على قاعدة «نكون أو لا نكون»… هكذا يرتّب «حزب الله» الأولويات!
لا شيء يعلو لدى «حزب الله» في هذه المرحلة على الصمود في مواجهة العدوان الإسرائيلي وصولاً إلى منعه من تحقيق أهدافه، وهذا هو التعريف البسيط للنصر في هذه الحرب بالنسبة إليه، وما دون ذلك من رئاسة جمهورية وغيرها يأتي في أوانه.
بناءً على ترتيبه للأولويات والتحدّيات، يشعر «حزب الله» الذي استشهد أمينه العام السيد حسن نصرالله وعدد من قادته، أنّه يخوض حرب وجود على قاعدة «نكون أو لا نكون»، خصوصاً بعدما تدرّج الكيان الإسرائيلي في أهدافه، من إعادة المستوطنين النازحين إلى الشمال نحو تدمير الحزب ككل، وفق ما صرّح وزير الحرب يوآف غالانت الطامح كما رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى «تغيير وجه الشرق الأوسط» من البوابة اللبنانية.
وربطاً بهذا التحدّي الوجودي، يعتبر «الحزب» أنّ الظرف الراهن لا يسمح بالخوض في تفاصيل الملف الرئاسي أو بحسمه وفق معايير سليمة، وذلك على قاعدة أنّ المطلوب بالدرجة الأولى بقاء الجمهورية، التي تتعرّض لأشرس عدوان، حتى يتمّ اختيار الرئيس المناسب لها، بالإضافة إلى أنّ الإتيان برئيس تحت النار أو تحت الضغط قد يؤدّي إلى سلق الاسم سلقاً أو إلى إحداث «خط عسكري» بحجة «انتخاب الضرورة» لتأمين عبور خيار مريب إلى قصر بعبدا، انطلاقاً من فرضية خاطئة أصلاً، وهي أنّ موازين القوى الداخلية تغيّرت وما كان يصحّ قبل الحرب لم يَعُد يصحّ بعدها.
لذا، وإزاء استعجال قوى سياسية البت في الاستحقاق الرئاسي على وقع الحرب الإسرائيلية والاستنتاجات المتسرّعة لمآلاتها، دفَع «الحزب» من جهته نحو تأجيل حسم هذا الاستحقاق إلى ما بعد وقف إطلاق النار، حتى لا يأخذه أحد على غفلة أو على حين غرّة.
وإذا كان خصوم «حزب الله» قد بدأوا يتصرّفون مبكراً على أساس أنّ «الثنائي الشيعي» بات ضعيفاً، وبالتالي لم يَعُد يملك حق «الفيتو» الرئاسي أو القدرة على اعتراض الموجة المعاكسة، فإنّ هناك مَن يلفت إلى أنّ ما انتهت إليه محاولة انتخاب الرئيس على إيقاع العدوان الإسرائيلي، إنما أثبتت أنّ هذا التقدير للموقف كان سطحياً ومرتجلاً، وأنّ أول اختبار خلال الحرب لتطويق الحزب والرئيس نبيه بري لم ينجح.
ويشدّد أصحاب هذا الرأي على أنّ دخان القصف والغارات لا يستطيع أن يحجب استحالة تهميش أي من المكوّنات الأساسية في مسألة اختيار رئيس الجمهورية المقبل، ولا أن يغطّي على إلزامية تأمين أوسع توافق ممكن لملء الشغور في بعبدا.
وتشير شخصية سياسية واكبت كواليس المسعى الذي جرى لـ«اقتناص» رئيس على عجل، إلى أنّه سقط عملياً، «إذ قُضيَ الأمر والرئيس بري لن يدعو إلى جلسة انتخابية قبل أن يتمّ الإعلان عن وقف إطلاق النار»، منبّهةً ألى أنّ التوازنات الداخلية هي أكثر تعقيداً من حماسة هواة الاستثمار في العوامل الخارجية.
وتلفت تلك الشخصية إلى أنّه صحيح أنّ «الحزب» تعرّض لخسائر في هذه الحرب، لكن لم تَلحق به الخسارة، وهناك فارق جوهري بين الأمرَين ومَن لا يُميّز الأولى عن الثانية يكون قد ارتكب خطأ فادحاً في المقاربة وفي فهم حقيقة وضع الحزب.
وتعتبر أنّ بري، وخلافاً لما يظنّه البعض، ليس أقل حرصاً على موقع «حزب الله» في المعادلة السياسية من «الحزب» نفسه، لمعرفته بدقّة التوازنات الوطنية وضرورة حمايتها.
عماد مرمل- الجمهورية