مُهمّة هوكشتاين الأخيرة عند عتبة الحسم: ما هي عناصر التفاؤل وعناصر التشاؤم؟

لم يستغرق الفيلم الاميركي القصير ليل اول امس بالاعلان عن تأجيل زيارة الموفد الرئاسي آموس هوكشتاين التي كانت مقررة لبيروت امس ساعتين، ليعاد تثبيتها في موعدها بعد تواصل مطول جرى بينه وبين الرئيس بري.

هذا الفيلم الاميركي احدث نقزة واعطى اشارة اقل ما يقال عنها انها خفضت من منسوب التفاؤل المفرط بالتوصل الى الحل في غضون يومين او ثلاثة.

وهذا التفاؤل يعود لاسباب عديدة ابرزها ان الجانب اللبناني تعامل مع الورقة الاميركية بمرونة وايجابية رغم تحفظه وملاحظاته على بندين اساسيين يتعلقان بطبيعة ومهمة لجنة مراقبة اتفاق وقف النار او وقف العمليات العسكرية التي تقترحها الورقة، وبموضوع حق الطرفين بالدفاع عن النفس.

وفي تصريحه المقتضب بعد لقائه المطول مع الرئيس بري حاول هوكشتاين ان يضفي جوا ايجابيا وتفاؤليا بالشكل والمضمون بقوله “امامنا فرصة حقيقية للوصول الى نهاية النزاع… الان اصبح الحل قريبا من ايدينا والنافذة مفتوحة”، لكنه ربط الوصول في الايام القريبة المقبلة الى الحل بالامل وموقف الطرفين المعنيين.

وبعد ساعتين من اللقاء قال الرئيس بري “ان الوضع جيد مبدئيا، وما تبقى لانجازه هو بعض التفاصيل”، مشيرا الى متابعة هذه التفاصيل مع الجانب الاميركي قبل الانتقال الى المرحلة التالية ومغادرة هوكشتاين الى تل ابيب وننتظر ما سيحمله من هناك.

ورغم التكتم حول ما دار خلال الساعتين بين الرئيس بري وهوكشتاين فان بعض المعلومات التي رشحت عنه، وفق مصادر مطلعة، تفيد بانه جرى مناقشة بنود المسودة الاميركية والرد اللبناني بالتفصيل، وتركز على البندين المتعلقين بطبيعة لجنة مراقبة اتفاق وقف النار وعملها، ومسألة حق الطرفين الدفاع عن النفس.

وتناول البحث صياغات اخرى غير تلك التي وردت في الورقة الاميركية بناء لموقف وملاحظات الجانب اللبناني الذي يركز على نص وجوهر القرار ١٧٠١ ويقترح ان توسع اللجنة الثلاثية الى جانب الطرفين اللبناني والاسرائيلي والاممي لتضم اميركا وفرنسا فقط دون مشاركة بريطانيا والمانيا.

وينطلق الموقف اللبناني من التاكيد على عدم تحويل لجنة المراقبة الى لجنة دولية محصورة بدول اطلسية غربية. كما يحرص ان تكون مهمتها مراقبة تنفيذ الاتفاق والا يتوسع دورها الى مهمات مراقبة اخرى تمس سيادة لبنان.

وفي شان البند المتعلق بحق الطرفين عن النفس تقول المصادر ان النقاش تناول مخاطر ما يحمل من تفسيرات لا سيما في ظل ما تعلنه وتسعى اليه اسرائيل لاطلاق يدها في الاعتداء على لبنان ساعة تشاء بحجة محاربة حزب الله.

وتلفت المصادر الى موقف الرئيس ميقاتي خلال اجتماعه مع هوكشتاين وتأكيده “ان اولويتنا هي وقف اطلاق النار والعدوان على لبنان، وحفظ السيادة اللبنانية على اراضينا”. وهي اشارة مهمة الى محاولات قد تكون مرتبطة بالحديث عن توسيع مهمة اللجنة الدولية لمراقبة المطار والمرافىء او تمحاولة توظيف إسرائيل لاي نص من اجل اطلاق يدها في الاعتداء على لبنان.

وبانتظار جلاء نتائج زيارة هوكشتاين الى بيروت فان مجيئه في الموعد المقرر يؤشر الى ان الاجواء المحيطة بالمفاوضات حول وقف اطلاق النار وتنفيذ القرار ١٧٠١ هي اجواء تفاؤلية نسبيا، مرفقة بالحذر الدائم من الموقف الاسرائيلي ومناورات رئيس حكومة العدو نتنياهو التي قد تطيح بكل شيء كما حصل في مرات سابقة واخرها انقلابه على الاتفاق الذي صدر على اثره النداء الاميركي الفرنسي الشهير لوقف النار والذي وقعته دول اوربية وعربية.

