لبنان يردّ على وزير الإرشاد في “ولاية الفقيه: مهرجانات من كل الطوائف والمناطق “!
فدرالية ثقافية… مهرجانات الطوائف والمناطق
لبنان يعلّم اللبنانيين أن يكونوا أفراداً من دون سند. ربّما مبادراتهم الفردية وما يسمّى “إبداعاتهم” متأتّية من كونهم يولدون ليتدبّروا عيشهم بمفردهم. ليست مياه “الصحّة” أو “تنّورين” هي التي تجعلهم مبدعين. شظف العيش هو الذي يجعل منهم “مبدعين” وأصحاب ريادة. يتجلّى في كلّ شؤون الحياة. أهمّه في الثقافة والإصرار على الحفاظ على شيء من هويّة البلد كمصدر إشعاع ونور. الجيّد والسيّء في آن هو أنّ الفعل الثقافي ينبعث من عقل مناطقي. وهذا أجمل في الثقافة وإبداعها، إذ هي تشمل التنوّع بعيداً عن أيّ مركزية.
على الرغم من الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بلبنان، والدعوات المتعاقبة والفاشلة لعقد مجلس النواب وانتخاب رئيس للجمهورية، معطوفتين على فشل جهابذة السياسة في إدارة أبسط الأمور، من الكهرباء إلى المصارف، ومن النفايات إلى المياه، يبدو أنّ الثقافة اللبنانية أو النشاطات الثقافية تخترق جدار الأزمات وتجتاز المطبّات الكثيرة، وتسلك طريقها ولا تنتظر أحداً، ولا تريد رعاية أحد.
والحال أنّ لبنان شهد مجموعة كبيرة من النشاطات الفنية والاستعراضية، لكن الأهم الثقافية التي لم تأخذ حقّها في وسائل الإعلام… من بيروت إلى مختلف المناطق والبلدات:
– بدءاً من مهرجانات الصيف التي انتهى بعضها وبدأ بعضها الآخر، من بعلبك على الرغم من كلّ شيء، إلى بيت الدين وجبيل وإهدن وجونيه، مروراً بمهرجانات البلدات والقرى.
– إضافة إلى عشرات المعارض التشكيلية في صالات بيروت من الأشرفية والرميل إلى الروشة والجمّيزة، التي تعكس الواقع الثقافي اللبناني والعربي.
– وهناك مجموعة من الندوات في مراكز ثقافية ملوّنة، من نشاطات مركز تراث بيروت في مكتبة السبيل، إلى ندوات المركز العربي في الصيفي، إلى ندوات مركز التراث اللبناني الذي كانت آخر نشاطاته الاحتفال بمئوية كتاب النبي لجبران خليل جبران…
– إلى إصدارات دور النشر (الآداب، النهار، نلسن، نوفل)، وكلّ النشاطات التي تأتي في إطار تعدّدية المدينة وتنوّعها الفكري والسياسي والاجتماعي.
صيدا تتجاوز عين الحلوة
البارز هذا العام هو النشاطات الثقافية التي جرت في أكثر من مدينة ومنطقة بعيداً عن مركزية بيروت المألوفة: مدينة صيدا ومعها مناطق أخرى (الهرمل، حمّانا، برج البراجنة)، على الرغم من الويلات التي أفرزتها معارك مخيّم عين الحلوة، شهدت مهرجان “نحن والقمر جيران”، الذي تضمّن ندوات ومعارض وعروض رقص.
المهرجان لامركزي، متعدّد التّخصّصات، نظّمته “مجموعة كهربا” في الأماكن العامّة. وهو بحسب البيان الصحافي “ثمرة تاريخ طويل من اللّقاءات، وسنوات من التّبادل، والمحادثات، والوفاء والثّقة في علاقاتنا الإنسانيّة والمهنيّة مع فنّانين/ات ومبرمجين/ات ومؤسّسات ثقافيّة نتشارك وإيّاهم/هنّ رؤية مشتركة: الثّقافة للجميع وفي كلّ مكان”!
إهدن “بالعكس”
استطاع “معرض إهدن للكتاب” أن يتحوّل إلى موعد سنوي مُنتظم. ومنه انطلقت فعّالياتُ دورته السادسة عشرة، وتتواصل حتى العشرين من الشهر الجاري.
المعرض الذي تأسّس عام 2008، بمبادرة محلّية حملت عنوان “بالعكس”، لم يكن في بداية الأمر أكثر من مساحة للتواصُل المباشر بين عددٍ من الفاعلين الثقافيّين، لكنّه سرعان ما تنامى في الأعوام اللاحقة، فتركّز العمل عام 2011 ضمن مجموعة أوسع، هي “اللقاء الثقافيّ – زغرتا الزاوية”، حسب ما يُوضّح بيان المُنظّمين المتوفّر على موقعهم الإلكتروني.
يحرص عددٌ من الكُتّاب على توقيع إصداراتهم من خلاله، ونجح في استقدام كُبريات دُور النشر المحلّية، في حين يظلّ الأهمّ من كلّ ما سبق هو ما يتوافد إليه من جمهور واسع.
درّة الشمال تبعث ثقافة الحياة.. و”تبصم باسم الله”
أعلنت عاصمة الشمال طرابلس عن مهرجان سينمائي، وشهدت إعلان “جمعية تيرو للفنون” و”مسرح إسطنبولي” عن إقامة الدورة الثانية من “مهرجان لبنان المسرحي الدولي” في الفترة الممتدّة من 28 إلى 31 آب الجاري في “المسرح الوطنيّ اللّبنانيّ المجاني” تحت شعار “طرابلس عاصمة للثقافة العربية”. وما فعلته دُرّة الشمال ما هو إلا خير دليل على هذا الأمر.
هذا المهرجان الذي قرّرت لجنته أن تقدّمه تحيّة إلى روح الفنّان خالد القاسمي، يتضمّن عروضاً مسرحية عربية وأجنبية، منها “المركب” من إخراج شرح البال عبد الهادي من ليبيا، و”ابصم بسم الله” من أداء وإخراج مصطفى الهلالي من العراق، و”السلطان” من تأليف وإخراج سالم المنصوري من قطر، و”رشة فنّ” من إخراج امنى الغربي من تونس، و”بانتظار الطّيور” من تأليف كارلوس بيسوا وإخراج آنا بالما وهيرلاندسون دوارتي من البرتغال، و”أمل في الحياة” من أداء وإخراج زيلور الرّحمن جون من بنغلاديش وكندا، و”هو يجر أنا نجر” من أداء محمّد أكيوض من المغرب، و”مسرح إعادة تمثيل” لفرقة تيرو للفنون من لبنان.
المتن و”بيت المستقبل”.. ووزير الإرشاد في “ولاية الفقيه”
في سياق استبدال المبادرة الفردية من دون انتظار حضور دولة الحزب وثقافته عبر وزير الثقافة حسين مرتضى، فقد دعت بلدية بكفيا والمحيدثة بالتعاون مع بيت المستقبل إلى حضور افتتاح معرض للّوحات الفنّية لعدد كبير من الرسّامين الراحلين والمعاصرين الذين أقاموا في ربوع البلدة.
هكذا “تمضي” الثقافة في البلد، في وقت يسعى وزير الثقافة إلى أن يتحوّل شرطيّاً ورقيباً على الثقافة ووصيّاً على المجتمع.
يريد الوزير مرتضى أن يرشد إلى مخاطر الثقافة الغربية والباربيات، لكنّ لبنان ردّ عليه بالنشاطات الثقافية والفنية.
ايمن جزيني- اساس