لا أفق لحل سياسي قريب: هل من حدث كبير يسقط هذا المخطط الأسود؟

لا زلنا في معادلة “الحرب سجال”

في العلم العسكري، الحرب إما استنزاف وإما مفاجآت.

في لبنان انتهت مرحلة الاستنزاف يوم الثلاثاء في ١٧ أيلول عند الساعة الثالثة والنصف مع تفجير الـpagers وانتقلنا إلى مرحلة المفاجآت التي هي حتى الآن للأسف بيد عدونا.

اختلطت التقديرات وتعقدت الأمور وتغيّرت أهداف الحرب، فبالنسبة الينا أصبحنا أمام مساعٍ لفرملتها وعدم توسعها أكثر ايذاناً بالعودة إلى الطاولة. وبالنسبة الى إسرائيل، تحوّلت إلى فرصة للانقضاض على “حزب الله” وعلى لبنان وتغيير الواقع فيه برمته، وهناك من ذهب أبعد إلى حد اعتبار لبنان نقطة التحول نحو الشرق الأوسط الذي تريده اسرائيل ومن خلفها أميركا وعدد كبير من الدول. هذا على المدى البعيد، وإذا سلمنا بأن المدى القريب هو فقط انتظار ما يخبئ لنا عدونا من ضربات يومية واستهدافات تحولت إلى لعبة بيد أفيخاي أدرعي، الذي يتعامل معها كفيلم رعب تشويقي أكثره ليلي عبر خرائط الأبنية والمربعات في الضاحية التي يريد الجيش الاسرائيلي قصفها، وطلب مغادرتها قبل دقائق، هذا طبعاً عدا عن العمليات الأمنية المتاحة في كل مكان، فإن المدى المتوسط هو الأخطر بحيث ترصد إشارات جدية على أن خريطة الأهداف ستدخل لبنان في مرحلة صعبة جداً وربما تكون غير مسبوقة.

يقول مصدر أمني رفيع لموقع “لبنان الكبير”: لم تعد المدة الطويلة التي يتوقعها الكثيرون في عمر الحرب هي الخبر، إنما ماذا سيحصل في القادم من الأيام، فالربيع المقبل هو أول توقيت يعمل عليه المعنيون الكبار، ولن يتمكن أي فريق من حسم المعركة حتى هذا التاريخ، والعين ستبقى على حجم الخسائر البشرية والمادية في لعبة التدرج المتدحرج، وطالما الشباب صامدون على الحدود يتصدون للدخول البري، ينصبون الكمائن ويطلقون الصواريخ، طالما الحرب لن تحسم، وإذا تحولت الحرب تصاعدية نحو كل محور “المقاومة” فإن دول “المناومة” ستستفيق ولن تبقى على سياسة النأي بالنفس ودور “كاريتاس” الذي تلعبه الآن، خصوصاً إذا بدأت اسرائيل جدياً بتطبيق مشروع “الفرات والنيل” الذي تخطط وتعد له منذ عشرات السنين لكن عملية “طوفان الأقصى” قرّبت موعده.

ويلفت المصدر إلى أن الضربات الموجعة لاسرائيل وحدها من سيجبرها على القبول بالهدنة والتفاوض، وهذا الأمر ليس واضحاً حتى الساعة، مؤكداً من الزاوية الأمنية والعسكرية أن من يراهن على ضعف “حزب الله” أو أن قوته أصبحت محدودة، يخطئ لأن الأداء على الحدود يناقض هذا المفهوم. صحيح أن الحزب تعرض لضربة موجعة على مستوى القيادة وصولاً إلى الرأس الذي كانت قوته ومكانته عابرة لكن هذا لا يعني أنه قضي عليه، فلا أحد يعرف ماذا بقي من القيادة وما هي قوة الحزب حالياً وكيف أعاد تنظيم نفسه وما هي قدراته حالياً في التصدي أو الهجوم؟ ولا يجب أن نستعجل في الحكم لأن نموذج الـ ٢٠٠٦ أمامنا، كيف انقلبت الموازين من حيث لم يكن محسوباً لها. ويختم المصدر: حتى الآن لا زلنا في معادلة “الحرب سجال”.

وفي مسار تطور الأمور هناك من يذهب إلى الحد الأقصى من التشاؤم، ويرى في مخطط اسرائيل خطراً كبيراً يتهدد لبنان لن يتمكن أحد من وقفه ما لم يُستعد توازن الردع والرعب، وهذا المخطط يتوسع ويسير بصورة تصاعدية، وكلما طالت مدة الحرب اشتدّت الخطورة على لبنان. فبحسب مصدر ديبلوماسي، على لبنان أن ينسى غزة حالياً، واستهدافات العدو في محيط المطار والسراي والشوف هي كلها رسالات للسياسيين وللدولة وستتسع هذه الرسائل إلى المناطق المسيحية الأكثر عمقاً في محاولة لضرب السلم الأهلي، لأن من لا يرى أن اسرائيل بدأت بالفعل بتركيب واقع جديد في لبنان، بغض النظر عن إمكان نجاحه، فهو قصير النظر، وما لم تنجح فيه عام 1982 وجدت فرصة كبيرة في تنفيذه بالقوة، وطالما الدعم والتسليح موجودان لا شيء سيوقف مخطط اسرائيل ولو دام سنة أو أكثر لأن خريطة الحدود السود التي حملها بنيامين نتنياهو أمام مجلس الأمن والمجتمع الدولي، اعتبرها ضوءاً أخضر عندما وضع العالم أمام احتمالين في المنطقة، ويبدو أن ما دخلنا فيه يصعب أن ينتهي من دون تركيب واقع جديد في لبنان والمنطقة، ليس بالضرورة أن يكون لمصلحة اسرائيل بالكامل إنما يمكن أن يبقي على شيء من التوازن ولو كان “مايلاً”.

ويحذر المصدر وبشدة مما ينتظر لبنان إذا لم ينجح الضغط الأميركي على اسرائيل في وقف مخططها “الماشي” أقله حتى نهاية العام. وبدء الحصار هو المرحلة التالية.

ولأن التاريخ هو ما ليس متوقعاً، فإن التعويل يكون على حدث كبير يسقط هذا المخطط الأسود.

ليندا مشلب- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة