هل يبعد مؤتمر باريس نار إسرائيل و يمنع إفراغ الجنوب من أهله؟
تتجه الأنظار اللبنانية من مسرح العمليات العسكرية الإسرائيلية اليومية والقصف الذي يستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت فضلا عن بقية المناطق، إلى باريس حيث ينعقد اليوم مؤتمر دعم للبنان بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وشخصيات دولية وعربية.
واستقبل ماكرون ميقاتي في قصر الاليزيه عصر أمس، وأفاد المكتب الاعلامي لميقاتي بأنه تمت «على مدى ساعة ونصف الساعة مناقشة الوضع الراهن في لبنان والمساعي الفرنسية لوقف اطلاق النار، اضافة إلى التحضيرات لمؤتمر لدعم لبنان».
وعقد الرئيسان ماكرون وميقاتي اجتماعا في مكتب الرئيس الفرنسي، شارك في بدايته وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، ثم عقد الرئيسان خلوة مطولة.
وفي خلال الاجتماع أكد ماكرون، بحسب بيان مكتب ميقاتي، «استمرار جهوده ومساعيه بالتعاون مع الولايات المتحدة الاميركية لوقف اطلاق النار وبحث السبل الكفيلة للضغط على إسرائيل من اجل ذلك».
بدوره، عبر رئيس الحكومة اللبنانية عن شكره الكبير للرئيس ماكرون«على دعمه الدائم والمستمر للبنان». كما شكره «على كل المساعي والجهود التي يبذلها في سبيل وقف اطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي».
واعتبر«ان مؤتمر دعم لبنان خير دليل على اهتمام فرنسا بلبنان والبقاء إلى جانب اهله».
وليس سرا أن المؤتمر سيركز على تأمين حزمة مساعدات مالية قد تصرف في شكل عيني، وتأتي استكمالا لجسر الإغاثة الدولي إلى مطار بيروت عبر عواصم عربية وأوروبية.
وفي هذا الإطار، توجه الرئيس ميقاتي مع عدد من الوزراء للمشاركة في المؤتمر. وحرص ميقاتي على السفر مع الوفد المرافق برحلة عبر شركة طيران الشرق الأوسط «الميدل إيست»، وبالدرجة السياحية، وعدم الذهاب بطائرته الخاصة، كي لا يثير حساسية المشاركين بالمؤتمر والظهور كما لو انه بمنأى عن شعبه المهجر في دولة تحت وطأة حرب، وتعاني أزمة اقتصادية عاجزة فيها عن تلبية الاحتياجات الضرورية لمواطنيها.
وفي بيروت، التقت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة. وكانت قالت بعد وصولها إلى بيروت «إن المهمة الآن هي التوصل إلى حل ديبلوماسي قابل للتطبيق للصراع بين إسرائيل ولبنان».
وحذرت بيربوك وفق بيان أوردته «رويترز» أن لبنان «بات على شفير الانهيار». وأكدت أن «أي اعتداء متعمد على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة يشكل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني».
وفيما يواجه البحث الجدي في وقف لإطلاق النار بتصلب موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يقابله المفاوض اللبناني الفعلي مع الجانب الأميركي الرئيس بري، الخبير في هذا المجال، والحريص على حماية ظهر شريكه في «الثنائي» «حزب الله»، ومنحه فرصة تحسين وضعه من خلال الميدان بمنع التوغل الإسرائيلي، والحد من الأضرار اليومية التي تتكبدها البلاد، وفي طليعتها إصرار إسرائيل على تفريغ الجنوب ديموغرافيا، في ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ البلاد منذ قيام دولة لبنان الكبير في الأول من سبتمبر 1920.
إلى ذلك، نعى حزب الله رسمياً أمس رئيس مجلسه التنفيذي هاشم صفي الدين، مؤكدا أنه قضى في غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت قبل نحو ٣ اسابيع.
وبادر مستشار كبير في مؤسسة وطنية جامعة للبنانيين «الأنباء» بالقول تعليقا على المشهد العسكري في لبنان، إن حديث مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب محمد عفيف نسف كل شيء. ورأى المستشار «ان لبنان مقبل على أسابيع صعبة عسكريا من حيث الدمار جراء الضربات الإسرائيلية». وتحدث عن «إعادة تموضع للجيش اللبناني في القرى الحدودية اللبنانية، اذ لا قدرة على إيصال التموين للعديد من جنود الجيش وضباطه، ولا إمكانية في المرور قرب نقاط إسرائيلية تكشف تحرك آليات الجيش، وقد استهدفت إحداها وسقط 3 شهداء».
وتابع: «حصل الجيش على غطاء سياسي رسمي بتفادي الدخول في مواجهة مباشرة مع العدو الإسرائيلي لأسباب معروفة من الجميع (الفارق في السلاح الذي يمنح الجيش الإسرائيلي تفوقا نوعيا). ويتعامل الجيش بدقة مع تداعيات المواجهات، من بوابة تأمين سلامة المواطنين، وحماية السيادة اللبنانية».
كذلك علق سياسي لبناني رفيع لـ «الأنباء» على إدارة الرئيس بري للمفاوضات مع المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين بالقول: «لا يؤخذ الرئيس بري بالعناوين الإيجابية، ويتمتع بقدرة مسبقة على تبيان خواتيم الطروحات. وربما تعمد عدم العرقلة لمعرفة الموقف الإسرائيلي، والدور الأميركي في السعي إلى تحقيق وقف سريع لإطلاق النار لا يتخطى الانتخابات الرئاسية الأميركية ونتائجها في 5 نوفمبر المقبل». في هذا الوقت استمر انشغال الساحة السياسية بنتائج جلسة الحوار الأولى حول وقف إطلاق النار، والرد الذي حمله الموفد الأميركي بعد اجتماعه مع الرئيس نبيه بري لإبلاغه إلى المسؤولين الإسرائيليين. وقد حذرت مصادر مقربة من بري «من المبالغة في تفسير نتائج الاجتماع أو تحميله أكثر مما يحمل». ورأت انه «كان البداية ولم تتجاوز النقاشات وضع أطر للأسس التي ستقوم عليها وآلية التطبيق للقرار 1701».
وقالت المصادر لـ «الأنباء»: «يواجه الجانب الأميركي تحديات صعبة في ظل التعنت الإسرائيلي الذي يرفع من سقف شروطه، ويصر على التفاوض تحت النار من خلال زيادة حجم التدمير والمجازر التي ارتكبها بعد المفاوضات مباشرة. وكان لافتا أن الإنذارات بالقصف الجوي توجه إلى المناطق الخالية من السكان، فيما تفاجئ الضربات المناطق المأهولة بغارات غير معلنة موقعة مجازر».
وتحدثت المصادر «عن مهمة صعبة لهوكشتاين الذي انتقل من بيروت إلى إسرائيل التي سبقه إليها وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن». وقالت ان الأخير «ركز على 3 محاور: لبنان وغزة وحجم الضربة الإسرائيلية المقرر توجيهها إلى إيران. فيما كان لافتا توقيت إعلان عفيف ان المسيرة التي استهدفت منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي في قيساريا هي من عمل الحزب، بهدف إبعاد المسؤولية عن إيران التي اتهمتها إسرائيل بذلك». والراهن أن الأيام الصعبة اللبنانية تشهد توزيع الغارات الإسرائيلية على مدى الساعات الـ 24، حيث تنال الضاحية الجنوبية لبيروت ليلا الحصة الأبرز بتدمير أبنية سكنية، وتنال بقية المناطق حصتها من القصف نهارا، حيث واصل الجيش الإسرائيلي استهدافه المنظم للساحل الجنوبي بتوسيع ضرباته الجوية على مدينة صور، ودفع أهلها إلى المغادرة، وتاليا تهديد سكان المناطق الساحلية وصولا إلى الغازية. واستهدفت عدة غارات إسرائيلية صور، على ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية، منها قصف «مسيرة معادية شارع صوت الفرح في صور» وشوهدت سحب دخان تتصاعد من المدينة.
الانباء الكويتية