تلاقٍ فرنسي روسي على فرنجية.. وقطر تتحرك لكسر الجمود!
تستمر مواقف القوى اللبنانية على تصلبها، كما يستمرّ التصلب خارجياً أيضاً. بناء عليه، يرتسم مشهد فيه الكثير من الجمود السياسي، ما لم يحصل أي تطور من شأنه أن يحدث تغييراً معيناً، أو يدفع القوى إلى تغيير مواقفها.
فكرة مصرية وحركة قطرية
في الداخل، الكتل المسيحية على موقفها بانتظار خلوة بيت عنيا. والثنائي الشيعي على موقفه الداعم لسليمان فرنجية. أما في الخارج، فإن باريس على موقفها من مبدأ المقايضة، فيما السعودية على موقفها الرافض لها. لا يوجد أي تحرك حتى الآن يشير إلى السعي لإحداث تغيير جدي في هذه المواقف. هذا، ويدور كلام في بيروت عن لقاء تسعى القاهرة إلى تنظيمه في المرحلة المقبلة. علماً أن هذا الكلام كان بناء على فكرة سابقة طُرحت بعد الاجتماع الخماسي في باريس، ولكن لم تظهر أي معلومات جديدة حولها.
قطر حاضرة أيضاً بعلاقاتها وتأثيراتها. وبعد الزيارة التي أجراها وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد بن عبد العزيز الخليفي إلى إيران، وعقده لقاءات هناك، فإن الوزير القطري سيزور بيروت الأسبوع المقبل، حسب ما تشير مصادر متابعة، للقاء مختلف المسؤولين. مع الإشارة إلى أن الخليفي هو الذي مثّل دولة قطر في الاجتماع الخماسي في باريس.
بناء على التصلب في مواقف القوى، ولا سيما بين الفرنسيين والسعوديين، فلا بد من جهة ثالثة أن تدخل على الخطّ، بحثاً عن قواسم مشتركة تدفع إلى التغيير في بعض المواقف. من هنا، يبرز رهان على ما يمكن لقطر أن تفعله داخلياً وخارجياً، انطلاقاً من علاقتها الجيدة مع القوى المختلفة، وانطلاقاً من التنسيق مع المملكة العربية السعودية.
تمتلك قطر قدرة على إحداث الفارق، ولكن المسألة تحتاج إلى وقت في ظل الانقسام اللبناني القائم أيضاً، والذي يأخذ أبعاداً خطرة منذ الانقسام على خلفية “الساعة”، إلى التوتر الذي شهده المجلس النيابي خلال جلسة اللجان المشتركة، والذي أوحى بوجود احتقان كبير في النفوس.
لافروف أيضاً!
روسيا دخلت على الخطّ أيضاً في سياق دعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. فحسب ما تقول مصادر متابعة، تم التداول في الملف اللبناني، خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان. حاول لافروف دعم سليمان فرنجية، مع تقديم عرض إلى السعودية بأن موسكو جاهزة لتحصيل المطالب والتنازلات والضمانات التي تطالب بها الرياض، وطلب تقديم هذه الشروط والضمانات بشكل مكتوب لتعمل روسيا على توفيرها من فرنجية ومن النظام السوري.. وحتى من إيران وحزب الله إن اقتضى الأمر.
القوى المسيحية والأسماء المشتركة
لكن تبقى مشكلة فرنجية الأساسية مسيحية، لا سيما أن الديناميكية الداخلية قادرة على التعطيل، خصوصاً أن القوى المسيحية، بالتحديد القوات اللبنانية، والتيار الوطني الحرّ وحزب الكتائب يتعاطون مع ترشيح فرنجية والتمسك به من قبل الثنائي الشيعي، كأنه أمر يضع البلاد مجدداً أمام معادلة “فرنجية أو الفوضى”، أي في صورة تشبيهية لمعادلة “مخايل الضاهر أو الفوضى”، والتي رفضها المسيحيون في حينها. في الموازاة، وكما يحتاج الخارج إلى قوة ثالثة محرّكة للخروج من التصلب والبحث عن صيغة جديدة تتضمن قواسم مشتركة.. فإن الداخل يحتاج إلى تحرك لطرف ثالث بعيداً عن تصلب الثنائي الشيعي والقوى المسيحية. خصوصاً أن القوى المسيحية تجد نفسها أمام المزيد من التقارب انطلاقاً من رفض فرنجية، مروراً بمعركة “الساعة” وصولاً إلى التضامن مع بعضها البعض بعد العراك الذي شهده مجلس النواب بين النائبين سامي الجميل وعلي حسن خليل، نهايةً باتصال برّي بالجميل، واعتذار الخليل من رئيس حزب الكتائب. وهذا أيضاً ما يعتبره المسيحيون “انتصاراً” معنوياً جديداً من قبلهم. ولذلك هم سيسعون إلى “تقريشه” سياسياً. وهذا ما سيعملون على تعزيزه في خلوة بيت عنيا، من خلال التداول بمقترحات وأسماء لمرشحين إلى الرئاسة. وسط تواصل مباشر وغير مباشر بين القوى المسيحية المتعارضة سياسياً، في سبيل الوصول إلى قواسم مشتركة أو أسماء مشتركة.
منير الربيع – المدن