بعد عودة العلاقات.. هل يفي لبنان بوقف فعاليات مناهضة للبحرين؟
ماذا علقت البحرين على عودة العلاقات؟
اعتبرتها “تعزيزاً للعلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين والاحترام المتبادل”.
– ماذا عن التعليق اللبناني؟
عبر رئيس الحكومة ميقاتي عن تمنياته بسرعة عودة “جميع الإخوة العرب إلى لبنان”.
– ما أسباب تأخر عودة علاقات البلدين؟
بسبب قيام معارضين بحرينيين باستهداف المنامة من داخل لبنان.
بشكل لافت كان العام 2021 شاهداً على واحدة من أسوأ الأزمات الدبلوماسية بين دول خليجية ولبنان، إثر تصريحات أطلقها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي (استقال لاحقاً)، في برنامج بث عبر وسائل تواصل اجتماعي، بشأن الحرب اليمنية، أثار غضباً رسمياً خليجياً حينها.
وعلى الرغم من أن الدول الخليجية التي قطعت علاقتها مع لبنان استأنفت علاقتها الدبلوماسية لاحقاً، إلا أن العلاقات بين المنامة وبيروت بقيت كما هي في حالة توتر؛ بسبب احتضان الأخيرة لمعارضين بحرينيين.
وبعد أكثر من عام ونصف، عادت العلاقات بين البلدين بإعلان المنامة استئناف العلاقات الدبلوماسية مع بيروت، وسط ترحيب لبناني، ما يطرح سؤالاً على ضوء تأخر عودة العلاقات مفاده: هل يفي لبنان بوقف الفعاليات المناهضة للبحرين، أم أن العلاقات ستعود للانقطاع مجدداً؟
عودة جديدة
مع تغيرات كبيرة تشهدها المنطقة، وعودة علاقات بين عدة دول عربية وإقليمية، أعلنت مملكة البحرين (21 مايو 2023) استئناف التمثيل الدبلوماسي على مستوى السفراء مع لبنان، بعد أكثر من عام ونصف العام على قطعها.
في بيانٍ لها قالت الخارجية البحرينية: إن “المملكة قررت استئناف التمثيل الدبلوماسي على مستوى السفراء مع لبنان الشقيق، تعزيزاً للعلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين والاحترام المتبادل”.
وأشارت إلى أن هذه الخطوة تأتي أيضاً “وفقاً لمبادئ ميثاق جامعة الدول العربية، وأحكام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961”.
وعلى ضوء الإعلان البحريني رحب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي بالقرار، وقال في تصريحات له: “نثمن هذا القرار، ونرحب به في سياق علاقات الأخوة بين البلدين”، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام.
وأضاف ميقاتي: “أكرر ما قلته في قمة جدة من شكر لبنان للدول الشقيقة، وخاصة أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي، على إتاحةِ فرصِ عملٍ للبنانيين على أراضيها، وضمن مؤسساتِها الخاصة والعامة”.
وعبر ميقاتي عن تمنياته بسرعة عودة “جميع الإخوة العرب إلى لبنان”.
قطع العلاقات
استئناف العلاقات جاء بعدما كانت البحرين أعلنت، نهاية أكتوبر من العام 2021، سحب سفيرها في بيروت، وطلبت من السفير اللبناني لديها المغادرة.
جاءت هذه الخطوة إلى جانب الكويت والإمارات والبحرين واليمن عقب قرار السعودية سحب سفيرها وطرد سفير لبنان؛ احتجاجاً على تصريحات الوزير قرداحي حول “عبثية” حرب اليمن.
وعلى الرغم من استئناف العلاقات السعودية اللبنانية وكذلك بقية دول الخليج، فإن العلاقات الدبلوماسية بين البحرين ولبنان بقيت على حالها، خصوصاً مع غضب من المنامة بسبب إقامة فعاليات مناهضة لها في بيروت.
ومنتصف ديسمبر 2021، أدانت البحرين عقد مؤتمر صحفي في العاصمة اللبنانية بيروت للإساءة إليها، قالت إنه لمجموعة “معادية ومصنفة بدعم ورعاية الإرهاب، لغرض بث وترويج مزاعم وادعاءات مسيئة ومغرضة ضد مملكة البحرين”.
التزام حزب الله
يعتقد المحلل السياسي اللبناني جورج علم أن إعادة العلاقات بين البلدين “مرتبطة بمدى تقدم التفاهم السعودي الإيراني”.
ويرجع “علم” في حديثه لـ”الخليج أونلاين” سبب اعتقاده ذلك إلى “الدور الكبير لطهران والفعال على حزب الله الذي كان ينتقد الحكم في البحرين، ويحرض المعارضة على المسؤولين فيها، ويحتضن فعاليات معارضة لنظام الحكم في المنامة من داخل البحرين”.
