العطورات المميزة للأغنياء فقط: التوجّه نحو شراء العطور المركبة بـ 10 دولار!
يعتبر العطر جزءًا جوهريًا من شخصية المواطن اللبناني، على إعتباره ورغم كل الظروف الصعبة التي يمرّ به، هاويًا للموضة ومهتمًا بنظافته وترتيبه أينما كان.
البعض يميل إلى العطور الثقيلة والعالية الديمومة والثبات كالعود العربي، فيما يفضل آخرون العطور الخفيفة الحمضية ورحيق الفواكه.
ولكن، ولّى زمن»العطور الجميل» لدى شريحة كبيرة من المواطنين اللبنانيين، على إعتبار أنّ الرخاء والرفاهية باتا من ماضي الزمن الجميل. وبدأت مرحلة البحث عن بدائل أقل تكلفة في زمن الإنهيار المالي وبلوغ الدولار رقمًا قياسيًا لامس المئة ألف ليرة لبنانية تقريبًا.
لذلك، تعتمد محال العطارة الصغيرة على بيع العطور»البديلة» أو تلك الأصناف»غير الأصلية» على إعتبارها أقلّ سعرًا، فيما تنشط شركات تؤمن زيوتًا عطريةً مستوردةً من الخارج. وهناك أيضًا بعض وكلاء العطور الأجنبية الذين يحاولون قدر المستطاع تأمين سلعهم بأسعارٍ مدروسةٍ لهدف بيع أكثر ومنافسة أكبر ولو بربحٍ أقلّ.
لا شكّ أنّ محال العطور الأصلية، حافظت على زبائنها الأوفياء، لكنّها في المقابل خسرت ذوي الدخل المتوسط والموظفين وأيضًا ميسوري الحال، وباتت تعتمد فقط على الأغنياء لبيع عطورها (تباع العبوات الأصلية بـ200 وصولًا للـ400 دولار وأكثر).
التوجّه نحو شراء العطور المركبة
بات واضحًا توجّه العديد من اللبنانيين (الفقراء- ذوات الدخل المحدود والموظفين) إلى محال تركيب العطور البديلة لشراء عطورهم اليومية التي بإستطاعتهم إستعمالها متى شاؤوا، باستثناء المناسبات المهمة والأعياد الرسمية، يحتفظون بتلك الأصلية التي بات سعرها يتخطّى راتبهم الشهري.
ولاحظ أصحاب محال بيع العطور إزديادًا في الطلب على العطور المركبة (لاسيما الزيوت الفرنسية المشابهة للعطور الأصلية) ليستخدمون التركيبة المشابهة، لأنّه ورغم كل شيء، يبقى اللبناني أنيقا ومرتبا ويواكب الموضة.
في حديثه للدّيار، يؤكد الأستاذ محمد كسار، صاحب احد محلات العطورات أنّ»العطورات المميزة أصبحت حكرًا على الأغنياء فقط، متأسفًا، نتيجة تدهور وضع المواطن اللبناني على إعتبار أنّ العطورات الأجنبية بقيت على حالها، بأسعارها بالدولار».
ويقول: «قنينة العطر التي كانت بـ100 دولار، لا تزال بالسعر نفسه، ولكن اليوم هذا الرقم يساوي 9 مليون وهو رقم صعب بالنسبة للذين يتقاضون رواتبهم بالعملة الوطنية».
وعن سؤال كيف تأثرت عملية البيع والشراء في مجال العطور، أشار كسار إلى أنّ»البيع تأثر بشكلٍ كبيرٍ لاسيّما العطورات الفخمة، كون أسعارها عالمية، لذلك خفّت القيمة الشرائية لدى العديد من زبائننا».
ويفيد بأنّ»عطور التركيب أيضًا لا زالت متأثرة بالأزمة الإقتصادية حتى الساعة، لأنّ شريحة كبيرة من الزبائن، أي الطبقة الشعبية، التي كنّا نعتمد عليها، يستصعب عليها جدًا تركيب العطورات اليوم».
وعلى صعيدٍ آخر، يشير إلى أنّنا»كسبنا شريحة جديدة من الزبائن مع مرور الوقت، والتي هي في الأساس كانت طبقة ثريّة، (لكنها أحيانًا كانت تلجأ إلى عطورات التركيب) عادت اليوم للعطورات الأصلية فقط، لأنّ الـ100 والـ200 دولار ليس رقمًا خياليًا للمرتاح ماديًا. ونحن اليوم، نعتمد في قطاعنا على هذه الفئة من الناس فقط».
وعن كيفيّة مواجهة هذا القطاع، إعتبر أنّ»الحلّ الوحيد اليوم، هو دراسة الأسعار ومحاولة إستقطاب أكبر عدد ممكن من الزبائن المختلفة، وبيع العطر الأصلي (100 مل) بـ100 دولار، وبيع عطورات التركيب التقليد (أيضًا 100 مل) وبنفس الحجم، بـ10 دولار فقط».
أزمة تجّار.. بلا رقابة ولا نقابة
ولفت في حديثه، إلى «عدم وجود نقيب حتّى الساعة لهذا القطاع، على إعتباره مجال حديث، و«ليس أساسيًا»، على العلم بأنه قطاع يفيد الإقتصاد المحلي ويحرّك العجلة الإقصادية.
والمشكلة الأكبر تقع على عاتق التجار الذين يحاولون إحتكار السوق بمنتجاتهم، ولا من أرضية مشتركة بين تجارنا كقطاع عطور تركيب.
الديار