خاص شدة قلم: فليخرس كل رخيص.. في زمن الدم الغالي!!
يوم أمس ختمنا شهراً ودخلنا آخر على يوم “النصر الإلهي” الحقيقي بعملية “طوفان الأقصى”.. ولكن ما الذي تغيّر بين 7 تشرين الأول و7 تشرين الثاني؟!.. تبدّل الكثير والكثير جداً.. 10468 شهيداً فلسطينياً وأكثر من 27 ألف جريح.. نسبة كبيرة منهم بحالة الخطر.. ارتقوا للقاء وجه ربّهم الأعلى..
وعلى المشهد اللبناني كانت الصورة ارتفاع حصيلة شهداء العدوان على الجنوب إلى أكثر من 70 شهيداً.. بدءاُ من المصور الصحفي الزميل عصام عبدالله.. ووصولاً إلى ودّاع زهرات الجنوب الشهيدات الثلاث وجدّتهن.. وما بينهن العديد من المدنيين الذين اغتيلوا عمداً أو قصفاً.. يُضاف إليهن مقاتلو حزب الله على الحدود..
وماذا بعد؟!.. يأتيك مَنْ يتبجّح بالتهجّم على “ثكالى أطفال غزّة والجنوب”.. منتقداً بكاءهم وترحّمهم على مَنْ “وئدوا ظلماً وعدواناً”.. ليصل الأمر بالمنتقدين إلى وصف المتألّمين بالمتباكين.. سائلاً: أين كنتم حين كان أطفال ناغورني كاراباخ من الأرمن يموتون؟!.. أين أنتم والضمير العالمي غائب عن السمع من قضيّتهم؟!
ببساطة و”بلا لف ودروان”.. فليخرس كل لسان يتكلّم لمجرّد الكلام.. فليخرج من يعزف على وتر العرقية والمناطقية والتمييز العنصري.. وليصمت كل من يسأل عن مصير أطفال شُرّدوا وقتلوا هنا وهناك حول المعمورة.. لأنّ الأولوية اليوم وغداً وقبل الغد.. وإلى “يوم الدين” لأطفال فلسطين.. وللأجيال التي كبرت وترعرعت مسلوبة الحق والحقيقة.. مسلوبة الأمل بوطن ذي سيادة وحدود وكيان.. أطفال لعبتهم الحجر وسلاحهم التاريخ إنْ حكى.. لكنّه “شاهد أخرس على أكبر خيانة للدين والأرض والعرض والشرف والمروءة والكرامة”..
وعلى المقلب الآخر.. يأتيك فوج ثانٍ من روّاد مواقع التواصل.. الذين حملوا الترند “وداروا به” أوّل أيام العدوان.. اكتساباً لأكبر قدر من المشاهدات.. وانتفضوا لمجزرة المستشفى المعمداني “وصالوا وجاولوا”.. لكن خفّت عزيمتهم مع مجزرة جباليا.. وغابوا عن السمع من المجازر المتوالية.. ليعودوا و”يركبوا الموجة” مع شهيدات عيناتا..
والأنكى أنّهم اليوم يطالبون بالعودة إلى الحياة الطبيعية.. فطالما “بعدت عن ظهري بسيطة”.. لا طبعاً لم تبتعد ولم تغب عن جنوبنا.. الذي صُنّف ليل أمسه بالأسوأ والأقسى والأقصى.. حيث تجاوز العدوان حدود القرار الدولي 1701.. بانتظار تكشّف نتائج العدوان والتأكد من ارتقاء شهداء أو إصابة جرحى أم لا!!
آن الأوان اليوم أن يخرس المتاجرون بالقضية.. أنْ يخرس النخّاسون وباعة الضمير في سوق الأمم.. لأن لعبة الأمم أكبر من كل متخفٍّ خلف منصة من وسائل التواصل للاستثمار ورفع مستوى الأرقام.. ليبقى تأكيد أنّني لا أشمل.. بل أخص كل رخيص في زمن الدم الغالي جداً جداً…
والد الشهيدات الثلاث ضحايا العدوان الصهيوني الوحشي في عيناثا
مصطفى شريف – مدير التحرير