خاص: نازحون هربوا من الموت فاستقبلهم العراء: “وين بدنا نروح ما معنا نستأجر خيمة تأوينا”؟!”.

كورنيش عين المريسة يضيق بمَنْ لا سبيل لهم إلا الله

حاورهم مصطفى شريف:
حالهم يُبكي الحجر.. تركوا منازلهم وأرزاقهم وفرّوا بما خفَّ حمله، للنجاة بحياتهم من الموت المحتوم على أجنحة الطيران الإسرائيلي بشتى أنواعه، من الجنوب والبقاع إلى بيروت، التي استقبلهم عراؤها ورصيفها البحري.

يمّموا وجوههم شطر البحر وشكوّا لله همومهم، بحثاً عن الأمان علّها تكون فترة لا تطول، ويعودون إلى مناطقهم التي بدأ العدوان الإسرائيلي بتدميرها منذ اليوم التالي لعملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

جولة على مشارف الوجع
“آلاف الأسر” بكل ما للكلمة من معنى، أُرغِمت على النزوح بحثاً عن الأمان والمأوى، لكن العدد الضخم للنازحين عجزت أمامه مراكز الإيواء، ما فاقم الوضع الإنساني أكثر في ظل نقص الطعام والماء والأدوية وحتى حفاضات وحليب الأطفال.

موقع Checklebanon جال بين النازحين، نقل بعضاً من وجعهم، وعاين الخوف من المصير المجهول خاصة أن القصف الإسرائيلي بدأ منذ يوم الثلاثاء 17 الجاري، عملية “سيوف الشمال” التي تصب الكثير من نيرانها على الضاحية الجنوبية لبيروت، إضافة إلى قصف مناطق شمالية وجبلية تُستهدف للمرة الأولى.

9 ساعات من النبطية إلى بيروت
إحدى النازحات المتُشحة بالسواد، قالت وقد تعفّر وجهها بغبار المقعد الحجري على كورنيش عين المريسة عند الواجهة البحرية لبيروت: “تعرّفنا إلى الموت وجهاً لوجه، عبرنا طرقات كانت الصواريخ تسقط فيها قبل أن نصل بدقائق، أو تُستهدف بعد عبورنا بقليل”.
وتابعت: “من النبطية إلى بيروت تستغرق عادة ساعة ونصف الساعة إذا كانت السيارة تسير ببطء، قطعنا بـ9 ساعات تحت وابل القصف وفي ظل زحمة سير خانقة لأن كل الناس خائفة وكلنا هربنا بأبنائنا”.

نأوي إلى الله وحده
أما أبو حسين (نازح من تبنين الجنوبية) فقال: “خرجنا دون أكل أو شرب، لم نستطع الوقوف لشراء قطرة ماء للأولاد بسبب الوضع المأساوي والخوف الكبير، خاصة مع استهداف الغازية التي عبرنا من خلالها تحت القصف”.

وردّاَ على سؤال حول وجهته، قال: “أين أذهب معي زوجتى وأمي و6 أبناء، ومهنتي جزّار”، غادرت بالغلة ولا أملك سواها، وإنْ لم تتوفر لنا مدرسة نأوي إليها لنا الله وحده، والكورنيش واسع، حتى الأبناء الصبية يقضون حاجتهم في البحر بينما الفتيات سمح لهن أحد المطاعم بالدخول على مرحاضه”.

انقلب الحلم إلى كابوس
سارة (طالبة من بلدة صريفا – 14 عاماً)، قالت: “رغم أن القصف كان كثيراً من حوالى العام على مختلف القرى الحدودية، كنّا نتأمل أنْ يحل العام الدراسي، وتعود الأمور إلى نصابها خاصة أن قريتنا بعيدة عن المناطق التي تتعرض للقصف، لكن منذ يوم الثلاثاء (17 أيلول) تغيّر الحال”.

أضافت: “كان اول يوم في المدرسة وكنت سعيدة جداً، لأنّني طالبة شهادة البروفيه الرسمية لهذا العام، وأتأمل أن أنجح وأحقق تقديراً كبيراً، لكن مع عودتنا من المدرسة في ذلك اليوم، بدأ عدوان أجهزة “البيجر”، وسرعان ما تغيرت الأحوال، وانقلب الحلم إلى كابوس”.

وين بدنا نروح؟!
أما محسن (نازح من بلدة قعقعية الجسر) فقال: “على وقع صراخ الأبناء ورعبهم غادرتُ على عجل، عاشوا ساعات طويلة من العرب على الطريق، ووصلنا إلى بيروت لنعيش الذل، لا مكان نذهب إليه، وليس لنا أحد نحتمي بكنفه إلا الله، ولكما التجأنا الى مدرسة رسمية تستقبل النازحين يخبروننا بأنها امتلأت “وين بدنا نروح ولا نملك المال لاستئجار خيمة تأوينا؟!”.

خاص Checklebanon

مقالات ذات صلة