خاص شدة قلم: هل تعرفون ما حدث في 6 أيار؟!
للأسف كثيرون يتصوّرون أسفله وكثيرون يتحدّثون عنه لكن أحداً لا يعرف من هم أصحابه.. إنّه تمثال الشهداء في وسط العاصمة بيروت.. بل في وسط الساحة التي حملت ولا تزال اسمه مع مرور السنوات الطوال..
اليوم 6 أيار (مايو) 2024.. في مثل هذا اليوم قبل 108 أعوام بالتمام.. ارتكب الحاكم العثماني الظالم مجرزة بحق أهل الحرف والقلم والكلمة الحق في وجه سلطان ظالم.. لأنه طالبوا بالاستقلال ونهاية الظلم والجور والحكم العثماني الطاغي..
في يوم أسود من التاريخ العربي.. وبتمام السادسة من صباح 6 أيار 1916،.. نُفّذ حكم الإعدام شنقاً في “ساحة البرج” ببيروت.. التي أصبحت منذ ذلك التاريخ تعرف باسم “ساحة الشهداء”.. و”ساحة المرجة” في دمشق تلبية لأوامر جمال باشا السفّاح..
بعد كل هذه السنوات وفي يوم “أهل القلم” دماؤنا تُسفك ولكن بأساليب متنوّعة ومختلفة.. دماؤنا تُراق على مذابح تغطية العدوان الإسرائيلي سواء في فلسطين أو لبنان.. وفي حروب العراق وسوريا وليبيا واليمن.. بالمختصر في كل الدول العربية أصبحت الصحافة “مكسر عصا”.. ولم تعد لا “صاحبة الجلالة” ولا “سلطة رابعة”.. بل يُستهان ويُعتدى عليها وما يعيشه الصحافي والإعلامي اللبناني خير دليل..
لا نكاد ننام على خبر استدعاء إعلامي إلى مركز تحقيق.. حتى نستيقظ على خبر اغتيال صاحب هذا القلم أو ذاك الرأي.. أو أقلّه الاعتداء عليه أو ترهيبه بأهله إن لم يكن بحياته.. ويبقى الفاعل “مجهولاً معلوماً”.. لكن لا أحد يجرؤ على الاعتراف.. وإنْ اعترف وتحدّث يُتّهم بإشعال فتائل فتن وأزمات البلد بغنى عنها.. وكأن من ارتكب العدوان والاعتداء والاغتيال “ملاك بجناحين”..
وبعيداً عن انشطار البلد ما بين فريق وآخر.. يبقى أن الرأي المُصان في مقدمة دستورنا.. وحرية التعبير عن المعتقد والتفكير المحمي ببنود تأسيس الوطن.. للاسف أصبحت تهمة يُعاقب علها القانون بذريعة “السب والقذف”.. وكلّما عُرضت على الشاشات برامج او انتقادات لا تتناسب مع هذه الجهة أو تلك.. تتحرّك الأجهزة وتنتفض التيارات رافعين شعار الغيرة على الدين والمعتقد والانتماء..
وبالعودة إلى تاريخ “السادس من أيار” ما يحزننا هو أن التمثال الأساسي الذي أرّخ للكارثة الإنسانية.. والذي نحته الفنان اللبناني يوسف حويك مجسّداً امرأتين “مسلمة مسيحية” يداً بيد فوق تابوت موحّد قد رُفع من موقعه ونُقل إلى “متحف قصر سرسق” في الأشرفية.. ليحل مكانه في العام 1956 تمثال الفنان الأيطالي مارينو مازاكوراتي.. الذي لا يزال حتى يومنا هذا رغم كل ما أصابه خلال الحرب العبثية..
مصطفى شريف- مدير التحرير