الخطوة الأخيرة نحو التفجير: “تغييب” بري في رأس نتنياهو!
اذا كان أدولف هتلر قد قاد اليهود الى المحرقة، الى أين يقودهم بنيامين نتنياهو؟ السؤال للمفكر الفرنسي ايمانويل تود. الاجابة أيضاً «… الى الجحيم»، اذ «كيف لتلك الأقلية وسط أوقيانوس بشري معاد أن تحمل كل تلك الجثث على ظهرها»، ليلاحظ أن الأزمنة لم تعد تدفن الضحايا في الذاكرة، قبل أن تدفن في االتراب. الآن «زمن آخر، الجثث تتحول الى أشباح وتلاحق القتلة»!
من حولوا غزة الى مقبرة يفعلون ذلك في لبنان، وقد كتب كبار معليقهم عن «حربنا مع الأشباح». بيان للجيش «الاسرائيلي» بأن عدد المصابين من مساء السبت حتى الاثنين 123 بينهم 18 في غزة، و105 في لبنان. أي رقم هذا حين نرى المشهد الهائل لمئات الدبابات وقد وضعت في حال الاستعداد للقيام بعملية صاعقة، فيما يحذر الخبراء العسكريون من أن يتحول الجنوب اللبناني، وعلى غرار ما حدث في وادي الحجير ابان حرب تموز 2006، الى مقبرة للدبابات. هذه المرة لن تكتفي الميركافا بالبكاء…
رهان نتنياهو ـ الرهان التوراتي ـ تفريغ غزة من سكانها، كخطوة أولى نحو الاستيلاء على شبه جزيرة سيناء التي يتواجد فيها «جبل يهوه» (جبل الطور)، حيث أنزل الرب على موسى الوصايا العشر. قبلاً ترحيل سكان الضفة لتكتمل حلقة أخرى من السيناريو الخاص باقامة «اسرائيل الكبرى». في هذه الحال ما حال الجنوب اللبناني؟
الشروط «الاسرائيلية» لوقف النار، وبدءأ من ازالة أي أثر للمقاومة، تتعدى بكثير أحكام اتقاق 17 أيار 1983 الذي لم ير النور، والذي يضع لبنان تحت وصاية «اسرائيل». هنا ابقاء الجنوب منطقة مفتوحة للقوات «الاسرائيلية» للدخول اليها أنّى تشاء، اذا لاحظت أي محاولة لعودة المسلحين ، كذلك انتخاب رئيس للجمهورية (وتصوروا) يكون معتدلاً، أي رئيسأً بمواصفات «اسرائيلية».
المشكلة، وتبعاً لتعليقات وتصريحات أهل اليمين، أن حكومة نتنياهو تطرح شروط المنتصر، حتى وان كانت «اسرائيل» تدور في لبنان كما في غزة في حلقة مفرغة، وبعدما أظهرت يوميات المواجهة استحالة ترك أية حبة تراب مشرعة أمام الأقدام الهمجية. هذا لا يمنع من الاشارة الى اصرار «تل أبيب» على اقامة المنطقة العازلة، بالاستناد الى ما تعتبره الفارق الهائل في موازين القوى.
ما يفترض الاشارة اليه أن المبعوث الرئاسي آموس هوكشتاين، وبطبيعة الحال قريب من «اللوبي اليهودي»، الذي دأب على زرع رجاله داخل الادارات المتعاقبة. بين أركان هذا اللوبي من يتخوف من تداعيات اللعب العسكري ـ لا اللعب الديبلوماسي ـ على حافة الهاوية.
حلبة «الصراع الديبلوماسي» ضيقة جداً. قبل أن يصل الى بيروت، كان يعلم ألاّ مجال لتعديل أو لتغيير قرار مجلس الأمن رقم 1701، الاستعاضة عن ذلك بتفعيل آليات التنفيذ. هذه مسألة قابلة للتفاوض، حتى اذا ظهر الرئيس نبيه بري مع زائره في صورة باسمة، كانت الليلة الليلاء على جنوب لبنان وعلى جنوب بيروت، وصولاً الى أرجاء مختلفة من البقاع.
قيل ان مهمة آموس هوكشتاين وأنتوني بلينكن تبريد رأس نتنياهو. لكأنه تبريد رأس الشيطان، ولكن أي دونكيشوت ذاك حين يتمسك بشعاره «تغيير الشرق الأوسط»، ما عجز عنه الأميركيون، كما أن القضاء على المقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية، أكثر من أن يكون مستحيلاً. المؤرخ «الاسرائيلي» آفي شلايم ينصح بالواقعية اذ من له «أن يقتلع الجبال من مكانها»؟
لا ريب أن اي حرب الآن، ولطالما اشرنا الى الضبابية (والفوضى) الدولية والاقليمية الراهنة لا توصل الى مكان. الحرب للحرب. كما أن تنفيذ القرار 1701 لمصلحة لبنان، اذا كان يحد من السياسات الهيستيرية للائتلاف الحالي، الذي ما زال على اعتقاده أن انهاء الحرب يعني «انهاءنا». ولكن أليست الحروب الدورية جزءا من قناعة استراتيجية وايديولوجية «اسرائيلية» للحيلولة دون أي ارتجاج في البنية الفسيفسائية للدولة؟
حين نكون أمام كاليغولا القرن، وقد قرر كخطوة في الطريق الى تفجير لبنان، تغييب السيد حسن نصرالله عن المسرح، كقائد للمقاومة العسكرية، لا بد أن يفكر بتغييب الرئيس نبيه بري كقائد للمقاومة الديبلوماسية كحلقة أخرى، ربما تكون الخطوة الأخيرة نحو التفجير، وقد تابعنا على احدى الشاشات الآراء الغبية والمبرمجة لبعض أعضاء في الكونغرس، من أصل لبناني بالرجل.
اسألوا ايمانويل ماكرون حول ما يتم اعداده للبنان كدولة ولدت في قصر فرساي، ليعلن ذلك من قصر الصنوبر. الرئيس الفرنسي حذّر حتى الأميركيين، بقاء لبنان على فوهة البركان!!
نبيه البرجي- الديار