الأميركي غير متحمس والفرنسي لا يحسم…
لطالما كرر “حزب الله” مقولة عدم علاقة الحرب في غزة والجنوب بملف الاستحقاق الرئاسي، وهو أمر أعاد تأكيده الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير، مذكراً بأن أزمة الرئاسة عمرها نحو سنة قبل بدء الحرب، وبالتالي لا علاقة بين الملفين.
وشددت أوساط قريبة من الثنائي الشيعي على كلام نصر الله، لافتة الى أن الثنائي لا يربط بين الملفين، إلا أنها لم تنفِ ارتباطهما بسبب الأمر الواقع. وقالت في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “صحيح أن الاستخقاق الرئاسي كان متأزماً منذ نهاية عهد الرئيس ميشال عون، أي قبل الحرب بنحو سنة، إلا أن الحرب أتت لتعقد المشكلة أكثر، فإن كان الأميركيون غير متحمسين سابقاً، بعد اشتعال الحرب أصبحت أولويتهم إنهاءها، وتراجع الملف الرئاسي ربما حتى الى آخر صفحة في الملف اللبناني”.
ورأت الأوساط أن “فرنسا، على الرغم من افتراض حسن نيتها، لا تستطيع حسم الملفات في لبنان، والكلمة الأخيرة هي للولايات المتحدة، التي إن قررت أن يكون للبنان رئيس بعد ساعة، ستلتزم أكثر من نصف القوى السياسية، وتتجه الى انتخاب رئيس حتى لو كانت تعارضه، وهذا يحصل وفق الأجندة الأميركية في المنطقة”.
أما عن المبادرات إن كان من “الخماسية” أو الموفدين أو القوى المحلية، كالجولة التي يقوم بها الحزب “التقدمي الاشتراكي”، فالثنائي يرحب بها وفق ما أكدت الأوساط، معتبرة أن أي “تحرك يقرّب بين اللبنانيين مطلوب، بل ان الثنائي يشجعه ويدعمه، ويسهل له الطريق، ولكن هذا لا يعني التنازل عن ثوابته، ولا القبول بشروط الآخرين”.
ومن جهة اقتراب وقت التفاوض في المنطقة، وحاجة لبنان إلى رئيس جمهورية كي يفاوض باسمه، وإلا “ينتهي لبنان السياسي” كما قال المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان، ما يدفع الى التسريع في انجاز الاستحقاق، قللت الأوساط من أهمية هذا المنطق للاستحقاق الرئاسي، مشيرة إلى أن “لبنان الرسمي يتمثل في المحافل الاقليمية والدولية، عبر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، علماً أنها ليست وظيفته، ولكن هذا الموجود، وبالتالي في حال وصلنا إلى مفاوضات حول المنطقة، سيكون الرئيس ميقاتي ممثلاً للبنان اذا لم يكن هناك رئيس جمهورية”.
تجدر الاشارة الى أن الرئيس الأميركي جو بادين كشف مؤخراً عن مقترح اسرائيلي للوصول الى اتفاق بين “حماس” واسرائيل، ما سينعكس تلقائياً على الجبهة الجنوبية، وعلى الرغم من ذلك لا تتوقع القوى اللبنانية أن يحل موضوع الرئاسة بصورة سحرية بعد انتهاء الحرب، إلا إذا وضع ضمن الصفقة التي يقودها المستشار الأميركي آموس هوكشتاين، وبهذا الشكل تكون الرئاسة ورقة من الأوراق المستخدمة في التفاوض.
إذاً، لا ربط مباشراً بين الحرب والاستحقاق الرئاسي، ولكن الأحداث فرضت نفسها، وأصبح الملف معلقاً بالحرب، على الرغم من أن لا رغبة لأحد بهذا الربط، وذلك مرده إلى أن الدول لن ترى أولوية في شأن دستوري داخلي لبلد ما، بل ما يهمها التأثير بالمحيط والمنطقة، وهذا يعني أن إنهاء الحرب أولوية على كل الملفات الداخلية التي تعتبرها الدول الكبرى شؤوناً ثانوية قد تساعد فيها، وبذلك يكون الأمل في انجاز الاستحقاق بعيداً عن الحرب معوّلاً على لبننته عبر توافق القوى السياسية، وطبعاً أصدقاء لبنان العرب لا سيما السعودية التي تدفع باتجاه انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن حرصاً على استقراره.
محمد شمس الدين- لبنان الكبير