أصل الحكاية… سوء تقدير: هل وقع الحزب ضحية قراءة متسرعة؟
بعد عام على إطلاق “حزب الله” ما أسماه “جبهة الدعم” لغزة في الثامن من تشرين الأول 2023، هل وقع الحزب ضحية قراءة متسرعة؟ وفقاً لتقرير للمؤسسة الأميركية للدفاع عن الديموقراطيات (FDD)، “أساء الحزب قراءة المزاج الوطني الاسرائيلي في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، فتورط في حرب استنزاف استمرت لفترة أطول بكثير مما توقعه أو مما قصده. ومع ذلك، كان من المتوقع حدوث أمرين منذ البداية: الأول، عدم قدرة حزب الله على التراجع عن مهاجمة إسرائيل دعماً لغزة من دون المخاطرة بأن يبدو ضعيفاً أو بالتعرض للتفكك. والثاني، تطور حرب الاستنزاف هذه بغياب حل ديبلوماسي، في نهاية المطاف وبصورة حتمية إلى حرب لبنان الثالثة”.
واتسمت الاستراتيجيات المستخدمة في البداية بطابعها المدروس، فركز الحزب على “إظهار التضامن مع حماس وتحويل انتباه إسرائيل عن قطاع غزة، مع تجنب استفزاز انتقام إسرائيلي واسع النطاق. ولكن مع تطور الصراع بين الحزب وإسرائيل، وتعمق التوغل الاسرائيلي في غزة، وتزايد التوتر على مستوى العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل نتيجة لذلك، أصبحت الأسلحة الأكثر تطوراً عنصراً أساسياً في ترسانة حزب الله، ما يشير إلى تحول في حدة عمليات الحزب. وكانت استراتيجية إسرائيل في الأيام الأولى مدروسة بالقدر نفسه. ولكن مع ارتفاع حدة التوتر، وسعت إسرائيل نطاق ضرباتها، واستهدفت البنية التحتية لحزب الله في جنوب لبنان بصورة متزايدة وكذلك القادة العملياتيين. وكان الهدف من هذا التحول التكتيكي هو إضعاف القدرات اللوجيستية والعسكرية للحزب”.
ومع تكيف الجانبين مع الصراع المتطور وفقاً للتقرير، “ازدادت أساليبهما التكتيكية عدوانية، وتكثفت ضرباتهما. ويمكن وصف استراتيجية إسرائيل بالاختبار الدقيق لحدود الاشتباك. ومن خلال تصعيد الأعمال العدائية بصورة دورية، قامت إسرائيل بقياس ردود حزب الله لتحديد ما إذا كان ينبغي لها أن تجعل التصعيد الجديد تكتيكاً منتظماً. ومن ثم، بدأت المبادرات بالفشل وهذا كان متوقعاً منذ البداية، خصوصاً وأنها تفتقر الى آلية إنفاذ موثوقة.
وبالتوازي، عرضت اتفاقيات وقف إطلاق النار المقترحة العديد من الحوافز للحكومة اللبنانية، بما في ذلك الأموال لإعادة بناء جنوب لبنان والمساعدة في حل الجمود الرئاسي الذي دام عامين في بيروت، والتنازلات الاقليمية من إسرائيل في المناطق الحدودية المتنازع عليها. ولكن هذه المبادرات الديبلوماسية، التي كانت تهدف ظاهرياً إلى منع المزيد من التصعيد، لم تقم إلا بتأخير المواجهة الحتمية بين إسرائيل وحزب الله، وهي أكثر تدميراً في النهاية. ويشير التصعيد الاسرائيلي الحالي إلى مرحلة وسيطة تسبق عملية أكبر ضد حزب الله”.
وبعد أن استنفدت الحلول السلمية مسارها، حددت إسرائيل إعادة المستوطنين في الشمال كهدف للحرب وقررت كسر الجمود، وصعدت من القتال ضد “حزب الله”. ولكن حتى مع قيام الاسرائيليين بإلقاء آلام حرب الاستنزاف على الحزب، من غير المرجح أن يتراجع هذا الأخير. وهذا ما ترجم بكلام نائب الأمين العام لـ “حزب الله” نعيم قاسم، الذي أكد في خطاب مسجل الثلاثاء “عدم إمكان فصل لبنان عن فلسطين”، مشيراً إلى أن “الحزب بدأ خططاً لإعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب مع إسرائيل”.
لبنان الكبير