“قواعد الاشتباك” تحوّلت الى حرب… والركلة الاخيرة هي التي تحدد من يفوز!

ليست المرة الاولى التي ينفذ فيها العدو الاسرائيلي عملية اغتيال تستهدف قادة المقاومة، اكانوا لبنانيين او فلسطينيين، من ضمن الحرب الوجودية المفتوحة مع الكيان الصهيوني، منذ اغتصاب فلسطين عام 1948، مهد لها بمجازر ارتكبها ضد الشعب الفلسطيني، ما ادى الى تهجيره من ارضه، لاقامة مستوطنات لليهود الذين اوتي بهم من الشتات الى “ارض اسرائيل” وفق مزاعم التوراة والتلمود.

فاغتيال قائد “قوات الرضوان” في حزب الله ابراهيم عقيل مع 14 من رفاقه، كانوا يعقدون اجتماعاً تحت الارض في مبنى سكني، ادى الى استشهاد 31 شخصاً وجرح 64 في حصيلة اولية لتقرير من وزارة الصحة. فنجحت الاستخبارات “الاسرائيلية” في ان تسدد ضربة قوية لحزب الله في اسبوع واحد، بعد علمية تفجير لاجهزة اتصال يستخدمها مسؤولون وعناصر في الحزب، فبلغت حصيلة العدوان السيبراني عشرات الشهداء وآلاف الجرحى.

فالعمليتان هدفت منهما “اسرائيل”، ان تضرب البنية التحتية العسكرية واللوجستية لحزب الله و”قوات الرضوان” فيه، التي ترابض على “الشريط الحدودي” في الجنوب مع فلسطين المحتلة، وهي منتشرة للدفاع عن لبنان ضد عمل عسكري “اسرائيلي”، ومنذ عام في مساندة غزة، اضافة انها على استعداد للدخول الى الجليل المحتل مع اي تطور ميداني، وهذا ما يقلق قادة العدو الاسرائيلي الذين سعوا قبل عملية طوفان الاقصى، التي نفذتها كتائب القسّام في حركة حماس كما بعدها، اذ يتوقع مجلس الحرب “الاسرائيلي” (“الكابينت”)، ان تقوم قوات الرضوان بالدخول الى الجليل.

وسعت “اسرائيل” عبر الحل الديبلوماسي، ان تبتعد هذه القوات عن الحدود الى حدود مجرى نهر الليطاني، لكن طلبها رفضه حزب الله الذي كان فتح جبهة اسناد لغزة من الحدود الجنوبية، وفي مساحة جغرافية محددة بعمق لا يتجاوز خمسة وسبعة كيلومترات، وسميت المواجهة العسكرية بـ “قواعد الاشتباك”، التي كان العدو الاسرائيلي يخرقها فيوسعها نحو البقاع، ويقوم باغتيالات في الضاحية، وافتتحها باغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في كانون الثاني الماضي، ثم القائد الجهادي في حزب الله فؤاد شكر في تموز الماضي، والتي رد عليها حزب الله باستهداف الوحدة الاستخبارية المعروفة، ومواقع عسكرية صهيونية مستبعداً المدنيين.

فما كان يسمى “قواعد اشتباك”، والتي حرص عليها حزب الله بان حصر المواجهة في مساحة جغرافية، لكي لا يزج لبنان في حرب واسعة، فان العدو الاسرائيلي توعد بانه سيحول لبنان الى غزة، وسيعيده الى العصر الحجري، وهو ما بدأه منذ اسبوع، بعد ان اتخذ مجلس الحرب قراره بنقل الثقل العسكري الى الشمال والتفرغ لحزب الله، الذي اعلن امينه العام السيد حسن نصرالله ان المقاومة على اتم الجهوزية لمواجهة اي غزو بري للبنان، وان مجزرة الدبابات التي نفذتها المقاومة ضد دبابات “الميركافا” من الجيل الرابع في وادي الحجير وسهل الخيام ومارون الراس في حرب صيف 2006 ستتكرر وستكون اقسى، ولن تعود دباباته بل ستدمر وتحرق في مكانها.

فلبنان بات في مرحلة الحرب الفعلية، والمواجهة العسكرية الحاسمة مع العدو الاسرائيلي، الذي قرر ان تكون الحرب واسعة، فوصل الى الضاحية الجنوبية، كما البقاع والجنوب ايضاً، ولن تسكت المقاومة عن الرد، وهذا ما اعلنه السيد نصرالله في كلمته يوم الخميس الماضي، بعد مجزرتي الاتصالات، وحصلت عملية اغتيال قائد “قوات الرضوان” الشهيد عقيل ورفاقه، اضافة الى مدنيين، لتضع قيادة حزب الله امام وضع دقيق، لان ما تلقته من ضربة كان قوياً ولن تقف مكتوفة الايدي، بل استمرت في عمليات اسناد غزة، وتستعد للرد الذي كان سيحصل على الجريمة الموصوفة بالابادة، التي استهدفت نحو 4 آلاف مواطن يحملون جهازي “بايجر” و “توكي وكي”. فان الرد سيختلف عما سبق بعد اغتيال عقيل ورفاقه، وفق ما تقول مصادر قيادية في حزب الله، التي تشير الى ان الرد سيدرس في حلقة ضيقة جداً، كما قال السيد نصرالله، الذي عندما يعد فان وعده صادق.

والرد المنتظر الذي لا يعرف احد تفاصيله لجهة توقيته ومتى وكيف واين، سوى السيد نصرالله ومعاونيه العسكريين والامنيين. فاذا اراد العدو توسيع حربه، فان المقاومة جاهزة. ففي الحرب معارك فيها خسائر وانتصارات، وهي كر وفر، فاذا اعتقد رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ومجلس وزرائه وحربه، بانه سجل نقطة على المقاومة خلال هذا الاسبوع، فان الحرب طويلة ومفتوحة معه، من فلسطين الى لبنان واليمن والعراق وسوريا وصولاً الى ايران، اي كل ساحات المقاومة التي لها توقيتها، وهي في حالة تواصل وتشاور، وستتخذ القرار المناسب، وقد تكون الحرب شاملة وتتحول اقليمية، وهذا ما يرغب فيه نتنياهو الذي يرى الحرب انها مع ايران، وان “اسرائيل” تسعى لها منذ عقود وترى الخطر منها، منذ ان رأت طهران في فلسطين قضيتها انتصرت “الثورة الاسلامية” فيها لها.

فالحرب قائمة ومستمرة وهي وجودية، واسقط العدو الاسرائيلي كل المحرمات بألا تتوسع وان يوقفها في غزة، والتي حركت الحرب “الاسرائيلية” عليها ساحات المقاومة نصرة لاهلها من دوافع قومية وانسانية، ولانه مستمر فيها، فان المقاومة بكل فصائلها ستبقى في موقع المساند لغزة، ولن تكتفي بذلك، فقد تلجأ الى ردع قاس للعدو الاسرائيلي الذي لا يفهم سوى لغة الحديد والنار، وهذا ما تملكه المقاومة، لا سيما حزب الله في لبنان، الذي لديه من الامكانات العسكرية، ما يتركه يخوض معركة مصيرية ضد الكيان الغاصب وفق المصادر، التي تعترف بتسجيل نقاط لمصلحة العدو الاسرائيلي، الا انه لن يربح المعركة التي ما زالت في اشواطها الاولى، ولو مر عام عليها، فالركلة الاخيرة هي التي تحدد من يفوز بمباراة كرة القدم، وان المقاومة وان خسرت هدفاً، لكنها ستربح المباراة في حرب الوجود.

كمال ذبيان- الديار

مقالات ذات صلة