فرض ملحق للقرار ١٧٠١: ضغوط أميركيّة لانتزاع تنازلات لبنانيّة مسبقة
عاد الموفد الاميركي آموس هوكشتاين الى بيروت مجددا بعد طول غيابـ، في مهمة وصفها الرئيس بري عشية وصوله بانها الفرصة الاميركية الاخيرة قبل الانتخابات الرئاسية في مطلع تشرين الاول المقبل.
لم يتحدث هوكشتاين هذه المرة صراحة او بشكل مباشر عن الحاجة والرغبة في تعديل القرار 1701، وتجنب ذكر هذه العبارة لسببين اساسيين:
1- ان لا شيء اسمه تعديل قرار صادر عن مجلس الامن الا باصدار قرار جديد، وهذا الامر غير مطروح على الاقل في الوقت الحاضر.
2 – استبق الرئيسان بري وميقاتي وصول هوكشتاين بالتأكيد الحازم على الموقف اللبناني الرسمي ، وهو الالتزام بتطبيق القرار 1701 كاملا لا اكثر ولا اقل.
وقبل ان يطرح هوكشتاين ما يحمله ويقول ما لديه، ويسمع من بري وميقاتي ما عندهما، كان الطيران الحربي «الاسرائيلي» عشية الزيارة يشن سلسلة غارات همجية عنيفة على الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب وعلى الاماكن السكنية ، ويدمر الابينية ويسويها بالارض، تحت عنوان تدمير فروع جمعية القرض الحسن وضرب بنية حزب الله المالية والاقتصادية.
وبينما كان الموفد الاميركي المخضرم مجتمعا مع بري في عين التينة، كان طيران العدو الاسرائيلي يقوم بطلعة جوية على علو منخفض فوق العاصمة اللبنانية، وتواصل مسيراته تحليقها وأزيزها وطنينها ايضا فوق بيروت وضاحيتها الجنوبية.
ومما لا شك فيه ان هذا المشهد الذي ظلل زيارة هوكشتاين يعكس من دون الحاجة الى تفسير الرغبة الاميركية قبل «الاسرائيلي»، بالتفاوض وفرض الحل تحت الضغط والنار، طالما ان واشنطن لم تتردد يوما على لسان الرئيس بايدن وكبار المسؤولين في الاعلان عن انحيازها ودعمها الكاملين «لإسرائيل»، ولم توقف ارسال احدث واكبر قنابلها المدمرة والقاتلة الى العدو للمضي في حربه وغطرسته اكان في غزة ام في لبنان.
ويقول مصدر سياسي انه بغض النظر عن تفاصيل زيارة هوكشتاين ونتائجها، فان القراءة الاولى لها لا تبشر بوقف قريب لاطلاق النار، لان مضمون ما قاله الموفد الاميركي يؤكد تبني وجهة النظر «الاسرائيلية» بالعمل على فرض حل متكامل، لا يقتصر على تنفيذ القرار 170 وقبل وقف النار الفوري الذي يشدد عليه لبنان.
ويشير المصدر في هذا المجال الى حرص الموفد الاميركي اكثر من مرة، على ذكر الاتفاق الشامل والحل الدائم الذي يشمل القرار 1701، ما يؤشر بوضوح الى مطالب اميركية اضافية تتجاوز القرار المذكور، وربما هذا ما قصده هوكشتاين منذ ايام بكلامه عن تنفيذ القرار (1701 +).
وبرأي المصدر انه بغض النظر عن تفاصيل مباحثات هوكشتاين مع بري وميقاتي، فان الادارة الاميركية من خلال مواقفها ودعمها غير المحدود للعدو الاسرائيلي وحكومته المتطرفة، ليست وسيطا عادلا في كل الاحوال، وان الكلمات الديبلوماسية المنمقة التي اختارها هوكشتاين في تصريحه بعد اللقاء المطول مع بري لم ولا تخفي سعي الادارة الاميركية الى انتزاع تنازلات جديدة من لبنان، يمكن ان تكون ملحقا للقرار 1701 خارج النص، دون الحاجة الى المرور مرة اخرى عبر مجلس الامن، رغبة منها في تفادي فيتو روسي وصيني متوقع على صيغة قرار جديد تشمل التعديلات الاميركية غير المعلنة.
وجوهر هذه التعديلات الاميركية يكمن في تصريح هوكشتاين بتذكيره والاستناد الى ما قاله الرئيس بايدن «هدفنا الوصول الى اتفاق شامل يشمل القرار 1701، ويضمن ان يكون هذا النزاع (النزاع بين لبنان والعدو الاسرائيلي) هو الاخير لاجيال عديدة».
وبرأي المصدر السياسي ان الضغط الاميركي على لبنان لتقديم تنازلات من جانب واحد، يتجلى في ربط الدعم الدولي للبنان بدعوة الحكومة والقادة اللبنانيين بلغة الوجوب الى «اخذ الخيارات الشجاعة والصعبة والضرورية والمطلوبة في هذا الوقت، لمصلحة كل الشعب اللبناني».
ويقول المصدر ان عدم تطرق هوكشتاين الى عبارة تعديل القرار 1701 امس، كان يمكن وضعها في خانة ايجابية لو اكتفى بالتأكيد على تطبيق هذا القرار، ولم يتحدث عن اتفاق شامل وحل دائم يشمل القرار المذكور. وهذا الكلام يدل بوضوح على الرغبة الاميركية في فرض شروط اضافية جديدة على لبنان خارج اطار القرار 1701.
ويشير المصدر ان ما حمله هوكشتاين يطرح المزيد من التساؤلات حول جوهر مهمته اليوم، واهداف زيارة وزير الخارجية الاميركي بلينكن للمنطقة.
ويخلص المصدر الى القول ان لا احد مهما ارتفعت درجة تفاؤله، يتوقع من زيارة هوكشتاين ان تؤدي الى وقف النار والعدوان الاسرائيلي قبل موعد الانتخابات الاميركية، لا بل ان كل الوقائع والمعطيات تدل على ان الايام المقبلة ستشهد المزيد من التصعيد. ففي ظل الموقف الاميركي الداعم للعدو وضعف المجتمع الدولي، لا يمكن توقع قرب وقف النار من دون بلورة توازن على الارض، يخلق المعادلة المطلوبة لتحقيق هذا الهدف.
محمد بلوط- الديار