عن سرديّة بيع إيران لحزب الله..مقابل حجز مقعد لها في مستقبل المنطقة
من داخل بيئة المقاومة خرجت أصوات تندد بالموقف الإيراني بعد اغتيال أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، وتتهم الجمهورية الإسلامية بالتخاذل، وبعضها يتهمها بترك الحزب وحيداً في صراع يخوضه نيابة عنها وعن كل المحور في المنطقة، كذلك هناك أصوات ذهبت أبعد من خلال الحديث عن بيع إيران للحزب وقيادته، ولكن كل هذه الأصوات تنطلق من شعور الحزن والفقد والخسارة، وبالتالي قد لا يكون من المفيد الرد عليها سياسياً واستراتيجياً، أما أعداء المقاومة وخصومها فهذا أمر آخر.
“إيران باعت حزب الله والسيد نصر الله للأميركيين مقابل حجز مقعد لها في مستقبل المنطقة”، هكذا يقول أعداء المقاومة عندما يتطرقون لما يجري في المنطقة ولبنان، ويعتمدون على عمليات الاغتيال الضخمة والناجحة، التي قام بها العدو الإسرائيلي ضد كل قيادات حزب الله الرفيعة، مقابل امتناع إيران عن الرد أو دخول الحرب، وكأن كل القيادات لا تعنيهم. ولكن هل يمكن الوصول الى هذه النتيجة بحال كان النقاش منطقيا وسياسياً؟
تعود مصادر سياسية في محور المقاومة الى أصل الصراع مع “اسرائيل” لتقول ان إيران بعد الثورة الإسلامية قررت دعم حركات المقاومة في المنطقة، ومدها بالسلاح والمال والدعم السياسي، ودفعت مقابل ذلك سنوات طوال من العقوبات القاسية ولا تزال تدفع، كما اتهامها بالإرهاب وعزلها عن المجتمع الدولي، ورغم ذلك قررت ايران المضي بالمشروع.
وتُشير المصادر الى ان منطق بيع ايران لحزب الله، لا يستوي في الظروف القائمة امامنا، فبالعقل والمنطق هل يُعقل أن تبيع إيران حزب الله الى إدارة اميركية ترحل، وقبل أسابيع قليلة من انتخابات رئاسية أميركية؟
هل يُعقل أن تتخلى إيران عن قوة كبيرة في المنطقة تسمى حزب الله لمصلحة إدارة أميركية راحلة؟ أم أنها تنتظر نتائج الانتخابات الرئاسية لتعرف هوية الرئيس الجديد، وتُجري معه الصفقة بحال كانت النيات الإيرانية إجراء صفقة؟
وتضيف المصادر: “هل يُعقل أن تقتل إيران أذرعها القوية كما يسمونها، وهي التي جرّبت اتفاقاً نووياً مع إدارة أميركية، ثم جاءت اخرى لتنقلب عليه وكأنه لم يكن”؟ مشيرة الى أن هذه الأسئلة تتعلق بالسياسة والاستراتيجية، وبعيدة عن البعد الثقافي والعقائدي الذي يجمع الجمهورية الإسلامية بحزب الله وقيادته، وبعيدة عن البعد الديني وولاية الفقيه التي تجمع الطرفين أيضاً.
وتؤكد المصادر أن إيران لا ترغب بحرب شاملة يخوضها المحور بوجه أميركا، لأنها لا تُريد للمنطقة أن تكون شرارة الحرب التي قد تتحول عالمية، او الأرض التي تخوض عليها الولايات المتحدة الأميركية حربها بوجه كل خصومها في العالم، لذلك هي تسعى لمنع توسع الحرب وتسعى للوصول الى نهايات لها، مشددة على أن هذا الصبر سيسقط بحال لم تجد إيران من يريد وقف الحرب بعد انتخابات اميركا، وعندئذ قد تجد نفسها أمام حرب طاحنة لا بد منها.
لا يمكن التفكير فقط عاطفياً في ظل كل ما يجري في المنطقة والعالم، فالخسارة كبيرة جداً، ولكن المهم استمرار العقل الاستراتيجي نفسه الذي رسم مساراً واضحاً للنصر، فالسيد هو من كان قد قال إن المعركة بالنقاط، مع أن المحور عليه ان يستلحق نفسه لتسجيل النقاط أيضاً.
محمد علوش- الديار