الفصائل العراقية تستعد لـ “الاسناد”… هل تتدخل إيران أيضا؟

بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق إثر الحرب الأميركية عليه، استطاعت الجمهورية الاسلامية الايرانية بسط نفوذها فيه، وسلحت مئات الآلاف من العراقيين الذين انقسموا الى قرابة 60 فصيلاً، تمثل جزءاً من محور المقاومة الذي تقوده طهران من اليمن الى العراق وسوريا ولبنان، ويضع عنواناً لقضيته “تحرير فلسطين”.

وانخرطت الفصائل المسلحة العراقية المدعومة من إيران في عمليات عسكرية عديدة، أبرزها القتال في سوريا ومحاربة تنظيم “داعش”، واليوم تهدد بالانخراط في “إسناد” “محور المقاومة” لغزة، وقد تقدم إسناداً للبنان بعد اشتعال المعارك مع اسرائيل.

في حديث لموقع “لبنان الكبير”، أشار قيادي في “محور المقاومة” إلى أن “الحرب تدريجية، ووفق مقتضيات الميدان تأتي ردود الفعل، بحيث أن المحور اليوم هو في حالة الدفاع والهجوم الدفاعي ضد اسرائيل وليس المعتدي، وقد تتدخل فصائل المحور في حال اقتضى الميدان ذلك، وحتى هذا الوقت ليست هناك حاجة الى المحور كله لينخرط في الحرب، بل هو يوجه ضربات استراتيجية نحو العدو اسناداً لساحتي غزة ولبنان، ولكنه جاهز للانخراط الكلي في هذه الحرب لحظة الصفر، والتي تقررها قيادة المحور”.

أما عن إيران، فاعتبر القيادي أنها بقدرة “دولة عظمى، وانخراطها في الحرب يعني حرباً اقليمية ستنخرط فيها عدة دول، وستكون حرباً تغير وجه الشرق الأوسط كله”.

ولا يبالغ القيادي بقوة المحور، قائلاً: “حرب كهذه ليس بالضرورة أن ننتصر فيها، ولكن يمكننا التأكيد أنه لن تبقى اسرائيل من بعدها، وهذا أمر يعرفه الأميركيون، ولذلك هناك تجنب لهذه الحرب حتى اللحظة، واعطاء فرصة للديبلوماسية، ولكن إن فشلت فالحرب الكبرى ليست في مصلحة أحد”.

وتتمتع الفصائل المدعومة من ايران بنفوذ عسكري وسياسي واقتصادي وإعلامي واسع في العراق. وتزايد نفوذها بعد خروج القوات الأميركية من العراق عام 2011. وفي العام 2014، حصلت على غطاء رسمي وقانوني من خلال “الحشد الشعبي”، الذي جاء تأسيسه استجابة لدعوة المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، بهدف التصدي لتنظيم الدولة الاسلامية، وقد انضوى تحته 119 فصيلاً عراقياً، منها 44 فصيلاً موالياً لإيران.

وفي العام 2016 صدّق مجلس النواب العراقي على قانون هيئة “الحشد الشعبي” رقم 40، وبمقتضاه أصبحت الفصائل المنضوية تحت الحشد الشعبي المدعوم من إيران كيانات قانونية، باعتبارها قوة رديفة ومساندة للقوات الأمنية العراقية، وترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة العراقية، وبناء عليه حظيت الفصائل بالتمويل والتدريب من السلطات العراقية، وفي الوقت نفسه، تمتعت باستقلالية وخصوصية، من حيث امتلاك كل منها هيكلاً تنظيمياً وقيادة منفصلة، وبقيت على صلة وثيقة بإيران.

وتصاعد نفوذ هذه الفصائل بعد تسلم محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة العراقية في تشرين الأول 2022، فعقب حوالي شهر وافق مجلس الوزراء على تأسيس شركة حكومية ترتبط بهيئة “الحشد الشعبي”، وتتمتع بصفة قانونية تحمل اسم “المهندس”، وتتخصص في الإعمار والبناء، كما تشمل مشروعات في مجالات التصنيع والتعدين والزراعة والاستيراد، وتأجير المركبات والمعدات، وقد خصصت لها الحكومة رأسمالاً يقدر بنحو 68 مليون دولار.

أحد أبرز هذ الفصائل هي كتائب “حزب الله العراقي”، التي تأسست عام 2007 في مدينة العمارة بجنوب العراق، وتَشكلت من اتحاد مجموعة من الميليشيات، هي لواء أبي الفضل العباس وكتائب كربلاء وكتائب زيد بن علي وكتائب علي الأكبر وكتائب السجاد، ويعود وجود بعضها إلى العام 2003. ولا تتمتع الكتائب بهيكل تنظيمي معروف، وتخضع لقيادة أبي فدك المحمداوي، خليفة مؤسسها الراحل أبي مهدي المهندس.

ومنذ بداية حرب غزة بعد “طوفان الأقصى،” شنت كتائب “حزب الله” هجمات على اسرائيل وعلى قواعد أميركية في العراق وسوريا “دعماً” لغزة، ما تسبب بردود أميركية أدت في نهاية الأمر إلى تراجع القوات عن هجماتها، وقد بقيت على تراجعها حتى اشتعلت الجبهة اللبنانية، بحيث عادت الى شن الهجمات إلا أنها ما زالت تستثني المصالح الأميركية.

ووجهت “فصائل المقاومة الاسلامية” عدة ضربات إلى مناطق في الداخل الاسرائيلي من بينها مستعمرة إيلات.

وأعلن القيادي في كتائب “سيد الشهداء” عباس الزيدي أن “لدى فصائل المقاومة العراقية القدرة والجهوزية الكبيرة للدعم العسكري واللوجيستي في حرب حزب الله ضد الكيان الصهيوني في لبنان، وأي دولة أخرى من دول محور المقاومة يتعرض لأي عدوان”. وشدد على أن “قضية دعم الفصائل العراقية تستوجب مبدأ وحدة الساحات، وبناء قدرات الفصائل طيلة الفترات الماضية كان هدفه الأساسي تبادل الخبرات والتعاون المستمر في العمل الجهادي بين كل فصائل محور المقاومة”.

وأكد أن “فصائل المقاومة لا تستريح بل تعمل على تطوير قدراتها العسكرية والأمنية على مختلف المستويات، ولهذا فهي في جهوزية عالية لخوض حرب طويلة الأمد من خلال التجهيز والتسليح والتعبئة الجماهيرية”. وحذر من أن أنه في حال أقدمت إسرائيل على أي عملية اجتياح بري فسوف يكون لدى فصائل المقاومة العراقية “مفاجأة كبرى”، متوعداً بإمكان فتح “جبهات أخرى”.

في المقابل، قال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي دانيال هاغاري في تصريحات صحافية: “نراقب من كثب التهديدات التي تأتينا من العراق ونجمع المعلومات، وسوف نفعل ما يلزم”.

محمد شمس الدين- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة