معاقبة مسلسل تركي لإزعاجه الجماعات الدينية
فرض المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون (آرتوك) في تركيا غرامة قدرها 9 ملايين ليرة تركية (حوالي 300 ألف دولار أميركي) على مسلسل “البراعم الحمراء”، بحجة مخالفته مبدأ “عدم التعارض مع القيم الوطنية والروحية والآداب العامة ومبدأ حماية الأسرة”.
وتعرض المسلسل لانتقادات واسعة من جماعات دينية بدعوى أنه يسيء إلى تعاليم الإسلام ضمن أحداثه، حيث يستعرض قضية الحجاب ومخالفة الفكر الديني، بالإضافة إلى استكشاف الفكر العلماني في تركيا. وأدت الاتهامات إلى قيام أحد المستشفيات التي يتم تصوير عدد كبير من المشاهد فيها بإلغاء تصريح التصوير.
وأعلن أبوبكر شاهين، رئيس المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون، الأسبوع الماضي أن آرتوك يدرس الشكاوى ضد المسلسل، وأن قرار فرض العقوبة اتخذ بأغلبية الأصوات. ويأتي هذا القرار ضمن سلسلة من المشاكل التي تواجهها عدة مسلسلات تركية شهيرة بسبب تدخلات السلطة المسؤولة عن الرقابة.
وكان المسلسل الذي عرض على قناة “فوكس.تي.في” مثار جدل منذ الحلقة الأولى، حيث فُتح تحقيق ضده وفُرضت عليه غرامة مضاعفة وأُوقف بثه بسبب عدم التزامه بالمعايير الوطنية والأخلاق المجتمعية. في المقابل رفعت شركة الإنتاج “غولد فيلم” و”فوكس.تي.في” دعوى قضائية ردًا على العقوبات.
انتقادات واسعة بشأن الذريعة التي استخدمها المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون
من أجل معاقبة المسلسل
وتسلط قضية المسلسل الضوء على أهمية قرارات المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون والقضاء الإعلامي وتعقيدات هذه العمليات، حيث سيكون القرار النهائي للقضاء معيارا مهما لحرية الإعلام والتعبير في تركيا. وسيتحدد مصير مسلسل “البراعم الحمراء” نتيجة للأحكام القضائية والتحقيقات الجارية.
وعادة ما يفرض آرتوك عقوبات على العروض بسبب ما يصفه بانتهاكات للقيم الأخلاقية في تركيا أو لبناء الأُسرة أو غير ذلك من المسائل التي يعتبرها غير أخلاقية، وتحديدا حقوق مجتمع الميم. وينتقده ناشطون وأحزاب معارضة لتقييده سقف الحريات.
وقال منتج المسلسل فاروق تورجوت “إن المسلسل يعكس الواقع الاجتماعي لتركيا ويصور الصراع بين الشرائح العلمانية والدينية في المجتمع”. ونقلت صحيفة “حريت” اليومية عن تورجوت قوله “أحاول أن أعكس في مرآةٍ واقعَ المجتمع التركي. يجب أن تتم مناقشة الحقائق ولا يمكننا التقدم بتجاهلها. أعلنوا الحرب علينا، لكننا سنكافح حتى النهاية”.
وانتقد الصحافي والمؤلف التركي جان دوندار، الذي يعيش في المنفى، الذريعة التي استخدمها المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون من أجل معاقبة المسلسل، قائلا في منشور ساخر “ذلك لأن القيم الوطنية للمجتمع تشمل إبقاء المرأة في المنزل واستخدام الطوائف الدينية لتحقيق مكاسب مالية… أليس كذلك يا آرتوك؟”.
وكثيرا ما تواجه القنوات الإخبارية للمعارضة في تركيا قيودًا على بثها من خلال العقوبات التي يفرضها المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون، والذي يتم تعيين أعضائه بما يتناسب مع عدد المقاعد التي تشغلها الأحزاب السياسية في البرلمان، ما يعني أن حزب العدالة والتنمية الحاكم يهيمن عليها حاليًا.