هل تخاذلت ايران في دعم حزب الله أم هي في حال انتظار؟
كثرت الأسئلة عن دور إيران في هذه المرحلة ولا سيما بعد تصاعد غير مسبوق للعدوان الإسرائيلي على لبنان. فكيف يُقرأ الموقف الإيراني؟ وهل صحيح أنها في حال انتظار؟
لم يخف “حزب الله” يوما أنه حليف أساسي لإيران، والأخيرة لم تعلن خلاف ذلك. ولكن بعد اغتيال الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الجمعة الفائت، بدأت موجة تشكيك في الموقف الإيراني وصلت إلى وصفها بـ”المتواطئة”.
لم تعرف إيران منذ انتصار الثورة عام 1979 سوى الحصار الغربي على المستويات كافة، وبعد عام على انتصار الثورة كانت الحرب العراقية – الإيرانية التي استمرت تداعياتها مع اشتداد الحصار على طهران.
كل ذلك لم يمنع إيران من تقديم الدعم غير المحدود لحلفائها في ما بات يعرف بـ”#محور المقاومة” الممتد من طهران إلى غزة مرورا بصنعاء وبغداد ودمشق وبيروت.
إلا أن التطورات الدراماتيكية الأخيرة ولا سيما في لبنان دفعت في اتجاه التساؤل عما ستقوم به إيران، وزاد ذلك الغموض ما نُقل عن طهران أنها لن ترسل قوات إلى لبنان. إلا أن ذلك الكلام لوزارة الخارجية جاء في سياق مختلف ولا سيما بعد المعلومات عن استعداد عشرات آلاف الإيرانيين للتوجه إلى القتال على الحدود اللبنانية والسورية.
وبحسب أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور طلال عتريسي فإن “موجة التشكيك في إيران وصولا إلى الحديث عن تواطؤ لا يمكن وصفها إلا بغير العاقلة وغير المنطقية. فالحليف الأساسي لإيران في المنطقة هو حزب الله، والسيد نصرالله تحديداً، وكان أكثر شخص موضع ثقة، ويدير محور المقاومة”.
ويلفت إلى أن “خسارة إيران كبيرة، والأساس لديها اليوم هو استعادة التوازن في لبنان. وهي الآن تفكر في ذلك بما ينعكس على سائر أطراف محور المقاومة، الأمر الذي يعني أن هزيمة لبنان على سبيل المثال ستنعكس سلباً على سائر أطراف المحور”.
حسابات إيران تختلف...
ينطلق بعض منتقدي إيران في تشكيكهم من مسلمات لا تنطبق جميعها على حسابات الدول، ويتم التعامل مع طهران كأنها حزب أو تنظيم، أو أنه يجب اتخاذ خطوات فورية بعد اغتيال السيد وبعد المجازر الإسرائيلية في لبنان.
تلك القراءة يوضحها عتريسي بالتأكيد أن “طهران تجري حساباتها انطلاقا من مكانتها كدولة، ولا سيما أنها في مواجهة بأشكال مختلفة مع الولايات المتحدة الاميركية. ويبدو جليا أن تل أبيب وواشنطن تتعاملان مع طهران من موقع مختلف عما كان سابقا ولا سيما أنهما تتصرفان على أنها شريكة مباشرة في إسناد غزة، وبالتالي جاء الانتقام منها سواء عبر استهداف قنصليتها في دمشق أو من خلال اغتيال ضيفها رئيس حركة “حماس” إسماعيل هنية وعدد من قادة عسكريين في سوريا ولبنان.
ويلفت عتريسي إلى أن “إيران في موقع ترسيم الاحتمالات وإعادة الأمور إلى التوازن قدر الإمكان، ودراسة الاحتمالات ومنها المواجهة مع الولايات المتحدة أو مع إسرائيل، وفي الوقت نفسه تتابع بدقة التفاصيل في لبنان وما يقوم به العدو الإسرائيلي. اليوم ليست في وضع هجومي، بل في وضع دفاعي بسبب ما حصل في لبنان وخسارة السيد نصرالله”.
وفي الخلاصة، لم تغير إيران سياستها واستراتيجيتها، وفي الوقت عينه لا تتصرف تحت تأثير الصدمة والانفعال، مع تأكيد استمرار دعم جبهة المقاومة بما تمثله من ركيزة أساسية في سياسة إيران الملتزمة دعم فصائل المقاومة ضد إسرائيل. ومن أبرز أضلع تلك الجبهة “حزب الله”، أحد أكثر الأطراف ثقة ودورا وفاعلية في المنطقة.
وبحسب عتريسي، تواصل طهران حركتها الديبلوماسية بقيادة رئيسها ووزير خارجيتها، في موازاة ذلك الدور البارز سواء للحرس الثوري أو المرشد السيد علي خامنئي في رسم الخطوات التي ستقوم بها طهران.
عباس صباغ – النهار