تفاؤل غير مضمون يعكّره الميدان المشتعل!

مؤشرات تفاؤلية عادت لتصدر من جديد عن المقرّبين من رئيس مجلس النواب نبيه بري في الساعات الماضية، حول تلقّي عين التينة اتصالات إيجابية من الموفد الأميركي آموس هوكستين عن حصول تقدّم في المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، وهو ما أعلن عنه إعلام العدو أيضاً قائلاً إن وقف لإطلاق النار مع لبنان خلال أيام إذا بقيت تفاصيل صغيرة عالقة ومنها رفض إسرائيل دوراً لفرنسا في آلية المراقبة.

هذا التفاؤل الحذر وغير المضمون حتى الآن، قابله استشراس إسرائيلي، ما يشي بأن الأمور لا تزال عالقة حول نقاط معينة، وأنَّ إمكانية حلحلتها قد تأخذ مدة زمنية ليست قصيرة. ما يعني أنّ الغارات المدمّرة التي يتعرّض لها لبنان من جنوبه إلى بقاعه وضاحية بيروت الجنوبية، سترتفع وتيرتها، إذ أن ما شهده الميدان أمس كان خير مؤشر على ذلك. وإن كان هذا التصعيد هدفه الضغط لإبرام الاتفاق، بعدما أعلنت المؤسستين الأمنية والعسكرية في الكيان موافقتها عليه وأن الأمر الآن متروك لمجلس الوزراء ورئيسه بنيامين نتنياهو، الذي ما زال يتحفظ على بعض النقاط، وبالتالي فإن نتيناهو قد يُفشّل المفاوضات في آخر لحظة كما فعل سابقاً.

على خط متصل، فإن الوضع معقّد في الجنوب، وقد بدأت تتضح معالمه ما يشي بأن الغموض لا يزال يكتنف المفاوضات التي أجراها هوكستين في الأراضي المحتلة، وما سُرّب من أجواء وصفت بالايجابية قد يكون مبالغاً فيها، فأجواء المفاوضات في إسرائيل هي على عكس ما تتعرّض له المناطق اللّبنانية من قصف مستمر ومجازر بحقّ المدنيين، كما استهداف الطواقم الطبية، حيث نفذ العدو غارة على دارة مدير عام مستشفى دار الأمل الجامعي علي ركان علام في دورس ما أدى إلى استشهاده.

في السياق، أشارت مصادر مواكبة لمحادثات الدبلوماسي الأميركي عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أنه لو أحرزت المفاوضات أيّ تقدم بين هوكستين والمسؤولين الإسرائيليين لكان أعلن ذلك في مؤتمر صحافي، لكنه احتكم للصمت.

وإذ اعتبرت المصادر أن التسويق لإمكانية التفاهم على وقف إطلاق النار مع لبنان، جاء من قبيل الحفاظ على خيط التواصل مع حكومة العدو بعد أن يكون هوكشتاين قد وضع الإدارة الأميركية في أجواء محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين، ما يعني أن تسوية وقف إطلاق النار على الرغم من كل الإيجابيات التي قدّمها الجانب اللبناني لم تنضج بعد، وهو ما تُرجم في التصعيد الميداني غير المسبوق.

ميدانياً، شهد الجنوب تطورات خطيرة من خلال عمليات التوغل التي قام بها العدو في عدد من المحاور، بدأها بالتمركز في دير ميماس في محاولة منه للالتفاف على مدينة الخيام. إلى ذلك، كانت إسرائيل قد منعت دورية مشتركة من قوات اليونيفيل والجيش اللبناني من المرور باتجاه مرجعيون، كما استهدف العدو عناصر الكتيبة الإيطالية التابعة لقوات اليونيفل، ودارت اشتباكات عنيفة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي على محور طير حرفا – شمع بعد قيام الأخير بعمليات هدم واسعة للمباني وتحويل المنطقة الى ارض مكشوفة. في المقابل أمطر حزب الله منطقة شمال اسرائيل بوابل من المسيّرات والصواريخ محققاً إصابات مباشرة بحسب بياناته العسكرية، كما قصف مدينة حيفا ومحيطها بصواريخ بعيدة المدى ملحقاً أضراراً فادحة.

في الشأن الداخلي، مرّ عيد الإستقلال وسط ظروف حالكة وصعبة على لبنان كما اللبنانيين، حيث غابت عنه المظاهر الإحتفالية للسنة السادسة على التوالي بسبب الوضع الإستثنائي على وقع الحرب المستمرّة منذ أشهر.

على خط منفصل، واستكمالاً للحراك الذي يقوم به والاتصالات القائمة مع جميع القوى السياسية، زار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط يرافقه النائب وائل أبو فاعور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في دارته، وجرى عرض للمستجدات الامنية ومفاوضات وقف إطلاق النار.

إلى ذلك ما زالت ردود الفعل الشاجبة والمستنكرة للتحريض على الفتنة المذهبية والتعرّض للقامات الوطنية تتوالى. وفي السياق، كان لافتاً موقف وزير الثقافة محمد وسام المرتضى الذي استنكر التطاول على الرئيس وليد جنبلاط، بالقول: “سيبقى أكبر من أن تنال منه سهام المغرضين والحاقدين والمشبوهين المرتبطين بأجهزة مخابراتية مشبوهة”.

الانباء الالكترونية

مقالات ذات صلة