خاص شدة قلم: وائل الدحدوح.. مَنْ أنت؟!.. هل أنت مثلنا.. أو من طينة أخرى لا نعرفها!؟

مَنْ أنت؟!.. أيُّ صبر وأيُّ قوّة وأيُّ جبروت أُنعم بِهم الله عليك.. حتى جعلت نارك برداً وسلاماً.. حتى حوّلت ألمك إلى إيمان.. حتى جاوزت صبر أيوب في التحمّل.. لا والله أكاد أُقسم ما أنت ببشري أو إنسان من لحم ودمٍ مثلنا.. بل ما أنت إلا ملاك أو مخلوق من طينة لا نعرفها.. طينة جُبلت من الصبر والسلوان وتفويض الأمر إلى الله وحده..

في المرّة الأولى رفع العالم أجمع قبّعاتهم أمام هامتك.. واليوم لا كرامة لهم إلا بالانحناء أمام جبروت صبرك.. لا قيمة لدمع ينهمر أو أنين وجع أمام دموعك المسكوبة من الوجنتين التي تحرق بصمت وكبرياء..

مُباركة هي البطن التي حملتك أشهراً 9.. ومُبارك هو الصدر الذي أرضعك العزّة والإباء والشموخ والصمود.. ومباركة هي الدار التي ربّتك على التفاني والإيثار في سبيل أغلى وأقدس قضايا الأرض..

أنت رجل في زمن عزّت فيه الرجال.. بل أصبحنا أشباه رجال.. ذكور نتباكى ونستنكر ونترحّم.. وندّعي بأنّه ليس بأيدينا إلا الدعاء.. بل الحق والحق يُقال إنّها حجج واهية.. وإنّنا إذا ما أكرمنا الله بشذرات من عزّتك وإبائك.. لكنّا اليوم نفتح أبواب القدس.. ونحرّرها من رجس أبناء إبليس..

وائل الدحدوح.. إسم دخل التاريخ والإنسانية جمعاء.. سُمرة غطّت وجهه الأبي المُعفّر بتراب الوطن الأغلى ودماء أسرة الشهداء.. الذين كفّنهم بيديه واحداً تلو آخر.. حتى استحق عن جدارة لقب “أيوب”.. بصبره وشدة عزيمته وتحمّله..

كلّما فكّرت للحظات أنّني لو كنتُ مكانك.. تعطّل تفكيري وانهارت قواي.. واختطفتني العبرات.. لأنّني لم أستطع بمجرد التفكير أن أحل محلّك.. فكيف لو أصابني على أرض الواقع.. لكنّني وبكل فخر رفعتُ صورتك في داري..

بل وعلّمتُ بناتي الصغيرات أنّ “هذا الرجل يا بابا بطل”.. منحه الله قدرة تحمّل حتى الجبال أَبَتْ أن تحتملها… نقل الصورة إلى العالم بأصدق وجع.. بأنّ هذه إسرائيل دولة بنت أسسها على دماء أهل الأرض والحق الفلسطيني..

مصطفى شريف- مدير التحرير

مقالات ذات صلة