بمناشير كاتمة للصوت تعمل على «البطارية»: تجارة الحطب “تزدهر” والرقابة “فوق الشجرة”!
« قصداً أو عن غير قصد»، تُشعل البلديات الحرائق في القرى، أكثر من ثلاثة مكبّات عشوائية في منطقة النبطية تابعة للبلديات اشتعلت، وتسببت بحرق مساحات واسعة من أشجار الزيتون والحور والأشجار المثمرة. عجز السلطة المحليّة عن إيجاد حلول لأزمة النفايات يُحرق القرى. هذه الحقيقة المرة، بدأت تؤرق مصادر بيئية متابعة.
في زمن الأزمات، يضاف إلى لائحتها حرق النفايات وقطع الأشجار. يكاد لا يمر يوم من دون حرائق متنقّلة. البيئة في خطر والمستفيد تجّار الحطب. يستغلّ هؤلاء عجز البلديات والجهات المعنيّة عن الرقابة، فيستأثرون بالثروات الحرجية، مهدّدين المساحات الخضراء وصحّة المواطنين. لا تهدأ حركة تجار الحطب هذه الأيام، مناشيرهم لا تترك شجرة. مساحات واسعة انتهكت واحتلت، و»على عينك يا وزارة ويا بلدية».
ارتفعت التعديات على الأشجار في منطقة النبطية، ويعجز حراس الأحراج في وزارة الزراعة عن إحصائها، معظم العمليات تتمّ خارج الدوام أو فجراً.
أمّا جديدهم، فيستخدمون مناشير كاتمة للصوت تعمل على «البطارية»، ما يتيح لهم القطع بحرية تامة. كلما اقتربنا من فصل الشتاء، «تزدهر» أعمالهم. لا يسلم أي حرج او حقل ولا حتى أشجار الأنهر من شرّهم. ترتفع أعدادهم بشكل لافت، إذ صار كل مواطن تاجر حطب، حيث دفعت الأزمة المعيشية العديد نحو هذه التجارة. معظمهم يعمل من دون تراخيص.
يعمل «يونس» في هذه التجارة، بالطبع لا يملك إذناً. يبحث عن أماكن بعيدة عن الأنظار. يقطع ما تطال يداه ويأتي بغنائمه، مستغلّاً غياب الرقابة وتحلّل الدوائر العامة على حدّ قوله «الحطب مربح، تخطى المتر المكعب الواحد الـ150 دولاراً وربما أكثر. أجمع كميات كبيرة من حطب السنديان والحمضيات والحور والزيتون، فالطلب كبير». يتمسك بكلمة «مدعوم» حين تسأله عن المحاسبة، مردّداً: «عم بقطع الشجر للتدفئة والفائض للبيع». يتجوّل في القرى والبلدات، يقطع، يحمل، يقصّ يبيع، أما الرقابة فمقطوعة أيضاً. إذاً، أين حراس الأحراج ممّا يحصل في البيئة؟ وماذا عن الحرائق المتنقلة؟
مصادر متابعة أكدت أنّ «الأزمة المالية الحالية وتدنّي الرواتب حالت دون الرقابة الصارمة، يضاف اليها غياب التبليغات، فالناس لا تقدم شكوى عن قطع الأشجار»، ولا تخفي المصادر نفسها حقيقة أنّ «الأحراج والمساحات في تناقص مستمر، التعديات كبيرة جداً لا يمكن إحصاؤها». تضيف أنّ «الأزمة شرّعت تجارة الحطب».
ما يحصل هو جريمة موصوفة في حق البيئة. والأخطر أنّ هؤلاء التجّار يسرقون الحطب ويبيعونه بأسعار باهظة الثمن للمواطن. غياب الرقابة والمحاسبة مكّنهم من اللعب على وتر الأزمة واستغلالها. وترى المصادر أنّ «تعاون الأهالي يُمكن أن يحدّ من مخاطر هذه الظاهرة، ولكن أحداً لا يهتمّ، يشاهدونهم يقطعون الأشجار ويغضّون الطرف. تكاد أن تكون محاضر الضبط محدودة، ليس لأنّ وزارة الزراعة تتراخى في الأمر، بل لأنّ الإخطارات محدودة». وتعلّق المصادر بالقول إنّ «محضر ضبط واحد وغرامة مالية مرتفعة وإعلانها قد تقطع الطريق على كل من تسول له نفسه ارتكاب هذه المجازر الطبيعية. لكن هذا الأمر غير مطبّق، وبالتالي تستمر الاعتداءات على البيئة التي صارت في خطر، تُهدد ثروة لبنان وحقّ الأجيال فيها».
رمال جوني -نداءالوطن