هل استنزفت إسرائيل بنك الأهداف العسكرية… وهل باتت بحاجة الى جمع معلومات محدثة ؟
بعدما أفشل آموس هوكشتاين مهمته قبل زيارته إلى لبنان وسماع الرد اللبناني على ما كان يحمله المغلف الذي في يده، لجهة ردم “الفجوة السحيقة” في الطريق إلى وقف “حرب لبنان الثالثة”، شكل ذلك مبرراً وذريعة لإسرائيل، لتصعيد وتوسيع إندفاعيتها في تنفيذ إستراتيجية “التدمير الشامل” بوحشيتها وهمجيتها، إعتباراً من مساء الاثنين، ممعنة في المضي بمزيد من جولات الدمار والدم.
ما إن أقلعت طائرة هوكشتاين من مطار رفيق الحريري الدولي، حتى عاود العدو الاسرائيلي قصفه لبيروت ومحيطها، بعدما شهدت سماؤها هدوءاً لبضعة أيام، قيل إنه عكس تفاهماً مع واشنطن، تعهدت فيه بإلزام تل أبيب بخفض التصعيد ضد العاصمة. فمسؤول الاعلام في “حزب الله” محمد عفيف أكد من قلب الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعرضت لأكثر من 12 غارة ليل الاثنين واستُهدفت نهار الثلاثاء بغارات إحداها في الغبيري خلال عقده مؤتمره الصحافي فيها، أن الأفكار التي طرحها هوكشتاين “لم تكن سوى استطلاع أولي بالنار لموقف المقاومة على وقع المجازر والدماء، وثقتنا بالرئيس نبيه بري تامة وكاملة ونؤكد موقفه القاطع لا مفاوضات تحت النار وما لا يؤخذ بالنار لا يعطى بالسياسة (…) والنار بالنار والدم بالدم والحديد بالحديد”.
وبالتوازي مع ذلك، إستمر القصف الاسرائيلي لقرى الجنوب والبقاع وبلداتهما مع إصدار أوامر لإخلاء القرى قبل ما يقارب الساعة من قصفها، لا بل توسعت إسرائيل في تنفيذ قصف عنيف ضد أهداف مدنية في كل من البقاع والجنوب، فضلاً عن نقاط مختارة بعناية في جبل لبنان والشمال، حيث لجأ النازحون إلى أماكن آمنة، وطال القصف محيط مستشفى تمنين ورياق في البقاع ما أدى الى ضرر بالغ في أبنية المستشفيين وإصابات في صفوف المرضى والطاقم الطبي. وكذلك استهدف القصف بلدة برجا في قضاء الشوف ما أدى الى سقوط 4 ضحايا و18 إصابة، وقصف بلدة المعيصرة في قضاء كسروان بجبل لبنان ما أوقع 9 ضحايا وأصاب 15 آخرين، يُضاف إلى ذلك، قصف عنيف على زغرتا شمالاً والذي أسفر عن وقوع 21 ضحية وعشرات المصابين.
من الواضح أن العدو الاسرائيلي رفع من مستوى حربه على “حزب الله”، مستهدفاً فروع “القرض الحسن” ثم إطاحة وعد تحييد بيروت التي ضربت في محلة الجناح حيث وقعت مجزرة ليل الاثنين قرب مستشفى رفيق الحريري الحكومي (أدت الى سقوط 18 ضحية بينهم 4 أطفال و60 جريحاً في حصيلة غير نهائية)، وتلويحها ببدء ضرب مستشفيات في الضاحية، فضلاً عن مرفأ الصيادين في محلة الأوزاعي، مع الإمعان في إسقاط مبانٍ ومجمعات سكنية في مختلف المناطق التي تشكل “البيئة الشعبية” للحزب، وطالت أمس مدينة صور بصورة ملحوظة.
يلاحظ من خلال خريطة الاعتداءات الاسرائيلية الآخذة بالتوسع والتمدد أنها خلال الأسابيع الماضية، غير مصحوبة ببيانات إسرائيلية تعلن عن أهداف عسكرية محددة، ما عدا ما تحمله تلك البيانات من تلميح “ضعيف” الى إستهداف بنى تحتية لـ “حزب الله”، والانتقال من ضرب الأهداف العسكرية إلى البنى التحتية المالية والصحية والمجتمعية والمجمعات السكنية للحزب وبيئته، فضلاً عن رسائل “نارية” سياسية “تحذيرية” للرئيس نبيه بري، الذي أبلغ هوكشتاين موقف لبنان “الرسمي” و”حزب الله” الرافض للمقترحات التي حملها معه.
الطابعان “المدني” و”المديني” للقصف الاسرائيلي، يدعو الى التساؤل، هل إستنفر العدو الاسرائيلي بنك الأهداف العسكرية التي بحوزته عن “حزب الله”، وبالتالي هل بات في حاجة الى جمع معلومات محدثة بشأن الانتشار المحتمل للحزب؟ من يرجح هذا الاحتمال يربطه باستمرار التحليق التجسسي للمسيرات الاسرائيلية في سماء بيروت، بالاضافة إلى الكشف عن القبض على عدد من العملاء بمعرفة مخابرات الجيش وفرع المعلومات للاشتباه بمحاولتهم جمع معلومات والتقاط صور في الضاحية الجنوبية.
الوقائع الميدانية سوف تجيب عن هذا التساؤل، بعدما رحلت كل الجهود الديبلوماسية للتوصل الى تسوية لوقف اطلاق النار الى ما بعد الانتخابات الأميركية، خصوصاً وأن الرد الاسرائيلي المتوقع على إيران سيحدد إتجاهات الحرب ومساراتها ومدى آليتها للتوسع، ما يبقي الكلمة الى أجل غير محدد للميدان، خصوصاً بعدما أكثر الحزب من تظهير استعادة عافيته في الهجمات الصاروخية، في تطور يربطه المحللون بـ “كلمة السر” من إيران التي تملك “التحكم والسيطرة” على الأسلحة النوعية، التي بحوزة الحزب.
لبنان الكبير