وتبدو جولة هوكشتاين مهمة للغاية، اذ انها تعتبر جولة في المهمة التي كلفه بها الرئيس بايدن للمفاوضات من اجل وقف الحرب.

ما هي عناصر التفاؤل وعناصر التشاؤم؟

يقول مصدر سياسي مطلع ان الاجواء الاميركية التي سبقت زيارة هوكشتاين تبدو تفاؤلية، وإن دوائر الخارجية الاميركية تتحدث عن مناخ جدي يبعث على التفاؤل بوقف الحرب على جبهة لبنان بغض النظر عن مسار نتائج المفاوضات حول الحرب في غزة.

ويضيف المصدر ان قرار مجيء هوكشتاين الى بيروت بعد خمسة ايام من تسلم الرئيس بري ورقة الحل الاميركية من السفيرة ليزا جونسون ينبىء بنتائج مشجعة.

ويشير الى ان التقارير التي اوردتها وسائل اعلام اميركية في الايام القليلة الماضية تشير الى ان ورقة الحل الاميركية المطروحة التي تبلورت بعد زيارة وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلية مؤخرا الى واشنطن تحظى بدعم من ادارة الرئيس بايدن المنصرفة ومن الرئيس المنتخب ترامب، وهذا الامر هو مصدر التفاؤل.

وحسب هذه التقارير فان ترامب اعطى اشارات قوية ومباشرة مشجعا على مواصلة مهمة هوكشتاين بفعالية وبالزخم نفسه، وانه يدعم الصيغة المطروحة ويشجع على انجاز الحل قبل موعد تنصيبه، وانه ابدى رغبة في التوصل الى اتفاق في غضون اسبوعين.

ويلفت المصدر الى ان الرد اللبناني الايجابي على الورقة الاميركية يفترض ان يكون محفزا له من اجل حسم الموقف مع رئيس حكومة العدو نتنياهو والموافقة على الحل.

وفي المقابل، فان مصدر التشاؤم الاول هو موقف العدو الاسرائيلي ونتنياهو الذي يقبض اليوم بشكل شبه كلي على القرار والذي سبق ان اطاح بالمفاوضات ثلاث مرات، كما اشار الرئيس بري منذ يومين.

ويشار في هذا المجال الى ان نتنياهو يقود في حكومته فريقا سياسيا هو الاشد تطرفا وتشددا واجراما في تاريخ الحكومات الاسرائيلية.

وكما هو معلوم فانه يتعامل مع الوضع ايضا بطريقة شخصانية واضحة، وانه يرغب في اطالة الحرب قدر الامكان للمحافظة على سلطته.

ويبقى الاعتقاد السائد بان يستمر في رهانه على الحرب وكسب الوقت، لا سيما انه لم يتمكن حتى اليوم من تحقيق اي انجاز او وعد من وعوده اكان لجهة القضاء على حزب الله او اعادة المستوطنين الى المستوطنات الشمالية.

وينقل احد الزوار عن مرجع لبناني بارز عشية زيارة هوكشتاين ان مصدر القلق يبقى في موقف ونوايا العدو الاسرائيلي، لافتا الى ان هناك انقساما اخذ يبرز مؤخرا بين القيادتين العسكرية والسياسة الاسرائيليتين، وايضا بين الاطراف السياسية داخل كيان العدو، وهذا الامر يزيد من ضبابية الموقف الاسرائيلي تجاه الحل المطروح بانتظار ما ستحمله الايام القليلة المقبلة.

ووفقا للاجواء التي رشحت عن محادثات هوكشتاين امس في بيروت، ورغم الموقف اللبناني المرن والايجابي فان الوصول الى الحل يبقى معلقا على الموقف الاسرائيلي الذي ما زال يراهن على المفاوضات تحت النار لفرض شروطه في الحل.

ويقول مصدر سياسي ان رفع نتنياهو شعار المفاوضات تحت النار لن يؤثر على الموقف اللبناني المتمسك بتنفيذ القرار ١٧٠١ دون اي زيادة او اضافة، وان المقاومة بقصفها امس واول امس لتل ابيب اكدت انها مستعدة هي ايضا للتفاوض بالنار.

محمد بلوط- الديار

مقالات ذات صلة