أرقام وحقائق مخيفة عن التحرّش الجنسي والاتّجار بالقصّار…وأطفال القمامة!

ما خطيئة الطفولة البريئة ان تترك في احشاء القمامة، او على قوارع الطرق وتحت الجسور، او تنتهك اغتصابا حتى الموت، أو من خلال التحرش الجنسي، او تُباع كما لو انها سلعة. هؤلاء الأطفال الذين وصفهم الله في القرآن الكريم “المال والبنون زينة الحياة الدنيا”، وجاء في الانجيل المقدّس “الأبناء عطيّة الله وعلامة رضاه”. الا انه وللأسف بات الكثير من الناس ينظرون الى فلذات اكبادهم على انهم عبء أكثر من مصدر قوة. وحكمة الله كانت في ان يتزوج الرجل والمرأة لمدى الحياة وينجبان أطفالا يعرفونه ويمجدونه بدورهم (مرقس 9:10؛ ملاخي 15:2).

وبغض النظر عن الطريقة والظروف التي يأتي بها الأولاد الى العائلة، فإنهم هدية من الله وهو يهتم بطريقة تربيتنا لهم، ويعطينا تعليمات واضحة حول كيفية استخدامها. هم زهرة الحياة وفرحها. وهناك آباء يدفعون اثمانا باهظة لإنجابهم، ويتعذبون ويدفعون آلاف الدولارات ويمكثون في الانتظار عشرات السنوات، لعل وعسى ان ينعم عليهم الله بالضنا.

أطفال القمامة

شاعت اخيراً ظاهرة “اتّباع الهوى” من خلال التهاون والاستهتار بحياة الأطفال، خاصة حديثي الولادة، برميهم في ثنايا حاويات النفايات، او ركنهم بجوارها داخل “صندوق كرتون”، او في “كيس” لإخفاء ذنب وجريمة، بدفنها في أقذر الأماكن، لظنهم ان هؤلاء الأطفال سينتهون منسيين في سلال القمامة.

وفي هذا السياق، قالت مصادر متابعة لقضية الاعتداء على الأطفال لـ “الديار” ان “عدد الأطفال الذين يتم العثور عليهم بهذه الحالة او بشكل مشابه، يصل الى العشرات من جنسيات مختلفة، وما ظهر للعلن في الأيام الأخيرة لا يعكس الواقع الفعلي وما خفي أكبر”.

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل هذه الجرائم قديمة ومتجددة؟ ام انها ظاهرة مستجدة في المجتمع اللبناني؟

جمعية تبيع القصّار

بعد ان ارتكبت جمعية “قرية السلام والمحبة” مخالفات صارخة، تتعلق بالاتجار والتحرش الجنسي بالأطفال، قررت القاضية المنفردة الجزائية في بعبدا جويل بو حيدر، الناظر في قضايا جنح الاحداث والاحداث المعرضين للخطر، اقفال هذه الجمعية وختمها بالشمع الأحمر بعد سلسلة من الانتهاكات السافرة ضد القصّار الموجودين داخلها. وفي هذا السياق، صرحت المحامية دان آصاف في حديث تلفزيوني “ان عمليات تحرش جنسي سُجلت في وقت سابق بالجمعية، لكن ما استجد هو جريمة الاتجار بالبشر”. يشار الى ان القضاة كانوا يضعون الأطفال في هذه الجمعية لحمايتهم ليتبيّن العكس.

وفي معلومات خاصة لـ “الديار” ان مديرة الجمعية ن. س وشريكها مختار بلدة الهلالية في صيدا باعوا طفلة لشخص مغترب بـ 3000$ وتقاسموا المبلغ. وبحسب المعلومات فان التحقيق مستمر بـ 4 حالات مماثلة اخرى، حيث ان قيمة العمولة تتجاوز الـ 7000 آلاف دولارا اميركيّا.

الأرقام الى ارتفاع

وبعد جريمة اغتصاب الطفلة لين طالب التي هزت الرأي العام اللبناني والعربي، و”الفيديو” المسرّب من داخل حضانة “غارد ريف” الذي يوثق تعنيفا للأطفال، ورمي الأطفال في مكبات النفايات، وأقذرها كان فضيحة الاتجار والتحرش بالقصّار. فبحسب جمعية “حماية”، فقد سجل لبنان ارتفاعا في حالات العنف الجنسي ضد الأطفال من 10% عام 2020 الى 12% عام 2022، ووصلت الحالات الى 2193 حالة عنف في العام 2020، منها 248 حالة عنف جنسي، ووصل الرقم في العام 2021 الى 2111 حالة منها 80 حالة عنف جنسي، وحتى تموز الحالي تم تسجيل 1725 حالة من بينها 203 عنف جنسي.

