خاص شدة قلم: بصباح عيد العمّال.. بعدنا منسيين… بعد في جوع وشعب موجوع!
مع حلول العام 2000 أطلقت كارول سماحة أغنية “بصباح الألف التالت” كلمات منصور الرحباني وألحان أسامة الرحباني.. وورد في سياق الأغنية فقرة تقول “بصباح الألف التالت في منسيين.. في ناس بالمعتقلات صرلن سنين”..
هنا ومع صبيحة الأول من أيار 2024.. أي بعد مرور 24 عاماً على إصدار الأغنية.. يحل ما يُسمّى بـ”عيد العمال”.. ومازال العامل اللبناني لأي قطاع انتمى.. سواء حرفياً (نجار، سباك، حداد، مزارع) أو مهنياً (صحافي، طبيب، مهندس، محامٍ…) منسيّاً..
نعم ما زالنا منسيين.. بل ما زلنا كما تقول الأغنية عالقون داخل معتقلات منذ سنوات طويلة.. معتقلات السياسة والسلطة ومجون الزعماء الساعين لمصالحهم الشخصية.. أما اللبناني “العامل” أصبح “عاطلاً عن العمل”.. وجنى العمر سُرق وممنوع عليك رفع الصوت.. وإلا فعلاً ستُرمى في السجون.. والهجمات التي نفّذها مودعون على المصارف خير دليل..
نعيش في وطن أصبح معتقلاً كبيراً جداً.. نُظلم ونُجلد ونشارك في جلد أنفسنا وفي الختام نصمت ونستمر في تأييد المهزلة.. وما الانتخابات النقابية المهنية التي جرت مؤخراً إلا أكبر دليل على انطفاء “ثورة 17 تشرين الأول 2019” بل وئدت في مهدها.. وما عاد أمام العامل أي حق لرفع صوته.. وعاد السياسيون لسرقة يومياتنا وأحلامنا.. فدجّنونا وعوّدونا على سعر صرف الدولار الجديد.. مُنهين عصر “الليرة بخير” بعدما أصبحت في أسفل السافلين..
يحلّ الأول من أيار.. لا عيد عمال ولا من يحزنون.. كلّنا نعمل في اليوم الذي يجب أن نحتفي فيه بيوم واحد يميّزنا.. والأنكى رسائل وتغريدات السياسيين عبر مواقع التواصل مهنئين بها الشعب “المسحوق والمقهور” والطبقة العاملة بعيدها.. وكأنّهم ليسوا هم سبب هذا القهر والسحق والطحن.. حتى أصبحنا نقف بالطوابير نتوسّل بعضاً من الدولارات في المصارف وهي في الأصل مالنا وحقنا وجنى عمرنا..
أصبحنا نتوسّل الطبابة من الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية لأنّ تسعيرات الأطباء ما عادت للطبقة العاملة قدرة على دفعها.. أما الدواء فحدّث ولا حرج أسعار براكين متفجرة إنْ وُجِد.. فيما العلم والتعليم فلأبناء الأثرياء بينما أبناؤنا يُعيدون التاريخ نفسه … إبن إقطاعي يتعلّم وإبن العامل يخضع للأوامر ويلبي الطلبات..
بصباح الأول من أيار تبقى أمامنا رحلة طويلة من الآمال المعلقة على خشبة خلاص تتقاذفها أمواج الصراعات الدولية والمصالح والأجندات الإقليمية..
مصطفى شريف- مدير التحرير