«إتفاق مار مخايل» طالق بالثلاثة… من أجل «اليوم التالي للحرب»!

أطلق رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، «رصاصة الرحمة» على «اتفاق مار مخايل» الذي شكّل تحالفاً استراتيجياً ومحورياً بين التيار و»حزب الله» في العقدَين الأخيرَين، ممهّداً لنفسه وتياره طريقاً مختلفاً في السياسة المحلية، وتحديداً من أجل «اليوم التالي للحرب».

في مقابلةٍ تلفزيونية، أعلن باسيل خروجه من «محور الممانعة» في «عزّ الحرب» التي تلقّى فيها «حليفه السابق» ضربات قاسية باغتيال قادته وعلى رأسهم الأمين العام السيد حسن نصرالله، حتى وأنّه حمّل «الحزب» مسؤولية إدخال لبنان الحرب ووضعه في دائرة «اللادفاع عن النفس»، معتبراً أنّ «إسناد غزة كان خطأً».

لكن لماذا التوقيت اليوم؟ ولماذا سيكون هذا طلاقاً قاضياً ونهائياً؟
يعتقد مراقبون أنّ الخلافات بين الحليفين السابقين كان لا بُدَّ أن تصل إلى نقطة اللاعودة، واليوم بات «الحزب» في موقع ضعيف في السياسة الخارجية، لأنّ العالم بأجمعه يقف ضدّه، فلم يَعُد من مصلحة للتيار البقاء الى جانبه، إنّما بات باسيل يجد البقاء في المحور مكلفاً في ظلّ ما تلقّاه حلفاء إيران من «هزائم وخروقات واغتيالات».

كذلك تشير المصادر، إلى أنّ باسيل لم يكن يرتبط بتياره مع «محور الممانعة» سياسياً منذ أكتوبر، يوم بداية «حرب إسناد غزة»، لكن لم يكن من الممكن الطلاق الثالث والأخير الناهي، قبل معرفة المتغيّرات في الحرب التي تُفصِّل حصّة كل فريق سياسي في «اليوم التالي للحرب».

لذلك، كان الطلاق الأول مع نهاية عهد الرئيس ميشال عون في رئاسة الجمهورية، ونتيجة تأجّج مشكلات حكومات العهد الذي «كان ليسقط أمام موجة 17 تشرين ثم انفجار مرفأ بيروت» لولا رافعتا «حزب الله» وفرنسا توالياً. كما أنّ التيار لم يكن يومها قادراً على الخروج من «اتفاق مار مخايل» لأنّه كان في موقع ضعف وعلى أبواب انتخابات تشريعية هو بأمسّ الحاجة لـ«الثنائي الشيعي» لجمع كتلة نيابية مسيحية وازنة في المجلس.

الطلاق الثاني، أتى خلال فترة «حكومة تصريف الأعمال»، وتحديداً في ملف الانتخابات الرئاسية التي أفضت إلى خلو الساحة من «نقاط الالتقاء» بين التيار والحزب، بما أنّ الأخير دعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. غير أنّ باسيل لم يكن قادراً على الخروج من الاتفاق، لأنّه لم يكن في موقع قوة أيضاً ليتفوّق على «حليفه» ويفرض مرشحاً رئاسياً.

لذلك، وصلت الأمور إلى وسط أيام الحرب وبعد زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتين لمعرفة الردّ اللبناني من رئيسَي الحكومة نجيب ميقاتي ومجلس النواب نبيه بري، في شأن المقترح الأميركي لوقف النار، والذي كان يُعتبَر بمثابة «صك استسلام الحزب ولبنان وتسليم السيادة العسكرية والأمنية اللبنانية إلى الخارج».

وهنا يرى «التيار الوطني الحر» نفسه في نقطة أقوى من «حزب الله» ليخرج من الاتفاق، معلناً طلاقاً لا عودة عنه، ولا يمكن أن يتلقّى على إثره هجوماً من «الحزب» الملهي بالحرب مع العدو الإسرائيلي. كما أنّ التيار سيخرج بأقل الأضرار في خضم الحرب التي يعتبر نفسه غير معني بخوضها ميدانياً، بالتالي سيبقي على وزرائه في الحكومة لتقديم «دعم وطني»، تزامناً سيكون قادراً على إعادة بلورة خطّه وتموضعه السياسي تبعاً لمتغيّرات الحرب، وصولاً إلى نهاية الحرب وإعادة تشكيل التوازنات الجديدة.

وتشير مصادر لـ«الجمهورية»، أنّ طلاق التيار ـ الحزب لن يكون الأخير سياسياً بين «حزب الله» وحلفائه، إذ يُتوقع أن يمتدّ إلى حلفاء «سنّة ودروز». غير أنّ الأخيرين يفضّلون الانتظار أكثر قبل إعادة التموضع، تفادياً لوقوعهم في أخطاء استراتيجية قد تكلّفهم في السياسة الداخلية للبلد، وفي انتخابات نيابية إن حدثت في ربيع العام.

الجمهورية

مقالات ذات صلة