فراغ في قيادة “الحزب”: من يجرؤ على خلافة نصر الله؟
يسود الغموض حول مصير قيادة “حزب الله” بعد اغتيال اسرائيل أمينه العام حسن نصر الله ثم رئيس مجلس الشورى هاشم صفي الدين الذي جرى الحديث عنه كثيراً كخليفة لنصر الله، انتهى الأمر بإكتفاء “الحزب” بإطلالات إعلاميّة لنائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم مع الحرص على إظهاره كناطق رسمي وليس قائداً عاماً ربما لحمايته من عملية اغتيال اسرائيلية جديدة، وقد أكّد قاسم نفسه “أن الحزب سينتخب أميناً عاماً جديداً خلفاً لنصر الله في أقرب فرصة”.
بات من المجازفة انتخاب أمين عام جديد لـ”الحزب” لأن مسؤوليه باتوا يعرفون أن اسرائيل، بما تملك من استخبارات قويّة وتفوّق تكنولوجي قادرة على اغتياله كما فعلت سابقاً، وقد تلقّى مسؤولو الصف الأول نصائح إيرانية بتجنّب الإقدام على هذه الخطوة حالياً، واستبدالها بقيادة جماعية مع إحاطتها بالسريّة التامة. ولا شك في أن النظام الإيراني بعد اغتيال نصر الله وصفي الدين، لم يجد أي شخصية بديلة يمكن أن تحل مكانهما نظراً إلى شخصية نصر الله الكاريزماتية وحجمه ودوره اقليمياً، لذلك يعمل على إدارة “الحزب” مباشرة وخصوصاً ان اسرائيل تخوض حرباً ضروساً ضده، وليس منطقياً، وفق خبراء بالشأن الإيراني، الإنشغال وسط المعارك والنار والبارود بإنتخاب أمين عام جديد.
من البديهي أن “الحزب” تأثّر كثيراً بعملية اغتيال نصر الله وعدد كبير من القيادات السياسية والعسكرية، واللافت أنه غيّر منذ فترة استراتيجيته الاعلامية، بحيث لم يعد يُعلن عن قتلاه أو شهدائه بعدما كان يعرض ذلك تحت عنوان “على طريق القدس”، أما القياديون الكبار مثل صفي الدين ومسؤول وحدة التنسيق والإرتباط في “الحزب” وفيق صفا، فلم ينف “الحزب” أو يؤكد مصيرهما حتى اليوم. وهذا الأداء يرتبط بمسألة الحرب النفسية التي تمارسها اسرائيل وتؤثّر على معنويات بيئة “الحزب” وحتى مقاتليه.
من جهة أخرى، يتوقّع الاسرائيليون والأميركيون أن يؤدي الفراغ في قيادة “الحزب” إلى صراع داخلي أو تفتت داخلي قد يفضي إلى إضعاف نفوذه، على الرغم من استمرار عمله في الجنوب، لأنه مُصمَّم بطريقة تجعله إذا انفصل جزء منه، فإن الأجزاء الأخرى ستستمر في العمل بصورة مستقلة، وهذا جيد على المستوى العملياتي، ولكن سيئ على المستوى الاستراتيجي!
ولا يختلف إثنان اليوم على أن “الحزب” ممسوك إيرانياً بطريقة مباشرة، وهذا ما يجعله متماسكاً بالحدّ الأدنى، وقد سجّل بعض العارفين في شؤون “الحزب” وجود مسؤولين وضباط ايرانيين جاؤوا إلى لبنان بعد اندلاع الحرب لملء الفراغ القيادي وإعادة ضبط البنية داخل وحدات “الحزب” على الأرض، وهذا بسبب الارتباك الكبير الذي خلقه غياب نصر الله على صعيد القيادة.
ويشير هؤلاء العارفون بشؤون “الحزب” الداخلية إلى أنه لن ينتخب أميناً عاماً جديداً في وقت قريب، وليست هناك شخصيات في “الحزب” بحجم نصر الله ولا حتى بفاعلية صفي الدين، بل ان المسؤولين الأعضاء في مجلس الشورى وغيرهم يترددون في قبول هذه المسؤولية الخطيرة في ذروة المواجهة، علماً أن “الحزب” مكشوف أمنياً ومخترق من اسرائيل إلى حدّ كبير.
ويؤكد العارفون بشؤون “الحزب” أن رئيس المجلس السياسي ابراهيم السيد رفض منصب الأمين العام، وأعرب عن رغبته في متابعة الدراسات الدينية في إيران بدلاً من ذلك.
ومن الأسماء المطروحة الأخرى الشيخ نعيم قاسم الذي يُعتبر من الأعضاء المؤسسين، لكنه برأي بيئة “الحزب” يفتقر إلى الكاريزما والمهارة الخطابية.
أما الشيخ محمد يزبك فهو رئيس المجلس الشرعي ويُعتبر شخصية دينية محترمة ومُهابة ويتمتع بمكانة مهمة لدى النظام الايراني، وقد يكون الأوفر حظاً بين المسؤولين الحاليين، لكن حتماً ليس في هذه المرحلة الخطيرة.
ليس سهلاً على إيران تعبئة الفراغ الذي كان يملأه نصر الله، ولن يكون سهلاً المجازفة بحياة أي شخصية في الوقت الحاضر، ومن المتوقّع أن يستمر “الحزب” بهيئة قيادة جماعية تعمل على نحو سريّ حتى إشعار آخر.
جورج حايك- لبنان الكبير