بين العجز والتواطؤ.. لماذا فشل المجتمع الدولي في إنهاء نزاعات المنطقة؟
عام من الحرب في غزة، نحو أسبوعين من التصعيد الذي تحول تدريجيًّا إلى حرب فعلية في لبنان، ونذر لاتساع رقعة الصراع في المنطقة، من دون أن يقدر المجتمع الدولي على وقف التصعيد ونزع فتيل الحرب.
فمع انقضاء سنة من بدء الحرب في غزة عجزت الإدارة الأمريكية ومعها الوسطاء في مفاوضات التهدئة في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، وظل الوضع يراوح مكانه لأشهر من دون التمكن من إقناع الأطراف المعنية او تقريب وجهات النظر بينها من أجل التوصل إلى حل يُنهي الكارثة الإنسانية التي حلت بالقطاع، ويوقف آلة الحرب ويعيد الأسرى الإسرائيليين إلى أهلهم.
عجز أمريكي
ويقول مراقبون إن الفشل يقع بالدرجة الأولى على عاتق الإدارة الأمريكية التي يفترض أن تدفع بكل قوتها من أجل وقف إطلاق النار، ما يمثل مكسبًا سياسيًّا لإدارة بايدن قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية.
ووفق هؤلاء المراقبين فإنّ إدارة بادين أثبتت عجزها عن السيطرة على السياسة الإسرايلية، وفشلت منذ البداية في منع اجتياح رفح، وبدا أن زمام المبادرة خرج من يدها ولم تعد لديها القدرة على التحكم في انفلات سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واندفاعه نحو الخيارات الأشد تطرفًا.
وكان من نتائج هذا الفشل الأمريكي تمادي حكومة نتنياهو في توسيع دائرة الصراع، وفتح جبهة الشمال وتصعيد وتيرة القصف، بشكل أدى إلى اندلاع حرب متكاملة الأركان على لبنان.
فخلال 12 يومًا حصدت الحرب نحو 1000 قتيل، بينهم 171 نازحًا سوريًّا، وإلى جانب الخسائر التي تكبدها “حزب الله” التي تُعدُّ مكاسب ميدانية للجيش الإسرائيلي فإن حصيلة القتلى المدنيين والرقم المفزع للنازحين، وحركة النزوح غير المسبوقة في تاريخ لبنان، تعكس فشلًا ذريعًا للدبلوماسية الدولية في تجنب مثل هذا التصعيد، ومنع الانجرار إلى حرب أخرى، لم تكتف فيها إسرائيل بالقصف المكثف بل رافقت ذلك بتوغل بري في جنوب لبنان، هو الأول من نوعه منذ حرب 2006.
دبلوماسية جوفاء
ويستمر التصعيد على الجبهة اللبنانية رغم الحديث عن دبلوماسية مكوكية تقودها واشنطن وباريس، من دون التمكن من تغيير شيء من واقع الأمر على الميدان، أو من تحقيق اختراق في الأزمة السياسية التي تشل لبنان أصلًا منذ سنتين في ظل عجز القوى السياسية عن التوافق على انتخاب رئيس جديد للبلاد.
ويُضاف إلى كل هذا التوتر دخول طهران على الخط من خلال القصف الصاروخي الذي استهدف مواقع إسرائيلية قبل أيام، في سياق “ردها” على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران.
ودفعت هذه الخطوة إلى إطلاق تحذيرات من الانزلاق إلى حرب شاملة، غير أنّ الأمر لم يتعدّ مستوى التصريحات التي تُطلَق في العواصم الغربية، وفي الاجتماعات والمنتديات الدولية، من دون تقديم بدائل ملموسة عن التصعيد العسكري وضمان عودة الاستقرار إلى المنطقة.
ويعدُّ متابعون أنّ هذا العجز الدولي يكشف أولًا غياب إرادة حقيقية في تجنب التصعيد، وردع إسرائيل عن توسيع دائرة حربها مع خصومها في المنطقة، وثانيًا تواطؤًا من بعض القوى الغربية، ومنها الولايات المتحدة وبريطانيا، لاستمرار الوضع على ما هو عليه، وإطلاق يد إسرائيل للقضاء على خصومها، وهو ما عبّرت عنه واشنطن ولندن من خلال ترحيبهما الواضح بمقتل أمين عام حزب الله حسن نصر الله، وبالخطوات العسكرية التي تتخذها إسرائيل حيال الميليشيا اللبنانية.
أرم نيوز