صيدا تُعاند بالموسيقى.. ولو لليلة واحدة

تعاند صيدا الصورة الأحادية التي تحاول جهات إسلامية متطرفة فرضها على المدينة. وهذه المرة التمرد بالموسيقى، مع عودة مهرجانات صيدا الدولية” بعد انقطاع دام ثلاث سنوات، وذلك في 30 أيلول/سبتمبر الجاري، بحفلة يتيمة يحييها العازف والمؤلف الموسيقي غي مانوكيان، في خان الإفرنج.

ويعود مانوكيان إلى صيدا بعدما شارك في النسخة الأولى من مهرجاناتها العام 2016، إلى جانب الفنانة نانسي عجرم. حينها شنت حملات للمطالبة بمنع الحفل الذي “يسيء للمناخ الإسلامي”. وانتشرت لافتات في المدينة حينها كتب فيها “صيدا لن ترقص”، رداً على لافتات “صيدا تغني”، وهي العبارة التي اتخذت شعاراً للمهرجانات الفنية، إضافة إلى التهديدات التي تلقاها منظمي المهرجان، ومنها: “لا تجربوا صبرنا لا تختبرونا”، “خياراتنا مفتوحة براً وبحراً وجواً وستتحول المياه إلى نيران والسماء إلى غبار”، حسبما جاء في بيانات نسبت إلى مجموعات متطرفة في المدينة وذيّلت بعلم “داعش”.

ورغم التهديدات، رقصت صيدا آنذاك، ولو بحذر. ولم يكن احتجاب المهرجان الدولي لثلاث سنوات إلا بسبب “سوء الوضع الاقتصادي وجائحة كورونا”، حسبما أوضحت رئيسة “لجنة مهرجانات صيدا الدولية” نادين كاعين.

وأكدت كاعين لـ”المدن” أن “تهافت الجمهور على شراء البطاقات منذ اللحظات الأولى لطرحها للبيع، دليل على تشوق أبناء المدينة ومحيطها للقاء مانوكيان الذي أمتعهم قبل سبع سنوات”، مشيرةً إلى أن البطاقات نفدت تقريباً، وأن الحفلة ستضم حوالى ألف شخص، ما أعطى دعماً معنوياً كبيراً للمنظمين”.

للثقافة حصة

ويحاول المعنيون في صيدا استعادة مكانة المدينة في الخريطة السياحية مجدداً، ولو بحفلة يتيمة أو نشاطات خجولة. وقالت كاعين: “حاولت لجنة مهرجانات صيدا إقامة المهرجان العام 2022، لكن غياب الداعمين والرعاة حال دون ذلك”، مشيرة إلى أن المهرجان حافز لاستقطاب أشخاص من المدينة كما من خارجها.

وما يميز “مهرجانات صيدا” عن الأحداث التي تنحصر في الترفيه، هو قدرتها على توفير تجربة متكاملة لزوارها تدمج بين الترفيه والثقافة، حيث يتنقل الحاضرون بين الأزقة التاريخية من خان الإفرنج نحو “قصر دبانة” ومتحف الصابون و”خان صاصي” وسوق النجارين وباب السراي وغيرها من المعالم، كما أن “المهرجان يترافق مع سوق مأكولات وسوق حرفيين”، حسبما أوضحت كاعين.

التصدي للون الواحد

ومنذ حادثة اغتيال القضاة الأربعة العام 1999 على دراجة نارية في صيدا، ارتبط اسم المدينة بغياب الأمان، ومنذ ذلك الحين مُنعت الدراجات النارية في المدينة، على اعتبار أنها تسهل الجرائم كالقتل والسرقة والنشل وغيرها. وعزز تلك الصورة النمطية قرب المدينة من مخيم “عين الحلوة” وتتالي الأحداث الأمنية التي تؤكد أن الوضع في المخيم قابل في أي لحظة للانفجار.

تلا ذلك تفجيرات متتالية لمحال كحول العام 2001، على أيدي جماعات إسلامية متطرفة رأت فيها صورة تتنافى مع “صيدا المدينة المسلمة”. ومنذ ذلك الحين، تحاول تلك الجماعات صبغ المدينة بلون واحد. وآخر تلك المحاولات كانت حادثة “المايوه” على شاطئ المدينة العام، قبل أشهر.

وخلافاً للصورة التي يحاول بعضهم إلباسها لصيدا، يتواجد في المدينة أنشطة فنية وثقافية متواصلة، ولو على نطاق ضيق، في محاولة لتقديم صورة متنوعة عن صيدا. وفي هذا السياق، قالت كاعين: “نحن لا نقدم صورة مختلفة عن صيدا، نحن نقدم الصورة الحقيقية للمدينة”.

https://www.instagram.com/p/CwndomfM2g8/?utm_source=ig_embed&utm_campaign=embed_video_watch_again

المدن

مقالات ذات صلة