ويرى أن حزب الله اللبناني إذا ما غير من سلوكه هذا “فليس هناك من إشكالية في العلاقات الرسمية القائمة بين حكومة البحرين ودولة لبنان”.
ويضيف: “في لبنان حالياً ليس هناك من دولة ولا رئيس ولا حتى حكومة دستورية قائمة، بل حكومة تصريف أعمال مستقيلة”، كما أنه لا يوجد مجلس دفاعي، وهناك أزمة سياسية اقتصادية مالية اجتماعية خطيرة في لبنان”، مشيراً إلى أن ذلك يجعل من حزب الله “المكون الأقوى في الدولة اللبنانية”.
ويؤكد أن الأمر حالياً “محصور في مدى تجاوب حزب الله، هل سيستمر كما كان في السابق، أم أنه سيخضع لضغوط طهران نتيجة التفاهم الإيراني السعودي”.
ويعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال “ستكون مرتبطة بالأيام القادمة، لرؤية تطور الأمور كيف ستكون”، مؤكداً “عدم وجود أي مشكلة بين الدولتين بصفة رسمية، لكن هناك حزب الله الذي يرجح السلبية على الإيجابية أو العكس وفق الأداء الذي سيمارسه”.
ويشارك المحلل السياسي اللبناني علي مراد ما طرحه علم بقوله إن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع لبنان “يأتي في سياق التهدئة الذي رافق الاتفاق السعودي الإيراني”.
ويشير إلى أن جزءاً كبيراً من الاتفاق الذي وقع برعاية الصين “كان يحمل أموراً غير معلنة”، مضيفاً: “هذا ما قد يشير إلى وجود مؤشرات أن بعضها متعلقة بملف البحرين والدور الذي قد تؤديه إيران وحلفاؤها فيما يخص المنامة”.
وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين” يعتقد “مراد” أن إعلان عودة العلاقات الدبلوماسية “قد يكون ضمن ترتيبات معينة ومسبقة بين الجانبين”، لكنه يتساءل: “هل سيلتزم لبنان بوقف هذا الدعم”، مجيباً بقوله: “هذا ما سيتضح لاحقاً في سياق التطورات القادمة”.
ويتابع: “في أي اتفاق غالباً ما تكون هناك أمور غير معلنة للرأي العام، خصوصاً أنها تأتي عقب أزمة سياسية بين الجانبين”.
وحول الضامن لهذا الاتفاق “يقول إنه لم يتضح بعد”، إلا أنه يرى أن هذا الملف “سيكون تحدياً جديداً أمام لبنان بحيث تكون لديه سياسة خارجية واضحة تمثلها الدولة اللبنانية بأجهزتها الرسمية، وهي من تتولى ضبط العلاقات الخارجية للبلد بما يخدم المصلحة العليا للبنانيين”.
محاولات لبنانية
وبالعودة إلى الوراء حاول لبنان مراراً إحياء علاقاته مع المنامة، وإبداء رغبته في ذلك، حيث سبق أن أعلن ترحيل أعضاء جمعية “الوفاق” البحرينية (المحظورة) من غير اللبنانيين إلى خارج البلاد (ديسمبر 2021)، على خلفية المؤتمر الذي احتجت عليه المنامة.
وفي فبراير 2022، منع لبنان معارضين بحرينيين من تنظيم نشاطين في بيروت؛ لكون عقدهما “يسيء إلى البحرين ودول الخليج”.
كما يعلن لبنان بين الحين والآخر إدانته ورفضه لما يصفه بـ”التطاول على مملكة البحرين”، ويؤكد رفضه “استخدام لبنان منطلقاً للإساءة إلى البحرين والتطاول عليها، مثلما يرفض الإساءة إلى الدول العربية الشقيقة، ولا سيما منها دول مجلس التعاون الخليجي”.
وتدير مجموعات من المعارضين البحرينيين، إضافة إلى يمنيين، محطات ووسائل إعلامية من شقق في الضاحية الجنوبية في السنوات الأخيرة، وتوجد مكاتب لعدد منها في لندن، حيث يشغل معارضون من البحرين محطة “اللؤلؤة” الشيعية.
وتركز برامج هذه المحطة على مهاجمة أنظمة بلدان الخليج، وسط مطالبات للبنان بوقفها عن البث واتهامها بعدم حصولها على تراخيص قانونية.
وينشط البحرينيون في صفوف “جمعية الوفاق”، ويشاركون في إدارة مؤسسات إعلامية تدافع عبر منصاتها عن القضايا والأفكار التي يطرحونها، والتي يحمّلون فيها السلطات السياسية والأمنية في بلادهم مسؤولية إبعادهم و”تعمل على التضييق علينا وعلى عائلاتنا”.