من سِفاح القربى.. إلى اغتصاب.. إلى تعنيف.. إلى إتجار بالبشر: عودوا إلى تنفيذ عقوبة الإعدام!
… «ستطلَع الصرخة» من دون شك، وسينبري كثيرون للقول باستغرابٍ ودهشة: «ولكن كيف؟ هل من المعقول أن هناك مَن يطالب اليوم بتطبيق عقوبة الإعدام».
في المجتمعات الراقية والمتقدِّمة ولا سيما في الدول الأوروبية ومعظم الولايات المتحدة الأميركية، خُفِّفَت الأَحكام، من الإعدام إلى المؤبَّد وما دون، ولكن في المجتمع اللبناني الذي انحدر إلى التخلّف، مجدداً، تصبح المطالبة بالعودة إلى تطبيق عقوبة الإعدام «قرارات لا بدّ منها»، من أجل ردع هذا الفلتان المتفاقِم على كل المستويات، إلى درجة أنه حتى البيوت والعائلات لم تعد ملاذاً آمناً.
لا يمر يومٌ إلا ويضج المجتمع بأنواع من الجرائم لم تكن تحدث في السابق إلا نادراً، أما اليوم فأصبحت من اليوميات: من سِفاح القربى إلى اغتصاب إلى تعنيف إلى إتجار بالبشر، إلى قتل لأتفه الأسباب، هذه الأنواع من الجرائم باتت خبراً عادياً، لاستسهال حصولها، ولاعتقاد مرتكبيها بأنهم مشمولون بـ»حمايات»و»حصانات»، إلى درجة أنّ الآدمي أصبح استثناءً، والمجرم أصبح هو القاعدة.
في الزمن الجميل من عمرِ هذا الوطن، لم تكن الدولة، والعهود المتعاقبة، تجد حرجاً في تنفيذ أحكام الإعدام، بدأ ذلك منذ العام 1947، واستمر حتى العام 2004، على مدى سبعة وخمسين عاماً، تم تنفيذ 41 حكمَ إعدام، كان كل تنفيذ حكم إعدام يعطي مفعولاً أكثر من عشرات أحكام السجن المؤبَّد.
ولئلا يسارع مغالون في رفض عقوبة الإعدام، نسأل: هل لبنان اليوم أفضل من سبع ولايات أميركية تُنفَّذ فيها أحكام الإعدام؟ هل لبنان أفضل من 56 دولة تحتفظ بقوانين عقوبة الإعدام وتنفّذ عمليات إعدام، ولم تصدر السلطات فيها إعلاناً رسمياً يشير إلى التزامها عدم تنفيذها؟
هناك 106 دول لا يسمح القانون فيها بعقوبة الإعدام، لكنها دول تطبق القانون ولا يتدخل سياسيوها في شؤون القضاء، كما هي الحال في لبنان. قد يُقال إن أحكام الإعدام يجب أن يوقعها رئيس الجمهورية، ولكن، وعلى غرار الكثير من القرارات التي ينطبق عليها مصطلح «قرارات الضرورة»، فإنّ في كثير من الأحيان، في الظروف الراهنة، هناك «إعدام الضرورة» في محاولةٍ للجم الفلتان والانهيار، ما حوَّل البلد إلى مجتمع عصابات وجرائم منظمة وغير منظمة.
هناك قضاة تحقيق يطلبون حكم الإعدام لأشخاص دينوا بجرائم يعاقِب عليها القانون، وصولاً إلى الإعدام، لكن يبقى على محكمة الجنايات أن تأخذ القرار بالإعدام، وحتى لو لم يُنفَّذ الحكم، فإنّ وطأته على المحكوم تبقى ثقيلة وبمفاعيل أنه طُبِّق، فبمجرد صدور الحكم بالإعدام، يصبح المحكوم في وضعِ تهيب، كما يبدأ باستخلاص العبر مما اقترفت يداه.
لبنان يتجنَّب تنفيذ أَحكام الإعدام خشية أن تأتي ردود فعل قاسية من جانب الإتحاد الأوروبي ومن جانب الولايات المتحدة، وتكون ردود الفعل هذه عبارة عن إلغاء المساعدات، لكن كيف تبيح الولايات المتحدة لنفسها، في سبعِ ولايات، ما ترفضه لغيرها؟
على السلطات اللبنانية أن تقارن بين أهمية المساعدات وحيويتها، وبين العودة إلى تطبيق أَحكام الإعدام، فإذا كان الخيار الثاني هو الأفضل لمصلحة الدولة اللبنانية والمجتمع اللبناني، فلماذا الإنتظار؟ هل إلى حدّ تصبح فيه الجريمة «عدَّاداً» في المجتمع؟
جان الفغالي- نداء الوطن