تراث ومعاصرة في متاحف قطر لجذب السيّاح!
تمتلك قطر مجموعة متنوعة من المتاحف التي تجمع بين القطع الأثرية القديمة والأعمال الفنية الحديثة والمعاصرة التي تستهدف تعزيز منظومة الجذب السياحي لقطر التي باتت تقدم نفسها كوجهة سياحية إقليمية مميزة، سواء عبر منتجات السياحة الثقافية أو الترفيهية أو الرياضية أو التسويقية.
يأتي “متحف قطر الوطني”، كدرة تاج الثقافة القطرية، لكونه صورة مميزة تعكس تراث قطر الثري وثقافتها الغنية، ويروي قصتها منذ البدايات حتى العصر الحديث. ويعكس تصميم “متحف قطر الوطني” الهوية القطرية؛ إذ عمد مصمّمه المعماريّ الفرنسي جان نوفيل أن يأخذ تصميمه شكل الأقراص المتشابكة المستلهَمة من وردة الصحراء، والتي تستحضر نمط حياة الشعب القطري بين البحر والصحراء.
وفي أروقة المتحف، تنهمك “أمينة”، وهي معلمة في إحدى المدارس الخاصة في قطر، في تصوير المعروضات والتنقل بين أقسام المتحف المختلفة. وقالت لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنها حرصت على تصوير المعروضات لإعداد عرض تقديمي لتلاميذها الذين تدرس لهم تاريخ قطر، مضيفة أن تنوع المعروضات وتركيزها على تطور البيئة القطرية وأدواتها يسهل عليها رحلتها التعليمية مع طلابها.
وعلى كورنيش الدوحة، يتلألأ “متحف الفن الإسلامي” تحفة معمارية على جزيرة بنيت خصيصا لإقامة المتحف المطل على الواجهة البحرية لمدينة الدوحة والذي استوحى المهندس الصيني الأميركي العالمي الشهير “آي إم باي”، تصميمه من الخطوط المعمارية الإسلامية التقليدية. ويضم “متحف الفن الإسلامي” واحدة من أفضل مجموعات الفن الإسلامي، إذ يتضمن معروضات من ثلاث قارات، تمثل التنوّع الذي يتمتع به التراث الإسلامي الممتد من القرن السابع الميلادي وحتى القرن العشرين.
تقول جوليا، وهي أستاذة جامعية أميركية، في حديقة المتحف، إنها عشقت الأصالة التي تعكسها معروضات المتحف والتجربة الثرية الباعثة للراحة التي يضفيها المكان بتصميماته الداخلية أو حتى مدخله وواجهته الأمامية. وأضافت جوليا المعنية بالصحة العامة والمقيمة حاليا مع زوجها الذي يعمل في الدوحة أن المتحف يوفر تجربة ثرية أخرى حتى خارج جدرانه من خلال حديقته المطلة على مياه الخليج، والتي تأتي إليها للتأمل مع مجموعة من أصدقائها.
ويأتي “المتحف العربي للفن الحديث” ليقدم منظوراً عربياً فريداً للفن المعاصر بمجموعة تحوي أكثر من 9 آلاف عمل لفنانين من العالم العربي، بدءًا من أربعينيات القرن التاسع عشر وحتى الوقت الراهن، فضلا عن أعمال لفنانين ترتبط أعمالهم بالعالم العربي من أفريقيا وآسيا وأوروبا. ويقع المتحف داخل المدينة التعليمية، وهو من تصميم المهندس المعماري الفرنسي الشهير “جان فرانسوا بودين” وتسرد الأعمال المعروضة قصة العالم العربي بعيون الفنانين الذين يشاركون بأشكال فنية مختلفة من لوحات ووسائط مختلطة إلى منحوتات.
رؤى متاحف قطرية المبتكرة للفنون لم تتوقف عند المتاحف التقليدية، إذ امتدت إلى الرياضة عبر “متحف قطر الأولمبي 1-2-3” والذي يأخذ زائريه عبر أدوات سرد جذابة لسبر أغوار قصة تطور الرياضة وشغف قطر بها. والمتحف عضو في شبكة المتاحف الأولمبية، التي تضم حالياً 22 متحفاً أولمبياً في جميع أنحاء العالم.
ولم يتوقف نشاط مؤسسة “متاحف قطر” ومشاريعها الابتكارية على جدران المتاحف أو المعارض في قطر، بل امتد إلى مشروع أكثر جرأة وابتكارا هو “الفن العام”، إذ تمتلئ دولة قطر بأعمال فنية ومنحوتات لفنانين عالمين بارزين.
رحلة الفن العام في قطر هي أول ما يستقبل القادمين إليها عبر مطار حمد الدولي، من خلال مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية بينها سلسلة من المجسمات لقطيع من غزلان المها العربية في مبنى القادمين في المطار للفنان الهولندي توم كلاسن. كما أنها أيضا آخر ما يودعهم في صالات السفر من خلال منحوتة “صقر” خارج مبنى المغادرين في مطار حمد الدولي، ودمية “الدب المصباح” الشهيرة للفنان أورس فيشر، إذ يجلس الدب الأصفر الأنيق البالغ طوله 7 أمتار تحت مصباح مُضِيء، و”ساحة اللعب” للنحات الأميركي توم أوترنس، كما يمتلئ المطار بعشرات من الأعمال الفنية والمنحوتات في كافة جنباته.
وفي منطقة الريان، تثير المجسمات الضخمة للفنان داميان هيرست الدهشة والفضول لدى الزائرين لصرح “سدرة الطبي”، وهو المركز الطبي الأكاديمي الرائد في قطر لطب الأطفال والنساء. وتحتفي “الرحلة المعجزة” بجمال وروعة الحياة من خلال تجسيد عملية تكوين الإنسان داخل الرحم إلى أن يكتمل بشرًا سويًا.
ويضم العمل الفني “الرحلة المعجزة” 14 مجسماً برونزياً تستعرض في تجسيد مليء بالتفاصيل الدقيقة مراحل الحمل التي تبدأ بمرحلة التخصيب وحتى الولادة، وتنتهي المجسمات بتمثال طفل رضيع مكتمل النموّ يبلغ ارتفاعه 14 متراً. وتمتد رحلة “الفن العام” لمتاحف قطر حتى أقصى شمال البلاد على شاطئ الرويس بالعمل الفني “عائلة بقر البحر” للفنان أحمد البحراني، والذي يحتفي بكائن بحري يسكن مياه الخليج العربي منذ آلاف السنين.