور، ومعرفتهما بانه سيحصل على اصوات اكثر من النائب ميشال معوض، فالتحالف المسيحي لن يبدل موقفه او يتراجع عنه. وهنا لاقى جنبلاط التحالف المسيحي بايجابية وتتطابق مع الاكثرية المسيحية، فاعلن ضم اصوات نواب «اللقاء الديموقراطي» الى المرشح جهاد ازعور في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية اليوم.
هل ستفرز هذه الجلسة المزيد من الانقسام والمزيد من التوتر؟ ام ستظهر ان الكتل المسيحية وجنبلاط يريدون حرق ورقة سليمان فرنجية ودفع حزب الله الى اعادة خلط الاوراق رئاسياً؟
وبعد حصول جلسة اليوم، هل سيقوم البطريرك الراعي بدور جديد بعد الاقتراع، ويدعو الى الحوار والتوافق، بما ان جلسات انتخاب رئيس ستتوقف، الى ان يطرأ امر جديد على المشهد الرئاسي اللبناني؟
نور نعمه- الديار