وتوزعت حالات العنف المسجلة هذا العام بين 46% للإناث و54% للذكور، وتبين ان معظم المعنفين هم من الأطفال السوريين بنسبة 74%، يليهم اللبنانيون بنسبة 25% و1% من جنسيات أخرى. كما ظهر ان 51% من حالات العنف الجنسي المسجّلة في الجمعية خلال عامي 2021 و2022 قام بها مقربون من الاسرة.

وفي هذا السياق، علمت “الديار” ان فتاة من محافظة جبل لبنان تبلغ 15 عاما تعرضت للاغتصاب من قبل شقيقيها “م. أ.” و “ن. أ.”، وذلك بعلم والدتها “ت.س” وتم توقيف الشابين المتورطين في مخفر حبيش. أيضا تعرض الفتى ب. خ. (10 سنوات) من بلدة مشمش العكارية لاغتصاب من قبل الشاب ه. ض. (20 سنة) وتم القاء القبض عليه، ويذكر هنا، ان وضع المعتدى عليه الصحي غير مستقر وبحاجة الى مراقبة مستمرة في المستشفى.

ظاهرة خطرة!

على خطِ موازِ، كشف الاب مجدي علاوي خادم جمعية “سعادة السماء” لـ “الديار، ان هذه الظاهرة “تزداد بشكل كبير، وستتضاعف بسبب الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وسنشهد تسجيل حالات مماثلة في الايام المقبلة”، مشددا على “انه من غير المسموح ترك الأطفال في “كرتونة” تحت الجسور وقرب مكبات القمامة، لأنه كان من المحتمل ان يموت هؤلاء الرضّع، والانسب وضعهم امام المؤسسات الاجتماعية والجمعيات الخيرية التي تعنى بتربية الأطفال”.

تابع “غايتنا عدم إبقاء الأطفال في الاديرة والجمعيات وانما اعادتهم الى ذويهم، ولكن عن طريق الاتحاد لحماية الاحداث الذي يقوم بزيارة الاهل للكشف على وضعهم المعيشي والنفسي، وإذا كانوا مؤهلين لرعاية أطفالهم، وعلى هذا الأساس يتم تقرير مصير الأولاد”، لافتا الى “انه في حال كان الاهل غير قادرين على تربية أطفالهم، لا يحق للقضاء إعادة الأولاد”، أضاف: “نتفهّم أوضاع الاهل الصعبة والمتكدّرة، ولكن يجب إبقاء الاطفال داخل الجمعية التي تؤمن لهم الرعاية الصحية والتربوية، وتحرص على نيلهم أدنى حقوقهم الطبية والاجتماعية”.

التشدد بمنح التصاريح

وطلب الاب علاوي من وزارة الداخلية “التأكد من الأشخاص الذين يفتحون جمعيات، وباتت كثيرة في الآونة الأخيرة، وأصحابها إما كانوا يعملون في مؤسسات مماثلة وتركوها، وإما ليسوا على قدر من المسؤولية”، وأردف “يمكن تقديم المساعدات من خلال الجمعيات الحالية الشرعية والموجودة في مختلف المناطق اللبنانية”، متسائلا “لماذا يجب ان نفتح مؤسسات جديدة غير موثوق بها ولها غايات أخرى”؟

وقال: “في العام 1982 كان لبنان يبيع القصّار، واشكر ربي على القضاء، لان قاضي/ة الاحداث هو من يشرف على ملف الطفل مباشرة، وله/ها الصلاحية بوضعه تحت حماية الاحداث ضمن مركز يقدم الرعاية التربوية والاجتماعية والنفسية”. واكد “انه لا يجوز لأي مركز او جمعية وهب الطفل او بيعه الى عائلة، ويعود للقاضي المتابع للملف ان ينظر إذا كانت هذه الاسرة تستحق ان تتبنّى هذا الولد ليتم انشاء ملف عائلة بديلة”.

وعلّق الاب علاوي على موضوع اغلاق جمعية “قرية السلام والمحبة” بالقول: “اقفالها بالشمع الأحمر لا يكفي، وحبّذا لو بقي هؤلاء الأطفال في الشوارع، لكانت الحيوانات ارحم بهم من البشر”.

اما في ما يتعلق باغتصاب الأطفال فقال: “يوجد قانون يعاقب الفاعل على جريمته، ولكن المشكلة في الاهل والاقارب الذين ينسون ان تسترهم على الفاعل، قد يجعل أطفالهم منحرفين ومدمنين وبائسين ويفكرون بالانتحار فقط، لأنهم يخافون من الجُرصة ومن نظرة المجتمع”.

الديار

مقالات ذات صلة