خاص: عزائم رمضان 2023.. إما غابت أو جمعت عدة أسر حول طاولة واحدة بالتكاتف!

كثيرة هي المتغيرات التي طرأت على حياة اللبنانيين في رمضان 2023، ومنها التبدل الحاصل في المائدة الرمضانية من جهة، واختفاء ظاهرة العزائم والولائم من جهة ثانية، بل ووصولها إلى حد التقلّص أو الجمع بين أكثر من أسرة على مائدة واحدة تخفيفاً للأعباء.

في الماضي كان اللبنانيون ينشدون أغنية يقول مطلعها “رمضان السنة دي غيّر كل عاداته”، لكنهم ما كانوا يدرون أن هذه العادات فعلاً سيأتي يوم وتتغير مرغمين وصاغرين، حتى وصلت هذه التغييرات إلى لقمة الطعام التي يفطر بها الصائم ليتمكن من “صلب عوده” في اليوم التالي.

3 مرات في 30 يوماً
سمعنا الكثير، ورأينا بأم العين أكثر، وجمعنا صوراً متناقضة عن أوضاع ما كان اللبنانيون يوماً يظنون بأنهم سيبلغنوها، كأن تغيب اللحوم عن مائدة الإفطار، أو أن تنتفي صور الكرم والضيافة، ليحل مكانها الفقر والعوز، ومن هذا المنطلق أخبرنا “أبو جهاد العبدالله” أنه لطالما تميّزت باب داره بأنها مفتوحة للسائل والمحروم، يوزع المآكل للقريب والغريب ولكن!

في رمضان 2023، أبو جهاد، جف نبع جيبه، فلا مال يكفي لفرد مائدة طعام، ولا إمكانية لتشكيل سفرة مما لذ وطاب، بل الاكتفاء بما هو موجود وحاضر، أو لديه القدرة على شرائه، فكانت الإفطارات تتنوع بين البيض والمأكولات من اليخنات والخضراوات.

ولفت إلى أنه توافق مع أبنائه الخمسة منذ ما قبل بداية الشهر، على أنّ اللحم أو الدجاج يتوزع على عشريات الشهر الثلاث، فكل عشرة أيام يتخللها إفطار من ضمنه لحم أو دجاج قدر الإمكان طبعاً.

استقبال الضيف الكريم
المشهد يختلف عند الخالة أم وائل العجوز، فهي تعتبر من الأسر البيروتية العريقة، وأصحاب الأملاك والعقارات، ولكن رغم ذلك أبلغتنا بأنّ أولمت في أول يوم من الشهر وحضرت سفرة عرمرمية جمعت فيها الأبناء المتزوجين وأسرهم، و”كان الله يُحب المحسنين”، فلا قدرة للولائم والعزائم والضيافات، بل اقتصر الأمر عن جمعة أول أيام الشهر استقبالاً للضيف الكريم.

لذلك آثرت الخالة أم وائل رفض أي دعوة إفطار تتلقاها بأدب ولياقة، كونها عاجزة عن دعوة داعيها إلى الإفطار، فكانت في كل مرة تتحجج بحجة مختلفة، وتختلق عذراً، ومع انتصاف الشهر كما تقول “ماشي الحال”.

إيد على إيد
عزّام الأحمدي دخله محدود وبالليرة اللبنانية مع أنه يشتغل ما يزيد على 12 ساعة في اليوم، إلا أن إعداد إفطار يومي متعدد الأنواع يجمعه بزوجته وبناته الثلاث، يُعتبر أمراً خارقاً لطبيعة مدخوله، فكان أن توافق مع صهره وللعام الثاني على التوالي، بالاجتماع يومياً في منزل أحدهما واقتسام الإفطار، فكل منهما يحضر طبقاً وتتلون المائدة.

لكن الأمر أعجب نسيبهما الذي أبلغهما رغبته في المشاركة وأصبحت طاولة الإفطار متنوعة الألوان والأطباق، حتى أن اللحم بدأ يدخلها، بسبب توزع سعره على ثلاث أرباب أسر، وليس شخصاً واحداً، ما يخفف من الأعباء والتكاليف.

على المنيو
وبما أن الشهر الفضيل تخلله أول شهر، وقبض راتب، فهناك فئة رابعة لجأت توفيراً على الجيبة، إلى ما يُعرف بـ”سات منيو” أي البحث عن مطاعم تقدم وجبات إفطار جماعية وتكون أسعارها في متناول اليد، خاصة عند قبض الراتب، فمثلاً هناك مطاعم قدمت الدجاج مع الأرز البرياني وحساء العدس إضافة إلى المقبلات الباردة والساخنة والمشرويات الرمضانية لأربعة أشخاص بسعر مليوني ليرة لبنانية، أو 20 دولاراً أمريكياً، بما يعنيه لك من توزيع المبلغ على أربعة أشخاص وانخفاض التكلفة إلى الربع.

الحلويات بالحبة
أما الحلويات فشأنها شأن الطعام والموائد، هي الأخرى إما غابت عن موائد اللبنانيين، أو لجأ البعض منهم من “شبه المقتدرين” على شراء الحلويات بالحبة، على عدد أفراد المنزل، ما يخفف وطأة عن جيبة المستهلك وييسر أمر المبيعات، وهو ما حدا بالبعض إلى اعتبار أن الحلويات في لبنان لم تتعرف على أزمة الدولار كون اللبنانيين رغم الأزمة الاقتصادية الحادّة اشتروا الحلويات كل منهم على قدر استطاعته.

مصطفى شريف- مدير التحرير

مقالات ذات صلة