رفع الصوت عالياً داخل السراي وخارجه: “الحزب” لرئيس الحكومة: إصرِف من جيْب الحكومة!

بين الميدان وغرف المفاوضات المُحصّنة في تل أبيب و”الثلاثاء الأميركي الكبير”، سقطت الرهانات على وقف لإطلاق النار يسبق فتح صناديق الاقتراع في الولايات المتحدة الأميركية. وفي سياق جولة إضافية من المناورات الكلامية المُضلّلة، تجاوز رئيس وزراء العدوّ بنيامين نتنياهو كمّ التسريبات من الجانب الإسرائيلي والأميركي باحتمال التوافق على صيغةٍ توقف الحرب العسكرية ليوسّع أكثر بنك أهدافه، ويبشّر بحربٍ طويلة لتحسين شروط التفاوض، ويسوّق لطرح يفرض وصاية عسكرية مفتوحة على لبنان.

أمّا واقع الحكومة: “خُدِعنا مجدّداً”، وذلك بعدما أقرّ رئيسها نجيب ميقاتي قبل يوم واحد من لقاء بنيامين نتنياهو مع موفدَي الرئيس جو بايدن، بتأكيد آموس هوكستين له وجود بوادر قد تؤدّي لوقف إطلاق النار.

للمرّة الأولى منذ بدء العدوان الجوّي الإسرائيلي في 23 أيلول الماضي قدّمت “غرفة عمليات المقاومة” شرحاً مفصّلاً عن الواقع الميداني وقدرات الحزب العسكرية في صدّ التوغّل البرّي، خصوصاً على محور الخيام- كفركلا- العديسة الذي يعدّ نقطة استراتيجية أساسية للعدوّ. الخيام المجاوِرة لمستوطنة المطلّة التي أُعلنت منطقة عسكرية باتت بمنزلة “معركة وجود” للعدوّ قد يفرض من خلالها شريط سيطرته على القطاع الشرقي بأكمله إذا تمكّن من احتلالها، كما أنّها “قلعة” شاسعة لها امتداداتها باتّجاه الغجر ومنطقة الوزّاني ومُشرِفة على المستوطنات الإسرائيلية شرقاً وغرباً وجنوباً وإصبع الجليل.

وكان لافتاً أنّ عشرات بيانات المقاومة في الأيام الماضية تركّزت على النجاح في التصدّي لتقدّم القوات الإسرائيلية باتّجاه الأحياء الجنوبية والجنوبية الشرقية لبلدة الخيام، خصوصاً وطى الخيام وحي المسلخ.

لكنّ أهمّ ما تضمّنه الملخّص العسكري في ظلّ علامات الاستفهام الكبيرة التي تطرح حول قدرة عناصر الحزب على الصمود وسط محاولات العدوّ المستمرّة لقطع أيّ نوع من الإمداد للجبهات الخمس المفتوحة من الناقورة غرباً حتى شبعا شرقاً، هو تأكيد المقاومة أنّ “خطوط الإمداد نحو الجبهة ومحاور الاشتباك لم تنقطع منذ بدء العدوان على لبنان، وما زالت الجبهات تُرفد بالسلاح والعديد اللازم وفق الخطط المُعدّة مُسبقاً”.

أكّدت مصادر عسكرية لـ”أساس” أنّ “هذه نقطة محورية في سياق الحرب المفتوحة مع العدوّ، فعلى الرغم من الحصار الكامل على عناصر الحزب وضرب عدد كبير غير ممكن تقديره للبنى التحتية العسكرية للحزب، لا تزال المقاومة قادرة ليس فقط على تكريس خطوط دفاع على خمسة محاور حدودية بل تدشين مرحلة استهداف مدنيين للمرّة الأولى منذ الثامن من تشرين الأول 2023 منذ إطلاق الحزب تحذيرات لمستوطني شمال إسرائيل بالإخلاء، إضافة إلى توسيع دائرة القصف وصولاً إلى تل أبيب. وهو واقع استدعى ردّة فعل همجية من جانب العدوّ ترجمت في الساعات الماضية بالقصف المكثّف للضاحية وتوسيع دائرة التهجير والتدمير بقاعاً وجنوباً”.

ضغط على ميقاتي

إذا كان الميدان يتقدّم راهناً على ما عداه في ظلّ فرملة المساعي السياسية والدبلوماسية لوقف إطلاق النار، فإنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المنكوب بواقع احتكار نتنياهو وحده لقرار وقف الحرب والضغط الأميركي- الإسرائيلي لوقف الحرب من جانب واحد، يتعرّض أيضاً لضغط داخلي عَكَسه بوضوح نواب ووزراء الحزب من خلال مطالبتهم “بالصرف فوراً من جيْب الحكومة وليس فقط الاتّكال على المساعدات”.

إذ بعدما رَفَع وزيرا الأشغال علي حميّة والعمل مصطفى بيرم الصوت عالياً داخل السراي وخارجه، لاقاهما النائب حسين الحاج حسن أمس بالتأكيد أنّ “الإنفاق الحكومي على النازحين زهيد ولا يتناسب مع حجم الأزمة، مع العلم أنّ الحساب 36 (حساب الخزينة) يتضمّن رصيداً ماليّاً كافياً لست صاحب صفة للإعلان عنه، بل يعرفه وزير المال ورئيس الحكومة ورئيس لجنة طوارئ الأزمة ناصر ياسين. المبلع كبير ويمكن الاستفادة منه، ولا نعتقد أنّ هناك ضرورات وطنية أهمّ من ملفّ النزوح. فعلياً، لقد حَصَل صرف على كثير من الأمور لا نراها أولويّات”. كاشفاً أنّ “بعلبك- الهرمل التي تضمّ 70 ألف نازح تمّ تخصيص 37 ألف دولار لها، وهي ليست مساعدات بل نفقات تشغيلية”. كما أعلن الاتفاق بين نواب الحزب والرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي على “ضمّ بعلبك- الهرمل إلى نطاق صلاحيّات مجلس الجنوب”.

ملاك عقيل- اساس

مقالات ذات صلة