«فوتوسيشن» تصلح لمستحضرات التجميل وليس للطفل | ماغي بو غصن كليشيهات حتى الابتذال: شوفوني!

إعلان الممثلة اللبنانية عن تعيينها سفيرةً لجمعية «حماية» خرج عن مساره الطبيعي الذي يتمثّل في التوعية حول ظاهرة العنف ضد الأطفال، ليتحوّل إلى استعراض لجمال وأناقة الفنانة. في الحملة التوعوية التي انتشرت صورها أخيراً، تحوّلت الممثلة اللبنانية إلى «امرأة كاملة الأوصاف»، وأنستنا الطفلة الصغيرة التي ظهرت معها!

إنّ الصورة المرفقة بهذا المقال ليست بوستر مسلسل ستلعب بطولته ماغي بو غصن ويُعرض في شهر رمضان 2024. بل إنه ملصق لحملة أطلقتها جمعية «حماية» لنشر التوعية حول ظاهرة العنف ضدّ الأطفال، وعيّنت الممثلة اللبنانية سفيرةً لها. أحد المعلّقين على السوشل ميديا، اعتقد أنّ الجلسة الفوتوغرافية كانت إعلاناً عن الموسم الرابع من مسلسل «للموت» (كتابة نادين جابر وإخراج فيليب أسمر وإنتاج إيغل فيلمز) الذي جمع ماغي ودانييلا رحمة، وعُرض في ثلاثة مواسم متتالية آخرها في رمضان الماضي، ليسأل: «ريم وسحر راجعين» في إشارة إلى الشخصيتين اللتين أدّتهما الممثلتان اللبنانيتان في العمل الدرامي الذي انطلق من طفولة فتاتين في دار أيتام، وصولاً إلى علاقتهما بالرجال. لكنّ هذه الصور المتخمة بالكليشيهات حتى الابتذال، وتركّز على جمال ماغي بوغصن، تندرج ضمن حملة جمعية «حماية». قبل أيام من نشر هذا الملصق، سرّبت ماغي فيديو قصيراً لها تتعارك فيه مع إحدى الأمهات في الشارع بسبب تعنيف الأخيرة لابنها. الفيديو مشهد تمثيلي هابط، حيث يُظهِر ماغي بمثابة الـ«المرأة الخارقة» التي تخلّص طفلاً من يدي والدته المعنِّفة. فيديو كان أولى علامات ضعف الحملة، التي غرقت في كليشيهات بائتة من دون أي إبداع أو خيال أو حتى محاولة إيجاد فكرة جديدة تتمحور حول الطفولة وقضاياها وحمايتها.

كان يمكن غضّ الطرف عن فيديو حملة «حماية» من باب أخذه لـ«نيّته الحسنة»، رغم تدنّي مستواه الفني والتقني والإبداعي، لكنّ الطامة الكبرى أنّ هذا الفيديو أُلحق ببوسترات الحملة التي لا يمكن أن تمرّ من دون التوقف عندها. نشرت ماغي بو غصن مجموعة صور لها ضمن جلسة تصوير على صفحاتها على السوشل ميديا، وهي جالسة على الأرض وتحتضن طفلة تحميها من العنف عبر إخفاء معالم وجهها. إلى هنا، لا يحمل البوستر أيّ جديد، لكن في المضمون، فإن الإعلان قام بتسليع الطفولة وعدم التعاطي بمسؤولية مع قضايا الأطفال. فقد طغى الاعتناء بالشكل الخارجي للممثلة على حساب قضايا الطفل الأساسية، وبدت الممثلة هي الحكاية والبطلة. ظهرت ماغي بكامل بجمالها، معتمدةً على وصلات الشعر الاصطناعية التي تصل إلى أسفل الظهر، مع فستان مكشوف من دون أكمام، فضلاً عن ماكياج قوي. حتى إنّ الناظر إلى الإعلان يخال نفسه ضمن حملة إعلانات لأحد مستحضرات التجميل ولا ننسى اللون الزهري الذي غطّى على المشهدية. كما زيّنت بطلة مسلسل «كاراميل» (تأليف مازن طه وإخراج إيلي حبيب) ذراعيها بعبارات كُتبت باللغتين الإنكليزية والعربية، تدعو إلى حماية الأطفال وعدم استخدام العنف ضدهم. كأنّنا بهذه الصور أمام إيغال في تشييء المرأة، والركوب فوق القضايا الإنسانية، خصوصاً حقوق الطفل، من أجل أن تبقى ماغي نجمةً وبطلةً في أعمالها الدرامية كما في حملاتها ذات الأهداف «الإنسانية». ارتكزت ماغي على الشكل الخارجي لصورتها كفنانة، على حساب قضية حماية حساسة تتعلق بحماية الطفولة. لا شيء يستدعي كل هذا «الجمال» الاصطناعي والتكلّف، من دون تقديم فكرة واضحة للتوعية ضد العنف. فقد خرجت الصورة لتبدو رسالة للجمال فقط، ولم تستطع الممثلة أن تتحرر في الإعلان من فكرة كونها ممثلة، وبأنها بطلة أحد الأعمال الدرامية.

