ثأر وفوضى سلاح وبلد “واقف على صوص ونقطة”: هذا ما حصل مع سليمان سركيس
تتكشف يوماً بعد يوم فداحة تفّلت السلاح و”الأخذ بالثأر” في ساحة مفتوحة على كل شيء. وما جرى مع الشاب العريس سليمان سركيس، ابن الـ 28 عاماً يكشف هشاشة الوضع اللبناني “الواقف على صوص ونقطة” نتيحة سفك الدماء انطلاقاً من عمل فردي أو تقاليد عشائرية.
من مسيرة داعمة لغزة إلى عملية ثأرية نُفذت عن سابق تصور وتصميم، دفع ثمنها الشاب سليمان سركيس أمام محله في شكا، وهو يصارع الموت في مستشفى المعونات في جبيل.
4 رصاصات أفرغت حقد “البعض” أخذاً بالثأر، هذه العبارة التي أصبحت تتردد وكأنها تبرير لجرائم شنيعة تذهب ضحيتها خيرة الشباب. منذ شهر تحاول منطقة شكا وجوارها تهدئة الأوضاع بعد أن ارتفع منسوب التوتر فيها إثر اشتباكات وقعت في المنطقة بعد مسيرة داعمة لغزة تخللها إطلاق نار.
ومع ذلك لم يقع بسبب هذه الصدامات أي ضحية وإنما إصابة طفيفة لأحد أبناء عرب أنفه، إلا أن الإصرار على الثأر له جعل المنطقة تعيش على فوهة بركان.
وفي الخبر الذي نشرته الوكالة والطنية للاعلام جاء فيه “جاب موكب دراجات نارية من عرب أنفه عند منتصف الليل أي في 8 تشرين الأول شوارع بلدة شكا احتفاء بانتصار الشعب الفلسطيني.
وتعرض الموكب لإطلاق نار من سيارة رباعية الدفع أدى إلى إصابة أحد سائقي الدراجات، ونقل على أثرها إلى المستشفى للمعالجة. وسجل انتشار لعناصر القوى الأمنية لمنع حصول أي تطور أمني في المنطقة”.
يؤكد الصديق والمقرب من العائلة أمين بطرس في حديثه لـ”النهار” أن العريس سليمان الذي تزوج منذ شهرين يصارع الموت نتيجة إصابته بأربع رصاصات، اثنتان منها أصابتا الرأس. يمكن وصف ما جرى مع سليمان بأنه عملية اغتيال متعمدة، ويظهر الفيديو المسجل من إحدى الكاميرات المتواجدة ترجُّل أحدهم من السيارة واطلاق النار على سيارة سليمان الذي كان متواجداً أمام محله في شكا”.
وبالرغم من المساعي والجهود الحثيثة المبذولة من أبناء المنطقة لتهدئة الوضع وإعادة المياه إلى مجاريها تفادياً لأي حادث غير مرغوب، فإن الأمور اتخذت منحى آخر، بعد أن أقدم أحد الشباب على استهداف سليمان عمداً ولم تتمكن الأجهزة الأمنية حتى الآن من القبض عليه.
ويشدد بطرس على أن “التهديدات كانت تصل إلى بعض هواتف الشباب في المنطقة، وسُجل اطلاق نار أمام منزل أحدهم. وكان سليمان من بين الأشخاص الذين تعرضوا للتهديد بالقتل من قبل أشخاص من عرب أنفه، قائلين: “بدنا بيّك”، باعتبار أن والده متهم بالمشاركة في الاشتباكات التي حصلت خلال المسيرة من دون وجود أي إثبات على هذا الادعاء”.
ولم تسفر تدخلات أهل المنطقة عن تهدئة موجة الغضب التي تجتاح شباب عرب أنفه، على الرغم من عدم وجود أي ضحية منهم، ومع ذلك أصروا على الأخذ بالثأر.
وتعليقاً على ما حدث مع سليمان، يشير بطرس إلى أننا “ندفع ثمن تفلّت السلاح مرة جديدة، سليمان الصديق والقريب الذي لم يمضِ على زواجه سوى شهرين، يرقد في غرفة العناية الفائقة معلقاً بين الحياة والموت. حالته خطيرة خصوصاً أن هناك رصاصة انفجرت في الدماغ والأضرار جسيمة. حالته حرجة ويحتاج اليوم إلى صلاتنا وتضرعاتنا ليعود إلى زوجته وعائلته بسلام. لم يتسنَّ لسليمان أن يفرح بزفافه، هو الذي نشر صور زفافه قبل ليلة واحدة من عملية الثأر، وبينما نحاول تحمل مصيبتنا نفاجأ بنشر الشاب الذي أطلق النار صورة مكتوب تحتها “وعَد ونفّذ…زلمة بكل معنى الكلمة”.
يتوارى الفاعل وشقيقه ووالده عن الأنظار، ويرقد سليمان في العناية الفائقة، يدفع الشاب العريس ثمن إصرار البعض على سفك الدماء والثأر على فعل لم يؤذِ أحداً. هكذا تسير الأمور في بلد مثل لبنان، وهكذا نُعيد زمن “البلطجية” وقوة السلاح المتفلّت لفرض هيبة الدولة.
اليوم كل ما يحتاجه سليمان يتمثل بنقطتين، الأولى صلاتنا ليعود إلى عائلته سالماً ويخرج من هذه المحنة الصعبة، والثانية أن تأخذ العدالة مجراها ويحاسب الفاعل على فعلته.
ليلى جرجس- النهار