رياح المنطقة تشير الى عواصف مدمرة: هل تكون زيارة اموس الأخيرة والوداعيّة؟

فيما كانت انظار اللبنانيين كلها مشدودة الى زيارة الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين، علها تنتج وقفا لاطلاق النار وسط عدوان «اسرائيلي» لم يرحم لا الحجر ولا البشر بدأت وتيرته تتصاعد، بحيث استبقت «اسرائيل» زيارة المبعوث الاميركي بليلة دامية شنت خلالها اعنف الغارات على مقار مؤسسات القرض الحسن، غادر هوكشتاين الاراضي اللبنانية بعد سلسلة لقاءات مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي كما قائد الجيش جوزيف عون، لعل ابرزها كان في عين التينة ، حيث مطبخ «التفويض والتفاوض» ، وحيث اختصر بري المفوض من حزب الله التفاوض الاجتماع بجملة واحدة مفادها: «لقائي مع هوكشتاين كان جيدا والعبرة بالتنفيذ».

وهنا الاساس ، بهذه العبارة تحديدا «العبرة بالتنفيذ»، هكذا يختصر مصدر موثوق به مطلع على اجواء محادثات هوكشتاين محصلة لقاءات المبعوث الاميركي وزيارته ، التي تعتبر الاولى منذ تصعيد وتيرة العدوان الاسرائيلي منذ 23 ايلول ، ويشير المصدر الى ان هذا التنفيذ المطلوب هو الاساس. فما المطلوب وماذا ابلغ بري هوكشتاين والعكس صحيح؟

خلافا لكل التحليلات التي استبقت زيارة الموفد الاميركي، وكل التسريبات التي تحدث بعضها عن انه سيطلب دمج القرار 1701 بال1559 والتنفيذ تحت مبدأ الفصل السابع، وبعضها الآخر عن انه يحمل معه طلبا «اسرائيليا» بالسماح بالمراقبة الدائمة للاجواء اللبنانية، كشفت اوساط بارزة ان ما قاله هوكشتاين عن ان ال1701 لم يعد كافيا، لا يعني ابدا انه سيتم العمل على اضافة تعديلات عليه، وتشير الاوساط الى ان هوكشتاين نفسه عاد واكد ان 1701 هنا هو هو، اي لا تبديل فيه، لكن المطلوب ضمان آلية تطبيقه بطريقة كاملة من قبل الطرفين، وهنا اساس المشكلة.

ففي عين التينة، تشير المعلومات الى ان لقاء هوكشتاين – بري الذي تخطى الساعة والنصف، عاد للحديث عن هدنة ال 20 يوما التي كان تم الحديث عنها سابقا ، لكن مع حديث حول وجوب التفاهم على آلية تضمن حسن التطبيق الكامل للقرار .

وفي هذا الاطار، تشير مصادر مطلعىة على جو اللقاء ان رئيس مجلس النواب نبيه بري ايد ما يطرحه هوكشتاين، واعتبر ان «مخرج الحل» يكون بداية باعلان وقف الاعمال العسكرية الحربية لا وقفا للنار، يتبعه هدنة لمدة 3 اسابيع او 20 يوما ، اي عمليا ما كان يتضمنه سابقا المقترح الفرنسي – الاميركي، الذي كان السيد الشهيد حسن نصرالله قد وافق عليه قبل اغتياله، ويوم سافر ميقاتي الى نيويورك لهذه الغاية.

وتتابع المصادر ان بري اكد لهوكشتاين انه في حال تم التوصل فعلا الى هذه الهدنة ، يتم خلال فترة هذه الهدنة النقاش حول كيفية تطبيق القرار 1701 من استعداد لنشر الجيش ، كما اكد له انه يمكن خلال الاسبوع الاول من هذه الهدنة انتخاب رئيس، يكون هو المشرف على عملية تطبيق القرار 1701 لا اكثر ولا اقل، كما تشكيل حكومة تواكب التطورات والعملية برمتها.

من هنا، تنطلق المصادر لتؤكد ان كل ما اشيع عن تعديلات او اضافات من شأنه ان يتطلب تعديلا للقرار الاممي في الامم المتحدة غير متاح ، ولا سيما ان لبنان يتسلح بموقف دولتين لهما حق الفيتو، وهي الصين وروسيا، وعليه فالموفد الاميركي لم يحمل معه اي خارطة طريق تؤمن التزام الطرفين تطبيق القرار 1701 ، انما تحدث عن وجوب الاتفاق على آلية تطبيق تنفذ من قبل الطرفين تسبقها هدنة فنقاش بهذه الالية.

وفي هذا السياق، تلفت المصادر الى ان كل الشغل سينصب راهنا على محاولة الاميركي انتزاع هدنة توافق عليها «اسرائيل»، تكون هي المدخل لفتح الباب حول النقاش الجدي بكيفية تطبيق كامل للقرار 1701 ، علما ان كل الاجواء توحي بان نتانياهو الذي يتباهى بانتصارته المزعومة، ليس بصدد التفكير راهنا بمنح اي هدنة لحزب الله لاعادة لملمة بنيته، والكرة اليوم باتت مع الاسف بملعب «اسرائيل».

وبانتظار ما قد ينتج من زيارة وزير الخارجية الاميركية لـ «اسرائيل»، يختم مصدر موثوق به بالقول: « كل هذا الكلام جيد والحركة الديبلوماسية كذلك، لكن خذوا بالحسبان الرد «الاسرائيلي» المرتقب على ايران ، ويضيف “فاذا قررت «اسرائيل» شن ضربة قوية على طهران تستهدف منشآت نووية مثلا، ما قد يستدعي ردا على الرد ودخولا بحرب موسعة، فعندئذ يتبدل كل المشهد، وحتى الحديث عن هدنة لا يعود له مكان، فكل الامور رهن بايرن وبالرد «الاسرائيلي» يختم المصدر.

فهل تكون زيارة هوكشتاين التي تعتبر السادسة منذ 8 اوكتوبر الاخيرة والوداعية للبنان، قبل ايام من الخامس من تشرين الثاني موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية؟ وهل الاميركي سينجح فعلا في انتزاع هدنة من «اسرائيل» تمهد لنقاش بآلية تطبيق ال1701، وتحتم عودة جديدة لهوكشتاين الى الربوع اللبنانية؟

رياح المنطقة تشير حتى الساعة الى عواصف مدمرة، فيما موعد الهدوء والسلام لم تحن لحظته بعد!

الديار

مقالات ذات صلة