سبق الإعلان تسريب فيديو ترويجي لعبت فيه الممثلة دور الـ«المرأة الخارقة»

على الضفة نفسها، عند الحديث عن الأطفال والحملات المرتبطة بالتوعية بقضاياهم، لا بدّ من التوقف جيداً حول كل تلك الحملات التي تتلطّى خلف شعارات «فضفاضة» ورنّانة، ولكنّ المضمون غالباً ما يكون سطحياً ويصل إلى درجة التسليع. وبدل إيصال الفكرة بأقصر العبارات واللقطات، كان المشاهد أمام «فوتوسيشن» للممثلة، خصوصاً أننا في زمن نستيقظ فيه يومياً على أخبار العنف بكل أشكاله ضدّ الأطفال، من العنف اللفظي وصولاً إلى الجسدي والجنسي، آخره قضية الطفلة القتيلة لين طالب التي تحوّلت إلى قضية رأي عام، إلى جانب تعنيف إحدى دور الحضانات في لبنان الأطفال فيها والعثور على مواليد جدد مرميّين في شوارع لبنان.

لذلك كان على الممثلة أن تدرك حجم المسؤولية التي أُوكلت اليها، وتضع جمالها جانباً ولو لمرة واحدة وتظهر بصورتها الحقيقية كونها أماً في الواقع، بعيداً عن صورة المرأة الكاملة الأوصاف الجمالية، لأن أداء مهامّها في الإعلانات لا يضعها في منافسة مع باقي الممثلات على خطف دور بطولة مطلقة لمشروع درامي.

باختصار، يبدو أن الممثلين (ات) بحاجة إلى دروس في كيفية التمييز بين الإعلان لجمعية تُعنى بالقضايا الإنسانية، وعملهم في المسلسلات التلفزيونية.


سفيرة «حماية»
«ماغي تمثل نقطة قوة للتأثير على الرأي العام». بهذه العبارات شرح سيرج سعد المدير التنفيذي لـ «حماية» الأسباب التي دفعت القائمين على الجمعية لاختيار الممثلة اللبنانية كسفيرة لها، خلال مؤتمر صحافي أقيم أمس في نادي الصحافة في فرن الشباك في بيروت، للتوقف عند تعاون الجمعية مع الممثلة اللبنانية. استفاض سعد بالتعريفات حول الأهداف المبتغاة من الجمعية التي تأسّست قبل 15 عاماً، لافتاً إلى أنها تسعى إلى «نشر التوعية للوقاية من العنف ضد الأطفال، مع الحفاظ على خصوصية الطفل». وكشف سعد أنه بناءً على إحصاءات أجرتها «حماية» خلال العامين الماضيين، فإن العنف ضد الأطفال في لبنان، ارتفع بنسبة 6%، وهذا مؤشر خطير. وأشار إلى أنّ رسالة الجمعية «هي تعزيز الدعم لإيصال أصوات الأطفال». واختتم حديثه بالتأكيد على أن التعاون بين «حماية» وماغي لن يقتصر على هذا الإعلان فحسب، بل ستتبعه مشاريع تثقيفية سيُكشف النقاب عنها قريباً، بحسب تعبيره.

من جانبها، اعتبرت ماغي أنّه بسبب مَهامها الجديدة كسفيرة في «حماية»، أصبحت أكثر حرصاً على مواضيع الأطفال، لأنّها أصبحت منبراً للتوعية حول هذه الآفة التي تضرب المجتمع. وعرّجت الممثلة على بعض القضايا الآنية في المجتمع، من بينها قضية وفاة الطفلة لين طالب، إلى جانب الأطفال الرُّضَّع الذين وُجدوا أخيراً مرميين في الطرقات، داعية إلى محاسبة الأهل والأشخاص المعنِّفين، لأن ذلك يُعَدُّ جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون. لم تنسَ الممثلة أن تشكر الجمعية على اختيارها لها، قائلة: «تقود حملة إنسانية في زمن نفتقد فيه للإنسانية»، مختتمةً حديثها بالتشديد على التوعية الجنسية للأطفال في المدارس للتبليغ عن التحرّش أو الاغتصاب اللذيْنِ قد يتعرّضون لهما.

زكية الديراني- الاخبار

مقالات ذات صلة