هل يشعلها العراق: محاولات إيرانية لتفجير الاقليم بذخائر عراقية؟
لاءاتٌ ثلاثٌ أطلقها المرجع الديني الأعلى في العراق علي السيستاني على شكل دعوات تعتبر الأكثر وضوحاً وصرامة في خضم التهاب الصراع الاقليمي بين إيران وإسرائيل ومَنْ وراءهما بحيث دعا بالأمس إلى “تحكيم سلطة القانون وحصر السلاح بيد الدولة ومنع التدخلات الخارجية”، فهل التمس الزعيم الشيعي محاولات إيرانية لتفجير الاقليم بذخائر عراقية؟
منذ ما بعد 7 تشرين الأول 2023 لم يكف رئيس وزراء العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن السعي إلى توريط الولايات المتحدة في حرب إقليمية تشعل جبهات الشرق الأوسط على السواء بهدف خلق الأرضية الملائمة لإقامة مملكة إسرائيل فوق الأراضي المشتعلة، إلا أنه فشل في تحقيق مبتغاه طيلة العام العدواني المنصرم بفعل الدوزنة الأميركية للأفعال العسكرية والردود عليها. ولكن يبدو واضحاً أن ما عجز نتنياهو عن تحقيقه قد تكفلت الجمهورية الاسلامية في أداء المهمة بحيث تصرُّ على مهاجمة إسرائيل في إطار الرد “الثأر” بتكتيك أكثر تصويباً لتحقيق استراتيجية أكثر فاعلية بحيث اختارت إيران الميدان العراقي لتوجيه ردها الذي تصنفه بـ “المدروس” وقد يشمل بالاضافة إلى إيران والعراق قوى المحور وفصائله كافة في سوريا واليمن ولبنان في توقيت موحد لطالما روّج له السيد حسن نصر الله لجعله قاصماً لظهر العدو الذي سيواجه آلاف الصواريخ والمسيرات في لحظة هجومية منسقة تربك فاعلية الوظيفة الدفاعية للقبة الحديدية كان آخرها “ثاد” الأميركية كي يؤتي الدرس ثماره ويبنى على طبيعة مسار المواجهة مقتضى الرد على الرد.
ولا شك في أن إيران التي تتميز بديبلوماسية الذبح بالقطن والسياسة الهادئة تدرك جيداً استراتيجية اختيارها للميدان العراقي الذي لا تزال أجواؤه قابعة تحت السيطرة الأميركية في سياق اتفاقات أمنية وعسكرية ترتبط بها مع الحكومة العراقية، بالاضافة إلى وجود مصالح سياسية واقتصادية يهم الولايات المتحدة المحافظة عليها وهي من أجل ذلك ستقوم بالدفاع عنها وحمايتها ما يعني دخولها حكماً في معركة المواجهة بين إسرائيل وإيران للحفاظ على الوضع الحالي في العراق، خصوصاً وأن الاسرائيليين غير مهتمين بالحفاظ على الواقع السياسي القائم ولا حتى بتغييره. من هنا جاء التصريح الناري للسيستاني الذي يحمل رمزية إطلاقه خلال استقباله ممثل الأمم المتحدة في العراق والذي من المرجح أن يكون منسقاً مع الحكومة والأحزاب السياسية خصوصاً الشيعية التي تخشى تفلت الوضع الأمني وبالتالي السياسي وسقوط النظام وخسارة الهيمنة السلطوية التي حققتها عقب إطاحة نظام صدام حسين.
السيستاني قال كلمته وربما مشى أو لا يزال ينتظر سماع صدى كلماته التي من المستبعد أن تلقى آذاناً صاغية لدى الفصائل العراقية المسلحة التي تدين بالولاء إلى مرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي وما يقرره ساسة طهران والأهم المصالح الشخصية التي راكمتها جراء العمل الميليشيوي المسلح وما يترتب عنه من دعم مالي واجتماعي ونفوذ سياسي سلطوي تتربع على عرشه قادة هذه الفصائل على اعتبار أن دعوة السيستاني العودة إلى الدولة والمؤسسات والقانون ليست الأولى ولكنها الأكثر أهمية في ظل دخول إسرائيل على خط المواجهة للمرة الأولى في زمن الهيمنة الشيعية، ولكن إذا كانت حكومة بغداد ترغب في الحفاظ على سيادتها فيمكنها اللعب على الوتر الطائفي وحشد الرأي العام الشيعي خلف اعتبارات التمسك بالمكتسبات السياسية التي حققها الشيعة بعد الحرب والوقوف في وجه التدخلات الايرانية الساعية إلى توريط العراق بالضياع في أتون حرب قد تودي بسقوط النظام وتالياً انهيار الواقع الشيعي المهيمن على العراق.
حربٌ إقليمية توقدها الطموحات الاسرائيلية الايرانية وتشعلها الذخائر العراقية لن تفجر ميادين الشرق الأوسط وحسب، بل ستحرق ولاية الرئيس الأميركي المنتخب الذي سيستهل عمله في المكتب البيضاوي بمحاولات إطفائها وإزالة تداعياتها العسكرية والسياسية والاقتصادية أميركياً وعربياً وإقليمياً ودولياً.
عاصم عبد الرحمن- لبنان الكبير