قضايا الفساد تُلاحق سلامة: من رجل عظيم وحاكم لأكثر من 30 عامًا … إلى مطلوب للمحاكم الأوروبية!
أصدر قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، نقولا منصور، مذكرة توقيف وجاهية بحق حاكم مصرف لبنان السابق، رياض توفيق سلامة، بعد استجوابه اليوم الخميس، 31 تشرين الأول، في إطار اتهامات وجهت له سابقًا تتمحور حول ارتكابه جرائم الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال واختلاس المال العام.
عقارات وأملاك الحاكم في فرنسا هي محور القضية اليوم لدى قاضي التحقيق الأول، وهي دعوى قديمة، إذ سبق وأن ادعت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان، غادة عون على سلامة وصديقته آنا كازاكوفا، بجرائم الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، وحُول آنذاك الملف لقاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، القاضي نقولا منصور الذي استجوبه اليوم.
فساد ماليّ
لا يزال سلامة موقوفًا بعهدة قوى الأمن الداخلي، في قضايا مالية سابقة، ويرى متابعون لمسألة احتجاز سلامة، أنها “فرصة ذهبية” لفتح جميع الملفات التي يُدان بها سلامة. بهذه الطريقة، بامكان القضاء التوسع بكل الملفات الموجودة لديه والتحقيق مع سلامة من خلال تحديد جلسات استجواب له طيلة فترة احتجازه. وسبق وأن حدد القاضي منصور جلسة لسلامة، لكن الأجهزة الأمنية لم توافق على سوق سلامة لقصر عدل بعبدا، بسبب الأوضاع الأمنية حينها ونتيجة الغارات العنيفة على الضاحية الجنوبيّة، لكن اليوم تم سوقه للمثول أمام القاضي منصور وهو مخفور اليدين ومن ثم أعيد لزنزانته لدى قوى الأمن الداخلي.
وحسب مصادر قضائية فإن القاضي منصور حقق مع سلامة حوالى الساعتين، في قضية سابقة تتعلق بالشقة الموجودة في فرنسا، والتي استأجرها مصرف لبنان المركزي سابقًا (خلال ولاية سلامة)، من شركة صديقة الحاكم، آنا كازاكوفا، بحوالى نصف مليون دولار أميركي سنويًا، بحجة أنها مركزًا ومكتبًا لعمليات المصرف في الحالات الطارئة.
مبلغ خياليّ
وحسب معلومات “المدن” فإن هذه الشقة التي حُولت لمكاتب، صغيرة وضيقة جدًا، وسبق وأن داهمتها السلطات الفرنسية بالتزامن مع بدء تحركات الوفود الأوروبية وتوسع التحقيقات في قضايا سلامة وعقاراته وأملاكه في الخارج، وتبيّن في العام 2021، خلال مداهمة عدد من الشقق التي كان يشتبه بأن ملكيتها تعود لثلاثة أشخاص وهم: الحاكم، وصديقته الأوكرانية (آنا كازاكوفا)، وشقيقه رجا سلامة، وهم من المدعى عليهم في عدة قضايا مالية في أوروبا ولبنان. وهذه العقارات التي سُجلت بأسماء شركات، تبيّن لاحقَا بعد تحقيقات موسعة أن ملكيتها تعود للحاكم وعائلته.
مكاتب المصرف المركزي، هي محور التحقيقات في قصر عدل بعبدا حاليًا، تقع في منطقة شانزاليزيه الفرنسية الشهيرة، استأجرها مصرف لبنان منذ سنوات بسعر خياليّ نسبةً لحجمها الصغير، وحوّل المصرف المركزي تكاليف الايجار للشركة المالكة للعقار، أي لصديقة وشريكة سلامة، التي تربطها بالحاكم طفلة، فضلاً عن عقاراتٍ وأملاك.
واللافت في هذه الشقة الباهظة الثمن أنها خالية إلا من بعض الحواسيب، وبحسب المعلومات فإن مصرف لبنان دفع الحسابات بشكل منتظم منذ العام 2011، يمبلغ يقدر حوالى 37،888 يورو شهريًا، وكانت هذه المكاتب في الطابق الرابع، وبداخلها الحواسيب المتصلة بشبكة server، لكنها خالية من الموظفين ومن أية وثائق، وهو ما اعتبر دليلًا على أن الشقة أو المكاتب تستخدم كواجهة لتبرير تحويل مبالغ طائلة من المصرف المركزي لشركة في فرنسا.
وكان من المفترض أن تملك هذه المكاتب ترخيصًا من المصرف المركزي الفرنسي، لكونها تقدم خدمات مصرفية تابعة لمصرف لبنان المركزي، لكن التحقيقات الفرنسية أظهرت أن المصرف المركزي الفرنسي لم يكن على علمٍ بوجود مكاتب تابعة لمصرف لبنان.
في لبنان، وحسب مصادر “المدن” وبعد انتشار رائحة الفضائح في مصرف لبنان، وتحرك القضاء اللبناني والأوروبي، اجتمع مصرف لبنان عدة مرات، خلال ولاية سلامة، لاختلاق ذرائع وتبرير وجود المكتب.
إذن، مذكرة توقيف وجاهية ثانية تصدر بحق سلامة، وخلفها عشرات القضايا المالية التي يُلاحق بها سلامة وأعوانه في المحاكم الأوروبية، التي أصدرت مذكرة توقيف وجاهية بحقه وتم تعميم اسمه عبر الإنتربول الدولي. هكذا، تحول الرجل العظيم في المصرف المركزي، من حاكم لأكثر من 30 عامًا حائز على جوائز عالميّة إلى مطلوب للمحاكم الأوروبية بقضايا فساد مالية.
فرح منصور- المدن