لكل بلد تراثه الخاص: لا لهدم الأبنية الأثرية
وزارة الثقافة بالمرصاد
لكل بلد تراثه الخاص الذي يتغنى به مع تبدل الأجيال، بدءاً من اللغة حتى آخر تفصيل يلحق به. وعلى الرغم من صغر مساحة لبنان، إلاّ أنه شهد على العديد من الحضارات التي أخذ منها وأخذت منه، ولعل أبرزها فن العمارة الذي يعود إلى القرون الوسطى، ويمزج بين الشرق والغرب. ففي التسعينيات أجرت الحكومة اللبنانية دراسة استقصائية وأحصت أكثر من ألف مبنى مصنّف على أنه تاريخي في بيروت، أما المقدر اليوم من الأبنية التقليدية المتبقية فأقل من 300 مبنى.
وكأن عصف إنفجار المرفأ لم يكن كافياً من ناحية الدمار الفظيع الذي ألحقه بالأرواح والمباني، خصوصاً التراثية التي لا تزال حتى اليوم في مرحلة الترميم، ليجد بعض “المجرمين” بحق التراث الأسباب والذرائع الملتوية من أجل القضاء على ما تبقى من هذا الإرث، من خلال هدم هذه المباني، متحدين القانون والحق العام.
قبل أيام طلب وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى من النائب العام المالي علي ابراهيم تحريك الحق العام في وجه مالكي العقارين 417 و418 في منطقة الصيفي بعد أن علم أنهم يمعنون في تحدي القرارين اللذين صدرا عن الوزير وقضيا بمنع هدم هذين المبنيين، إذ تبيّن أن هناك ورشة جارية لتفكيك محتوياتهما من الداخل.
وأشار المكتب الاعلامي لوزير الثقافة في بيان إلى أن “النائب العام المالي أصدر على الفور أمراً لمفرزة السرقات الدولية للانتقال ووقف الأعمال ومن المنتظر أن يتم فتح تحقيق في الأمر واتخاذ اجراءات في حق المرتكبين المخالفين بما يضمن حفظ المبنيين وعدم المس بهما”.
المرتضى أشار لموقع “لبنان الكبير” الى أنه “بعد التدقيق في المعطيات التي وردته حول المبنيين، وتؤكد تراثية البناء المراد هدمه، منع عملية الهدم وأوقف تنفيذ القرار الصادر في العام ٢٠١٨ عن وزير سابق للثقافة، كما أرسل صورة قراره لابلاغها أصولاً من الجهات الادارية المعنية، كما كلّف المديرية العامة للآثار المتابعة والسهر على التقيّد بقرار منع الهدم”.
وأكد المرتضى أنه لم ولن يسمح بهدم أي مبنى تراثي بغض النظر عما اذا كان مدرجاً على لائحة الجرد ام لا، وبصرف النظر عن أي قرار معاكس يكون قد صدر في تاريخ سابق عن وزير سابق، “لأن الأمر يتعلق بالملكية العامة التراثية الواجب حفظها وصونها على الدوام”.
أمّا بخصوص تصنيف الأبنية على أنها تراثية، فالأمر يعود إلى المديرية العامة للآثار التي تصنّفها، بحسب المهندس المعماري حسين المولى الذي أوضح لموقع “لبنان الكبير”، أن “العقار عندها يدرج في الافادات العقارية والمجلس الأعلى للتنظيم المدني فيصبح أي تصرف بحق المبنى أو العقار المدرج يحتاج إلى قرار من وزارة الثقافة”، لافتاً إلى أن هناك شوارع ومناطق قد تكون أثرية، وليس بالضرورة مباني فقط.
وعن كيفية تصننيف هذه الأبنية على أنها أثرية، أجاب المولى: “هناك عدّة معايير على أساسها يتم التصنيف بناءً على مجموعة من المعايير التاريخية والثقافية، وتتضمن:
– العمر والتاريخ: تحديد فترة بناء المبنى وتاريخه يلعب دوراً مهماً في تصنيفه كأثر تاريخي.
– الأهمية التاريخية: تقويم مدى أهمية المبنى من حيث الأحداث التاريخية التي ربما شهدها أو المشاركة فيها.
– الطراز المعماري: تصنّف المباني بناءً على الطراز المعماري الذي تتبعه، مثل الفن القوطي أو الفن الباروكي.
– القيمة الثقافية: تحديد مدى تمثيل المبنى للقيم الثقافية والتقاليد الفنية في الفترة الزمنية التي يعود إليها.
– حالة الحفاظ عليها: تقويم مدى حفاظ المبنى على حالته الأصلية ومدى التعديلات أو التدمير الذي قد ألحق به.
– الأثر الاجتماعي: يأخذ في اعتباره كيف يؤثر المبنى على المجتمع المحلي والثقافة عموماً.
تجتمع هذه العوامل لتشكل نظرة شاملة حول القيمة الأثرية للمبنى وتوجيه قرارات الحفاظ عليه والرعاية الثقافية”.
ولا يخفي المولى أن هناك العديد من التجاوزات والرشاوى التي طالت هذه المباني والأماكن بهدف هدمها للافادة منها.
لبنان الكبير