قيادة جماعية جديدة لـ “الحزب”.. ماذا عن الموقف الايراني؟
في عملية ممنهجة، تكثف إسرائيل إعتداءاتها على ضاحية بيروت الجنوبية. تتقصد تدمير البنية التحتية لأكثر منطقة ذات كثافة سكانية في لبنان، ومن ورائها محاولة تأليب الحاضنة الشعبية على حزب الله في عمق مناطقه، من خلال زيادة نسبة التهجير والنزوح للسكان المدنيين، وخلق ظروف مأساوية يصعب تداركها واستيعاب تداعياتها. في المقابل، يراهن حزب الله على جبهته العسكرية في الجنوب. نجح في النأي بها عن الجبهة السياسية بعد اغتيال عدد من قادته واستهداف عناصره بتفجيرات البايجرز.
زيارة دعم
من أبرز الأسباب الدافعة لزيارة وزير خارجية إيران عباس عراقجي إلى بيروت، التواصل مباشرة مع حزب الله بعد اغتيال أمينه العام السيد حسن نصرالله وعدد من قيادييه ومسؤوليه العسكريين. نسبة كبيرة من الجيل المؤسس لحزب الله اغتالتهم إسرائيل، بينهم نخبة من القيادات المحورية، ناهيك عن تفجيرات أجهزة البايجرز وما نتج عنها من إصابات بليغة ومتوسطة في صفوف المحازبين.
باغتيال أمينه العام، مني حزب الله بخسارة جسيمة هانت بعدها مصائبه. سبحة اغتيالات نفذتها إسرائيل لم تتوقف. إذ استهدفت بعد الأمين العام مباشرة مكان وجود رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين، الذي لم يعلن الحزب عن مصيره بعد، وتوقعاته بهذا الخصوص ليست إيجابية لكنها ليست سلبية بالمطلق.
علامات استفهام كبرى حول ما واجهه حزب الله في واقعه الراهن. لم يسبق أن استهدف حزب بالشكل الذي استهدف به، فتمّ النيل من غالبية قيادات الصف الأول فيه. ما استدعى استنفاراً لدى المرجعية العليا في طهران. تلقّف المرشد الأعلى الأمر. وزع رسائله التطمينية على المحازبين في حفل تأبين أمينه العام. لم يستثن حركة أمل إلى جانب حزب الله، فذكرها على أنها فصيل مقاوم كمدخل للتأكيد على الوحدة الشيعية، واعداً بإعادة إعمار ما هدمته إسرائيل. وفي بيروت، كان عراقجي يشدّ على يد الحزب ويقوّي من عزيمته مطمئناً بأن أي تغيير لم يطرأ رغم كبر المصاب باستشهاد السيد نصرالله. سيبقى القديم على قدمه من كل نواحيه العسكرية والمالية والسياسية.
قاآني مدير الحرب
طوال فترة الحرب كان التنسيق متواصل بين إيران وحزب الله. كشف اغتيال مسؤول حزب الله فؤاد شكر وجود تنسيق مباشر من خلال مسؤولين عسكريين، كان آخرهم قائد فيلق القدس اسماعيل قآني، الذي فقد الاتصال به منذ الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية الخميس الماضي. وتتحدث بعض المعلومات عن أنه كان برفقة صفي الدين وعدد من المسؤولين الأمنيين.
عرف حزب الله كيف يحدّ من تأثير خسائره المتتالية على قواعده الحزبية. كان الأهم فصل الجبهة العسكرية التي لم تتأثر، وتابعت عملها كما لو كان الأمين العام حاضراً، يقولون المقربون. كل العيون على الميدان في جنوب لبنان. جبهة من شأنها أن تعيد ميزان القوى لصالح حزب الله. وعلى هذا الأساس يخوض الجناح العسكري معاركه لصدّ التوغل الإسرائيلي بإتجاه جنوب لبنان. يبدي ارتياحه الى سير المواجهات الميدانية. ردّ اسرائيل على ضراوة المواجهات جنوباً يكون بتكثيف غاراتها الجوية في ضاحية بيروت الجنوبية ومناطق أخرى. يمكن اعتبار أن الميدان في الجنوب هو الذي سيصنع المعادلة السياسية في المنطقة، ويعيد إنتاج حزب الله مجدداً، وسيكون انتصاره على إسرائيل بمثابة الثأر لإغتيال أمينه العام.
قيادة جماعية
ومن هنا يركز الجانب الإيراني على عاملين اثنين في لبنان: دعم حزب الله لتجاوز محنته، وخوض الحرب في مواجهة إسرائيل. يرهن كل الملفات السياسية بنتائج الميدان جنوباً، بما فيه الحرب الإسرائيلية على غزة والتي رفضت طهران فصلها عن جبهة الجنوب.
خصوصية نصرالله الإيرانية وهامشه في التعاطي مع الشأن اللبناني، قد لا تتكرر مع أي أمين عام مقبل. والأرجح أن ملف لبنان سيكون تحت إشراف إيراني مباشر إلى أن ينتخب أمين عام، لطهران الحصة الأكبر في اختياره. في هذا السياق تشير المصادر القريبة من الحزب إلى أن اختيار أمين عام جديد للحزب سيتأخر بسبب الظروف، وأن حزب الله اتخذ قراراً بأن تتم قيادة الحزب بشكل جماعي ومشترك.
غادة حلاوي- المدن