“القوات” قالت كلمتها في مؤتمر معراب 2: لا أنصاف حلول في قاموسها!!

ضُخّت في اليومين الفائتين معلومات كثيرة عن تسوية بين اسرائيل ولبنان تلوح في الأفق، لعبت فيها الولايات المتحدة الأميركية بشخص موفدها إلى الشرق الأوسط آموس هوكشتاين الدور الأساسي لتقريب وجهات النظر بين طرفي الصراع حول التفاصيل، لكن النتيجة باءت بالفشل أمس عندما زار هوكشتاين اسرائيل والتقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي أجمعت آراء الخبراء السياسيين على أنه لن يُقدّم للرئيس الأميركي جو بايدن أي هديّة قبل أسبوع على انتهاء ولايته. والدليل على فشل هوكشتاين هو تجنّبه زيارة بيروت وعودته إلى واشنطن.

لكن لا شك في أن تفاصيل التسوية التي سرّبتها الصحافية الاسرائيلية مثيرة للإهتمام، وتعكس مضمون أي تسوية مستقبليّة ولو طرأت عليها تعديلات فيما بعد، وأهمها وقف إطلاق النار لمدة شهرين، انسحاب الجيش الاسرائيلي من الجنوب اللبناني خلال أسبوع، تراجع “حزب الله” 10 كيلومترات، مع انشاء منطقة منزوعة السلاح ينتشر فيها 10 آلاف عنصر من الجيش اللبناني و”اليونيفيل”، اعطاء صلاحيات للجيش بمصادرة أي سلاح يمر عبر الحدود اللبنانية السورية. وعُلِمَ أن اسرائيل اشترطت أن تراقب الأراضي اللبنانية الحسّاسة جواً، وهذا ما يرفضه الجانب اللبناني أصلاً.

هذه التسوية التي طرحها هوكشتاين كان قد اتفق مع الرئيس نبيه بري عليها، وأبدى الأخير تفاؤله مع تأكيده أن “العبرة في التنفيذ”.

أهمية ما حصل أنه يعبّر عن اتجاهات واشنطن للحلّ وهو لا يبدو أنه يعطي أهمية لنزع سلاح “الحزب” نهائياً، إنما طرح ما يشبه أنصاف الحلول، ما يزيد التعقيدات في الداخل اللبناني، لأن السلاح سيُبعد عن الحدود ويُصبح في الداخل وهذا ما قد يؤسس إلى توتر كبير بين “الحزب” ومعارضيه اللبنانيين.

حتماً ما سُرّب من الصحافة الاسرائيلية، لا مصداقية له، لأنه لم يصدر عن أي جهة رسميّة، ولم يؤكّده هوكشتاين ولم يصدر أي موقف من “الحزب” حياله، لذلك تحفّظت “القوات اللبنانية” عن بناء موقف حوله.

عموماً، لا تؤيّد “القوات” أنصاف الحلول، وتبني سياستها على ما هو مُعلن، وتعتبر أن ما قاله هوكشتاين في الزيارة الأخيرة للبنان عندما التقى بري في عين التينة، هو أن واشنطن تعمل على صيغة لإنهاء الصراع إلى الأبد. وما فهمته “القوات” من هذا الكلام الواضح والصريح أن الصيغة الجديدة تقوم على تحرير لبنان من إيران أو أن لا يعود لبنان ساحة لإيران، فلا تتكرّر حرب تموز 2006 وحرب 23 تشرين الأول 2023، فيما تخوض اسرائيل، كما تزعم، حربها الأخيرة على مستوى المنطقة كي لا تُهدَّد بعد اليوم من الأذرع العسكرية الإيرانية من جنوبها وشمالها.

واللافت أن “القوات” قالت كلمتها في مؤتمر معراب 2 وهي تكرّر اليوم أن المطلوب وقف التحاذق لبنانياً وتطبيق القرارات الدولية 1701 و1559 و1680 فوراً، وبالتالي هي ترى أن لا عودة إلى ما قبل 23 تشرين الأول 2023، علماً أن اتفاق الطائف ينصّ على تسليم سلاح الميليشيات، بما فيها سلاح “حزب الله” إلى الجيش اللبناني، وكل ما وصل إليه لبنان من دمار ودماء وفوضى وفقر هو نتيجة تجاوز الشقّ السيادي من الدستور والقرارات الدولية.

وبالنسبة إلى “القوات” لا تحتاج الأمور إلى أي تسوية أو صيغة جديدة، فتنفيذ القرار 1701 بكل بنوده يضمن لكل أطراف الصراع الهدوء والآمان والاستقرار، وهو واضح من حيث تجريد الميليشيات من السلاح وتسليمه إلى الجيش اللبناني، إضافة إلى منع تلقي “الحزب” السلاح من الخارج، وضرورة ضبط الحدود، كل هذه المسائل واضحة ومطلوب تطبيقها فقط.

وتقرأ مصادر في “القوات” ما هو أبعد من ذلك في الحركة الاسرائيلية وتصميمها الكبير على إنهاء خطر “الحزب” عليها، وتعتبر أن اسرائيل كانت تخوض حروباً كحد أقصى لشهر واحد، أما اليوم فقد تجاوزت السنة في حربها على “حماس” و”الحزب”، وتظن المصادر أن اسرائيل تريد أن تنهي مسألة الأذرع العسكرية الايرانية في المنطقة لأنها، وفق مسؤوليها، تشكّل خطراً وجودياً عليها.

تواكب “القوات” ما تراه تحوّلات كبيرة على صعيد المنطقة، وما يُحكى عنه كتسوية وانسحاب “الحزب” إلى شمال الليطاني وما إلى ذلك من بنود، أصبحت قديمة، وما هو مطروح سيتبلور أكثر مع ما سيؤول اليه الصراع بين اسرائيل وايران، وخصوصاً بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

جورج حايك- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة