«القوات» وحلفاؤها : ترويج لأفكار «بائتة»… وجنبلاط «تحت القنابل وتحت النار، لا يُمكننا فعل أي شيء»
بعد مرور أكثر من ستة أشهر على بدء الحرب على غزة، قرّر الفريق المعارض لحزب الله، بقيادة «القوات اللبنانية»، تعطيل أيّ حوار يتعلّق بالانتخابات الرئاسية. ويبدو أن لا أحد يتعلم من دروس التاريخ. وحتى من دروسه هو مع التاريخ القريب. ومن دون مقابلات أو تصريحات، يتصرف كل هؤلاء بوهم أن الحرب التي تشنّ ضد المقاومة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة ستكون في خدمة مشروعهم السياسي، وهو كلام كانوا يرددونه قبل اشتداد الحرب على جبهة لبنان. وكل حديث عن الحل الداخلي معهم كان ينتهي بجواب واحد: أن الحرب الإسرائيلية المدمرة آتية، وستكون بمثابة ضربة قاضية لحزب الله تدفعه الى تغيير كل حساباته في الداخل.أكثر المراهنين على هذه الحرب، هو سمير جعجع، الذي لم يخف هذه الرغبة، وقالها أكثر من مرة: «لماذا نحاور حزب الله وهو قويّ، فلننتظر الحرب ومن ثم نجلس معه على الطاولة وهو في حالة انكسار».
ظلّ هذا الكلام يتردّد لفترة همساً، إلى أن حصلت عملية اغتيال الأمين العام لحزب الله الشهيد السيّد حسن نصر الله. والعجلة التي تتسم بها حركة هؤلاء، دفعتهم الى التصرف الآن على قاعدة أن حزب الله اليوم أضعف من قبل، وأن إسرائيل لن توقِف حربها قبل أن تجهِز بالكامل على قدرات المقاومة، التي تواجه من جهة ضغطاً كبيراً يتعلق بالنازحين من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، ومن جهة أخرى ردّة فعل البيئات الأخرى على هذه الحرب».
وفي حسابات هذا الفريق أن «حزب الله سيكون عاجزاً، أمام الضغط الغربي وتحديداً الأميركي، عن إعاقة إنتاج تسوية رسموها هم في عقولهم تنطلق من انتخاب رئيس للجمهورية ينتمي إلى فريقهم، وكذلك تعيين رئيس حكومة وتشكيل حكومة ليس للحزب حصة فيها». وقد بدأ قادة سياسيون من هذا الفريق بتفصيل الحكم في البلاد على قياسهم، مُراهنين على أن الضربة التي تلقاها الحزب باغتيال أمينه العام لن تُضعفه وحسب، بل ستنسحب تداعياتها على رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي لن يكون باستطاعته حمل العبء بعد اليوم.
وفق هذا التفكير، باشر هذا الفريق مشروعه السياسي تحت عنوان «العودة إلى الدولة»، وقرر هؤلاء، بشكل جماعي، إصدار بيانات مكثفة عن ضرورة فتح المجلس النيابي لانتخاب رئيس، بالتزامن مع الضغط الدولي لتنفيذ القرارين 1701، و1559 القاضي بسحب سلاح المقاومة. وقد عبّر أمس جعجع عن ذلك بعدَ اجتماعه بالمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت (التي زارت كيان الاحتلال قبل أسبوع)، فشدّد على «ضرورة أن يكون لدينا رئيس في أقرب، ولكن ليسَ أيّ رئيس. نريد رئيساً فعلياً يمارس سلطة فعلية وقادراً على اتخاذ القرارات وصاحب رؤية استراتيجية».
وفي الآليات المباشرة التي لجأ إليها هذا الفريق توحيد طلب يقوم على جدول أعمال يبدأ بانتخاب رئيس، وتعيين رئيس حكومة ومن ثم تشكيل حكومة، وعقد طاولة حوار في بعبدا «بهدف معالجة أزمتنا الوجودية والسيادية»، والضغط على الرئيس برّي لفتح أبواب المجلس النيابي. هذا ما حمله بيان الدائرة الإعلامية في «القوات»، وبيان آخر لحزب «الكتائب» قبلَ أيام، وبيانات متفرقة من آخرين يدورون في فلكهما تعكس الرغبات، وتروّج لمفهوم «الحياد» واستنفار العصبية ضد إيران باستخدام «الشرعية الدولية» كاسم رمزي لالتحاقها بالسياسة الغربية.
ويعتقد هذا الفريق أن بإمكانه تحقيق ما عجز عنه عام 2006، متجاهلاً تغيّر التحالفات والاصطفافات وموازين القوى. وكان وليد جنبلاط أول من فهم اللعبة وما وراءها، فقال موقفه بأن المطلوب حالياً هو «وقف إطلاق النار، لكي نتمكن لاحقاً من الحوار وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة»، لافتاً إلى أنه «تحت القنابل وتحت النار، لا يُمكننا فعل أي شيء». وقرأت أوساط سياسية في كلام جنبلاط رداً واضحاً على ما يُطالب به الفريق «السيادي» الذي يظن أنه قادر بمؤازرة عسكرية إسرائيلية وضغط سياسي أميركي من جهة أخرى على أن يفرض مشروعه. كما قرأت هذه الأوساط في كلام جنبلاط أيضاً «رسالة مبطّنة الى هذا الفريق تدعوه إلى عدم التعامل مع الفريق الآخر انطلاقاً من وقائع من نسج خيالها».
ميسم رزق- الاخبار