في زيارة مجانية: عون على مائدة الأسد.. يعمّق خسائر باسيل السياسية!

فشلت محاولات قياديي “التيار الوطني الحر” وجمهوره، بإشاحة النظر عن أهداف زيارة الرئيس السابق ميشال عون الى دمشق، بالتزامن مع تنامي خلافات التيار ورئيسه النائب جبران باسيل مع “حزب الله” والقطيعة السياسية بين الطرفين، على خلفية الخلاف حول ترشيح رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية، لرئاسة الجمهورية.

منذ اللحظة الأولى للإعلان عن الزيارة، ركّز قياديو التيار على قدرة عون على التحرك لحل الأزمات، بمعزل عن تقدمه في السن. “88 عاماً.. ولا يتعب”، حسبما قال القيادي منصور فاضل، فيما دأب آخرون على تمجيد دور عون السياسي، وحركته وقدرته على “رسم مستقبل أفضل للبنانيين”، حسبما قال النائب غسان عطا الله.

 

 

انتزع القياديون زيارة عون من إطارها السياسي، ومن ظرفها، ومن طبيعتها كزيارة مفاجئة، غير متوقعة، وتحمل العديد من الرسائل. تماهى جمهور التيار مع قيادييه، بحثاً عن دور، ولو متأخر، للرئيس السابق. هي صورة يحتاجها التيار أكثر من أي وقت مضى، لأن عون، وحده، يجمع مناصري التيار، كرجل من حقبات ماضية، حامل شعارات قادرة على شد العصب، وكعسكري سابق، تماهياً مع مشاعر أكثرية مسيحية ما زالت البزة المرقطة نقطة ضعفها.

والاحتفاء بهذا القدر، بصورة عون، لحظة فتح بواب قصر المهاجرين أمامه، تثبت حاجة التيار الى قائد يجمع، ولا يُتهم بإقصاء منافسيه. في داخل التيار، نجحت الصورة في استحضار القائد، أما خارجه فدَانته بسؤال بعض الخصوم عن زيارة لم يسأل فيها عن مصير عسكريين فُقدوا معه في العام 1990، لدى دخول الجيش السوري الى قصر بعبدا.

والحال إن عون يسابق الزمن. ويعوّض، عملياً، قطيعته مع الأسد طوال فترة رئاسته، وعودته إليه في لحظة عودة عربية إلى دمشق. وتالياً، هو يعود بلا مخالب أو سلطة. يعود كجزء من ماضٍ ليس له فيه إلا مستقبل وريثه. لا يمتلك سلطة لإعادة النازحين، كما لا يمتلك نفوذاً لمطالبة بدمشق بتخفيف رسوم العبور عن الشاحنات اللبنانية عبر أراضيها. يعود الى قصر المهاجرين في لحظة حاجة سياسية داخل تياره لضمان مستقبل باسيل السياسي، عبر إيضاح موقفه من فرنجية، واللعب على وتر مسيحيي الشرق، وهو امتياز يمتلكه عون ولا يمتلكه باسيل. يستمد الأول شرعية رفع الشعار من تاريخ سياسي، بلا منافس.. بينما لا يمتلك باسيل هذه الشرعية بسبب حجم تمثيله (أقل من 20 نائب مقارنة بتسونامي عون في العام 2005)، وافتقاده الى فرادة خطابه، بالنظر الى أن شعاراته ينافسه عليها خصومه، وصورته تهشمت في 17 تشرين، فضلاً عن عجزه، وهو الأكثر تأثيراً في السلطة، عن حماية طبقة وسطى كان المسيحيون عمادها.

https://twitter.com/SAhmed90084542/status/1666113527516475394?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1666113527516475394%7Ctwgr%5Ef37e33f9fc703512d6832ef1d633bca7f312fff8%7Ctwcon%5Es1_c10&ref_url=https%3A%2F%2Fwww.almodon.com%2Fmedia%2F2023%2F6%2F6%2FD8B9D988D986-D8B9D984D989-D985D8A7D8A6D8AFD8A9-D8A7D984D8A3D8B3D8AF-D98AD8B9D985D982-D8AED8B3D8A7D8A6D8B1-D8A8D8A7D8B3D98AD984-D8A7D984D8B3D98AD8A7D8B3D98AD8A9

انحصرت زيارة عون الى قصر المهاجرين، في مستقبل باسيل، وفي خياره الآني، وستعود عليه بخسارة إضافية. فإذا فشلت مبادرة عون تجاه الأسد لإقناع “حزب الله” بالعودة عن دعم فرنجية، ستكون زيارة عون مجانية، لن تعود عليه بأي منفعة في شارعه. وإذا أقنع الأسد عون بانتخاب فرنجية، مقابل وضع باسيل شروطاً متصلة بسنوات الحكم الست المقبلة، سيخسر رهان المعارضة عليه، وتالياً، رهان الشارع المسيحي على دوره. وبالتأكيد لن ينجح في إقناع الأسد، كون الأخير لا يمتلك الا التكريم في قصره، ودعوة زائره الى مائدة الغداء.. في المقابل، لا يمتلك تأثيراً على حزب الله في الملف اللبناني.. وإذا استطاع التأثير عليه، فلن يؤثر على الرئيس نبيه بري، وسيخسر حليفه فرنجية أيضاً.

يدرك الأسد التوازنات الداخلية اللبنانية، ويعرف أن المعادلة القائمة هي “رابح” و”خاسر”. لا مصلحة له في كسر حزب الله أمام خصومه.. ولا يمتلك الحزب أساساً ترف المغامرة بمخاصمة بري وفرنجية، منعاً لتوتر الشارع الشيعي، وحديقة الحزب الخلفية. لن يستسلم داعمو فرنجية في المعركة، كما لن يستسلم معارضو وصوله عن البحث عن خيارات إضافية.

وحتى ملء الشغور الرئاسي، يكون عون قد وضع وريثه السياسي في موقف حرج، لن يعود عليه بنتائج سياسية.

المدن

مقالات ذات صلة